19 ديسمبر، 2024 4:46 ص

مرحبا بضيوف العراق

مرحبا بضيوف العراق

في منتصف التسعينات كان السيدان حسين سعيد ود. عبد القادر زينل نائب رئيس وأمين سر الاتحاد العراقي لكرة القدم يقومان برحلات مكوكية خارج العراق لأهداف كثيرة أغلبها يصب في مصلحة الكرة العراقية يوم كان الحصار الاقتصادي والرياضي يضرب العراق بكل قوة , وذات يوم كنا في ( مقصورة ) الصحافة في ملعب الشعب الدولي عندما لمحنا سعيد وزينل وهما يجلسان في المقصورة الرئيسية للملعب , وهنا انبرى الزميل العزيز فيصل صالح – المعروف بمشاكساته – وكتب على ورقة بيضاء أمامه ( مرحبا بضيوف العراق عضوي اتحاد الكرة ) محاولا إرسالها إلى السيد محمد حسين عبد الرسول المذيع الداخلي للملعب , ووسط ضحكات الجميع طلبنا منه عدم الإقدام على ذلك خشية عليه من ( بطش) رئيس الاتحاد .
تذكرت تلك الحكاية الطريفة وأنا انتظر خبر وصول وفد منتخبنا الوطني من استراليا بعد انتهاء بطولة آسيا يوم أمس , ووجدت بأن علينا الترحيب بضيوف العراق الستة من ( أعضاء ) الاتحاد العراقي لكرة القدم  الذين ذهب معظمهم ( للاستجمام ) في استراليا .
وإذا عدنا لواجبات الأعضاء الستة لوجدنا بأن السيد عبد الخالق مسعود قد حضر لكونه رئيس الاتحاد ولديه واجب رسمي بحضور اجتماعات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ووجوده لا غبار عليه أبدا , أما نائبه السيد علي جبار فهو رئيس الوفد العراقي ووجوده أيضا لا يشكل أية علامة استفهام – رغم تحفظنا على كثرة سفراته ووجود اسمه ضمن أغلب الوفود المغادرة خارج العراق – , أما السيد كامل زغير فهو مشرف المنتخب وقد يكون لوجوده بعض المقبولية رغم عدم قناعتنا بهذا المنصب – وأعني به مشرف المنتخب – بوجود المدير الإداري , ونتمنى أن يتفضل علينا اتحاد الكرة بتوضيح واجبات هذا المنصب الذي لا اعتقد بأنه موجود لدى بقية المنتخبات التي شاركت في البطولة . أما واجبات الأعضاء كاظم سلطان وفالح موسى ويحيى كريم فقد بقيت سرا من الأسرار ولغزا من الألغاز , فلم نتمكن من معرفة دور أي من هؤلاء الثلاثة ضمن الوفد العراقي , وماذا قدموا للمنتخب الوطني أو للكرة العراقية طيلة مدة بقائهم في استراليا وتنقلهم مع المنتخب العراقي من مدينة لمدينة ومن ملعب لملعب , رغم المبالغ الطائلة التي صرفت عليهم من ميزانية العراق التي تعانى عجزا ماليا كبيرا انعكس على لقمة المواطن وصحته .
لقد قرأت مقالا لأحد العراقيين المقيمين في استراليا أوضح فيه بأن كلفة الشخص الواحد في استراليا تصل إلى 500 دولار يوميا ( يقصد المسافر وليس المقيم هناك ) بين أجور سكن وطعام وتذاكر سفر ومصرف جيب , وقرأت بأن لجنة الشباب والرياضة النيابية قد أعلنت بأن حضور ستة من أعضاء الاتحاد كمرافقين للمنتخب في البطولة  قد كلف الدولة  مبلغ 150 ألف دولار , وبأن كلفة حضور العضو الواحد في استراليا وصلت إلى 25 ألف دولار شاملة تذكرة السفر ونثرية العضو في استراليا  .
لم يكتف أعضاء الاتحاد بكل هذا , بل قرروا شمول ( أنفسهم ) بالتكريم الذي منح  للمنتخب بعد تأهله للدور نصف النهائي وبذلك دخل جيب كل من الأعضاء الستة مبلغ ثلاثة آلاف دولار كما أعلن في الصحف المحلية , إضافة للمبالغ السابقة .
إن التبريرات التي طرحها السيد شرار حيدر النائب الأول لرئيس الاتحاد عن وجود هذا العدد الكبير من الأعضاء في استراليا  ليست مقنعة على الإطلاق , وأنا متأكد بأن الكابتن حيدر نفسه غير مقتنع بهذه التبريرات , فأية خبرة تنظيمية سيستفيد منها أعضاء الاتحاد الستة وجميعهم لا يجيدون التحدث باللغة الانكليزية , ومن ذا الذي سيتبرع بترك واجباته والتفرغ لنقل الخبرات للملا مسعود ورفاقه الخمسة ؟! .
المتابع لمسيرة اتحاد الكرة العراقي يلمس بوضوح تهافت أعضائه – عدا السيد محمد جواد الصائغ – على السفر والسياحة بين البلدان بحجة مرافقة المنتخبات الوطنية العراقية , غير آبهين بما يعيشه البلد من عجز مالي كبير بعد تراجع أسعار النفط عالميا , مما أدى إلى تقليص النفقات الحكومية وفرض حالة التقشف المالي , والذي كانت له تأثيرات كبيرة على مختلف مناحي الحياة حتى وصل إلى الغذاء والدواء , وهذا يدلل على أنانية أعضاء اتحاد الكرة وتفضيلهم مصالحهم الشخصية  على المصلحة العامة , مما يستدعي تدخل الحكومة ومجلس النواب العراقي وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية  للتحقيق في موضوع هدر المال العام  واتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت تقصيره مع استعادة الأموال التي صرفت على أعضاء الاتحاد دون وجه حق , حتى يعرف اتحاد الكرة العراقي إنه ليس دولة داخل دولة .
سطر أخير : سمعنا بأن نائب محافظ إحدى المحافظات الجنوبية كان ضمن الوفد العراقي لبطولة آسيا في استراليا , لكننا لم نتأكد من هذه المعلومة  حتى هذه اللحظة !!

أحدث المقالات

أحدث المقالات