23 ديسمبر، 2024 10:24 م

مرجعية (يوم النخوة)..!

مرجعية (يوم النخوة)..!

الإسلام دين متحرك, لا يمكن إخضاعه للجمود, وليس من المنطقي التفكير بنمطية القرون الوسطى؛ وإلا فمن يتعامل معنا من الأمم؟!..
القيادات الإسلامية التي توصف بالإعتدال, تتماشى مع التطورات بما ينسجم مع معتقداتها؛ فهي تراعي كل الشروط الموضوعية, الإجتماعية والسياسية, وترسم وفقها تصوراتها, وما يجب أن يكون.. لا تلتفت إلى ما يدرّه عليها هذا الموقف أو ذاك من مكتسبات شخصية ومنافع أنانية, ويبدو إن شخصية كبيرة كالسيد علي السيستاني, يصعب سبر عقليتها الفذة وتفكيك رسائلها المنسجمة مع الواقع.
كثر اللغط الدائر حول موضوعة “القضاء الجعفري”, وأخذت القضية بعداً أكبر من حجمها, سيما في الظرف الإستثنائي الذي يمر به البلد, والغريب أن يتهم وزير العدل التابع لحزب الفضيلة المرجعية الدينية, في الوقت الذي يفشل بإدارة وزارته وقمة ذلك الفشل؛ إقتحام مجموعة من السجون وهروب آلاف الإرهابيين القتلة, فهل أرادها الشمري ستراً للفضائح المدوّية؟!.. ولعمري إن ثوب الستر أقصر من فضائحهم التي بدأت في البصرة وقصة الإجرام والتهريب..!
لا ريب, فأحد مسببات زوبعة (القضاء الجعفري), هي صرف الأنظار عن قصة السجون المستباحة من قبل (داعش), غير إن هناك أسباب أخرى أهمها: إن وزير العدل ينتمي لحزب يرأسه (مرجع) مفترض, برز أبان الحملة الإيمانية الصدامية, وفشل في حجز مقعد مرموق في الوسط الشيعي, وطالما لاحقته أصابع الإتهام؛ فلم تُدّخر وسيلة إلا وأستخدمت بغية الوصول للكبار والتمنطق بمنطقهم, ليعطي إنطباع بإنه كفؤً لهم!.. السبب الآخر هو العداء المكبوت تجاه رموز العيار الثقيل, والتي يخفُّ أي ثقل يريد مقاطعتها؛ فضلاً عن كون (التأسّلم) في العمل الحزبي, وإستغلال المصالح العامة لإجندات خاصة, سمة أصيلة ومتجذرة في العقلية الحزبية التي ما برحت تعاني من ضيق أفق حاد؛ فليس لقانون القضاء الجعفري قيمة أمام سيل لعاب مرجع الحزب على بضعة مقاعد برلمانية بات وشيكاً فقدها..!
في الطرف المقابل, فالمرجعية العليا, ليس لها ما تخشى عليه أو منه, سوى ما يجنب البلد المزيد من الإحتقانات والأزمات, وهي تعمل بالعموميات, فترسم الخطوط العريضة وتترك الأمر للواقع؛ إما يفرضه أو يرفضه..
المرجعية العليا أصرت على حرية العراقيين في أحوالهم الشخصية, وضُمّنَّ هذا الأمر بالدستور. وأعدت مسودة قانون الأحوال الشخصية الجعفري منذ ما يربو على ستِ سنوات, أي عندما كان (اليعقوبي) يصرّح بحقده على كل من عارض النظام البائد, ويعلن معارضته للعراق الجديد, في ذلك الوقت كانت تجلس كتلته جنباً إلى جنب (عبد الناصر الجنابي) في مجلس النواب؟!..
التفكير الذي تقوم عليه عقلية المرجعية العليا, مختصر بمصلحة الوطن والناس, وعابر لما هو شخصي؛ واليوم من الصعب الزج في هكذا مشروع قد يزيد الوضع تفاقماً, فلا مجلس النواب مهيئً لإستقباله, ولا الشيعة مستقلون بإقليم ليتسنى لهم فرض ما يريدوه, فلماذا عارض اليعقوبي (مرجع يوم النخوة), مشروع الفدرالية وأتهم مروجيه بإشنع التهم التي تصدر عن (تربية الفرق الحزبية)..؟!