18 ديسمبر، 2024 5:22 م

مرحبا بالشاعر حميد سعيد : ( النشيد البابلي ) في بغداد

مرحبا بالشاعر حميد سعيد : ( النشيد البابلي ) في بغداد

لم تفاجئني مكالمة صديقي الاديب المغربي ” السعيد بن عبد الله ” الذي اخبرني فيها ان موسوعة ( النشيد البابلي ) للشاعر الكبير حميد سعيد بمجلداتها الاربعة ، حظت بأقبال كبير في معرض الشارقة الذي انتهت فعالياته مؤخرا ، من قبل ادباء وشعراء عرب كبار زاروا جناح دار ” آمنة ” الاردنية التي قامت بنشرها ، حيث زينت واجهتها هذه الموسوعة ، وان الصحافة كتبت مشيدة بالموسوعة التي تجاوز عدد صفحاتها الألف صفحة، وهي الاكبر جهدا في التأليف بحق شاعر عربي احتل المصاف المتميز بين أقرانه من الشعراء العراقيين والعرب على مدى ستة عقود ونيف .

وبقدر سعادتي ، بهذه المكالمة ، فأن السعادة الاهم ، هي ما عرفت امس الاول ، ان دار آمنة ( الأردنية) ستعرض ( النشيد البابلي) بمجلداتها الأربعة الشهر المقبل في معرض الكتاب ببغداد ، وبذلك يمكننا اقتناؤها ، فهي تشكل قراءة متوازنة ، وصادقة للحالة الشعرية والابداعية العراقية خلال العقود القريبة المنصرمة ، فشعره رغم عمقه ، وغلاف الفلسفة فيه ، اراه “رياناً ” بالمعنى حيث تكثر فيه الأشطر المستقلة في اللفظ والمعنى ونادرا ما اجد له قصيدة تخلو من ذلك . فالشاعر حميد سعيد ، المعروف بحرفه الابيض النقي ، كان نهجه في الشعر والوظيفة والسلوك اليومي في مسارات الحياة ، نموذجا في العطاء الابداعي ، في كل ما شغل من مواقع ادبية واعلامية ، حتى اصبح مثالا في النبل والانسانية .

ان ( النشيد البابلي ) موسوعة دراسية رائدة ، توثق مسيرة شاعرنا البهي وإنجازاته الأدبية والإعلامية، عبر حشد من الإفادات والشهادات والدراسات عنه، وقد ضمت موضوعات تحت عنوان “مائدة الأصدقاء” ، والثاني، “شهادات ثقافية لكتاب بارزين”، والجزء الثالث “الحوارات الصحفية التي أجريت مع الشاعر ، فيما يتضمن الجزء الرابع الدراسات والبحوث التي تناولت شعر حميد سعيد ورؤاه الإبداعية.. وقد قام بتأليفها د. عبد الستار الراوي والزميل سلام الشماع طيب الله ثراه .

للكبير حميد سعيد ، مكانة علوية متميزة في الفضاء الابداعي والشعري ، وإنّ الدارس لشعره وكتاباته ، يواجه ثروة لغوية واسعة ، محببة ، ربما كان لدراسته اللغة العربية ، وقراءته الممتدة من طفولته ، وحتى الان ، اثرا في ذلك ، وفي ضوء ما لمست من قراءاتي لما كتب ، وجدته يبتكر انساقا تعبيرية غير مألوفة ، في تعامله مع اللغة ، فأنتج لغة شعرية خاصة به، فيها الكثير من الترادف والتضاد والنحت ، ويمكن القول أنه أقدر الشعراء على جمع المعاني الكثيرة في اللفظ القليل ، وقد مكنه ذلك من التربع على منزلة مرموقة في عالم الشعر، المليء بصراعات بين المثل العليا، والحقائق الواقعية، والألم والأمل، واليأس والرجاء، والسخط والرضا، والحب والبغض، اشار اليها باحثون وكتاب بارزون في دراساتهم الشعرية عنه ..

وبكلمة موجزة ، اقول واثقا أن حميد سعيد مبتدع في شعريته ، لا متتبع ، وانه ثروة عراقية اذا ما قرأه الاخرون بعيون صافية بعيدا عن الرؤى والتقولات والمسموعات المريضة .

هنيئا لنا بـ “النشيد البابلي” وهو يحط مثل طير سعد في بغداد .