عندما نراجع التأريخ، نجد فيه الکثير من الدروس والعبر ذات المغزى العميق، حيث نجد فيه الکثير من من المسائل والمواضيع والقضايا الملفتة للنظر، لکن أهم شئ يجب الانتباه إليه، هو إنه وعندما يتم تتبع تأريخ الحضارات والنظم السياسية والفکرية المختلفة، نجد لکل منها فترات تشهد فيه الازدهار والقوة و التقدم فيما هناك أيضا فترات الضعف والانحلال والسقوط، ومن الواضح إن التأريخ يعيد نفسه وليس الحاضر بمنأى عن السنن التأريخية والطبيعية، ولعل وبعد 41 عاما من حکم نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، ، فقد صار هناك إقتناع کامل بأن هذا النظام يعيش فترة الانحطاط والضعف والانحلال التي تمهد کما هو واضح ومعلوم للسقوط الحتمي، خصوصا وإن هناك إجماع بين المراقبين والمحللين السياسيين المختصين بالشأن الايراني بأن المرحلة الحالية التي يمر بها النظام الايراني هي مرحلة بالغة السوء من کل النواحي ولم يسبق وإن واجه نظيرا لها على مر العقود الاربعة المنصرمة.
الاوضاع الصعبة جدا التي يواجهها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية والتي تزداد وخامة يوما بعد يوم على مختلف الاصعدة وبشکل خاص الداخلي حيث تتفاقم الامور بوجه السلطات الايرانية من جراء إستمرار الاحتجاجات الشعبية الصاخبة التي يعترف المسٶولون الايرانيون بأنها تضاعفت هذه السنة أکثر من العام المنصرم بثلاثة مرات وإن شهر آب/أغسطس الماضي لوحده قد شهد 331 تحرکا إحتجاجيا في سائر أرجاء إيران وهناك ثمة حقيقة لابد من الاقرار والقبول بها وهي إن هذه الاحتجاجات هي أساسا إمتداد لإنتفاضتي أواخر عامي 2017، و2019، ومع إن السلطات الامنية تبذل کل مابوسعها من أجل أن تستعيد زمام الامور بيديها وتسيطر على الاوضاع کما في الفترات السابقة، لکنها لاتبدو قادرة على ذلك والدليل هو إن الشعب الايراني لم تعد ترهبه الاساليب القمعية خصوصا بعد أن بلغت أوضاعه مستوى من الوخامة بحيث لايمکن تحمله.
المشکلة الاکبر والاهم التي ليس بإستطاعة النظام الايراني إزاحتها من أمامه، هي إن هناك بالاضافة للإحتجاجات الشعبية الواسعة و الضغط الخارجي، بديل سياسي صاعد لهذا النظام، يتمثل في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية الذي صار بإعتراف النظام نفسه أکبر قوة معارضة ضده وهو من يقف خلف کل مظاهر الرفض والاحتجاج ضده، والذي يجعل موقف ووضع النظام أکثر خطورة وإحراجا، هو إن هذا المجلس لايکتفي بالنضال الداخلي والمواجهة المباشرة ضد النظام وانما يسعى أيضا لتوظيف النضال الخارجي أيضا وکشف وفضح هذا النظام وتعريته على حقيقته، وإن المٶتمرات والتجمعات الدولية والنشاطات المختلفة الاخرى والتي تحرص المقاومة الايرانية على القيام بها دونما ملل أو کلل، لم تعد مجرد نشاطات عادية أو لاتأثير وتداعيات لها على النظام بل وعلى العکس من ذلك وحتى إن التذکير بسعي النظام لتنفيذ مخططه الارهابي في عام 2018 والخاص بالسعي لتفجير مکان عقد التجمع السنوي للمقاومة الايرانية في باريس والذي کان يحضره قرابة 100 ألف إنسان، يثبت مدى خوفه من هذه النشاطات والى أي درجة تشکل خطرا وتهديدا يحدق به.