لا شك إن عنوان المرجعية الدينية ليست تلك الجهة المختصة ببيان أحكام وقواعد فقهية تستنبط من أدلتها الشرعية والعقلية فحسب وان كان البعض يحاول تصويرها بهذا العنوان بل هي في حقيقة الأمر تعني القيادة الدينية للأمة كمنطلق فكري واجتماعي رصين , ودور المرجع يؤسس لبيان التكليف والأحكام وتكييفها على الوقائع المستجدة وهو المسؤول عن ترجمة النصوص والقواعد والغايات التي أرادتها الرسالة والمعاملات العبادية والحياتية من النظر إلى التطبيق ومن الكلمة إلى الفعل ومن الجمود إلى الحركة . فالمرجع يمثل المهندس الذي يتولى عملية توضيح وشرح وبيان المخططات التي وضعتها الشريعة وترجمتها بعد ذلك إلى واقع مادي ملموس ومحسوس بذلك يكون هو أستاذ البناء فمن غير المعقول تحضير المواد الأولية للبناء والشروع في البناء دون مشورة وعلم المهندس ..
فالمرجعية بعد ذلك هي من الضروريات التي لابد منها فإذا انعدمت المرجعية الشرعية سوف يعمل كل مسلم حسب هواه وسوف تعمل كل مجموعة ما تشتهي نفسها وما تقتضي مصلحتها وتعتقد لكثرة ممارستها للخطأ إن الحق معها وتتفرق الكلمة وتتشتت شمل الأمة ولا يجمعها بعد ذلك جامع ولا يمنعها ر ادع إلا وجود مرجع واحد تعتبر كلمته حقيقة علمية وعقلية يتقبلها المسلمون عن رضا وطيب خاطر وهو السبيل الوحيد لانتشالها من الفراغ إلى الوجود ..
ومن هنا كان دور للمرجعية الرسالية التي يقودها سماحة آية الله العظمى المرجع الديني السيد الصرخي الحسني دام ظله , فكانت هذه المرجعية حاضرة في كل حدث وفي كل مفصل ومنعطف تتعرض له الأمة ويبين سماحته الخطوط العريضة للإشكاليات والمعالجات فكانت بالفعل المرجعية الإصلاحية بالرغم من كل الحواجز والموانع التي حاولت جهات كثيرة وضعها للحيلولة دون اندماج وذوبان الأمة مع هذه المرجعية وهذا هو طريق المصلحين على مر الأزمان فتراها تحارب وتحجب ويعتم عليها بسبب فكرها الفاعل ومواقفها الوطنية والمبدئية التي لا تحيد عن المطالبة دوما بحقوق الشعب وبكافة فئاته ومذاهبه ومختلف طبقاته .
فقد أحيت مرجعية السيد الصرخي الحسني من جديد الوعي الرسالي وثبتت مواقفها دون أن تحيد قيد أنملة أو تقدم تنازلات أو تهادن أو تجامل وحافظت على الفكر الأصيل للحوزة ومنهجها العلمي وأثرت الساحة بعلومها وبشتى الميادين فكان من يريد أن يبحث عن مرجعية ذات مواقف مبدئية وعن ميدان الساحة العلمية لابد له أن يختار تلك المرجعية ويحط في سهلها الرحيب وينهل من عذبها الثر الخصيب ..
إن نهج هذه المرجعية وحركيتها في المجتمع أرغمت الكثير من المرجعيات الأخرى على اتخاذ مواقف مشابهه لمواقفها وتقليدها في كثير من الأحيان ولو بنسب مختلفة وهذا طبعا من الايجابيات على الساحة الدينية والسياسية والاجتماعية للحفاظ على الدين وخلق التنافس لتطبيق ما يريده المرجع المصلح ليجعل الجهات الأخرى وان كانت تحمل بطون النفاق ولكن كأنما حقق ما يبتغيه ويهدف إليه ولكن على يد غيره وبصورة غير مباشرة للحفاظ على مكانة المرجعية كمنظومة عامة فاعلة داخل المجتمع بعد محاولات لطمسها وفصلها عن المجتمع رغم إن هذه المرجعية
الرسالية لا تمتلك الإمكانات المادية والإعلامية والنفوذ كما تمتلكها المرجعيات الأخرى حتى إن الكثير من المواقف يتلاقفها الإعلام كونها صادرة من مرجعيات بعينها في الوقت الذي سبقتها مرجعية السيد الصرخي في التصريح بها وخذ مثلا قضية الانتخابات وما صدر من هذه المرجعية مرارا وتكرارا بدعوة الشارع العراقي لانتخاب الوطنيين الشرفاء وعزل القوائم الفاسدة هذا ما تم نشره من تلك المرجعية على صعيد الشارع من خلال عشرات البيانات والمواقف ولكن الإعلام سرعان ما أعلن الفكرة ولكن عزاها لمرجعيات أخرى اتخذت الموقف نفسه تفاديا للحرج والوقوع في المسائلة …
إن مرجعية السيد الصرخي الحسني قد فرضت نفسها على الساحة العلمية والدينية وعلى الصعد كافة بالرغم من الإقصاء والتهميش الذي تعرضت له حتى من المجتمع نفسه الذي يبرر عدم طاعة القائد المصلح ويفلسف عمله هذا بشتى التبريرات حفاظا على مصالحه الشخصية الضيقة لان طريق المرجع الحقيقي طريق صعب وفيه المؤونة الكبيرة والمشقة والتضحيات بالرغم من علمهم بأحقيته ولكن بالرغم من كل ذلك يبقى المرجع المصلح ومنهجه هو القدوة والمثل الأعلى وعليه لابد أن نراجع أنفسنا كثيرا قبل فوات الأوان ولا نكون مثل أسلافنا الذين خذلوا الإئمة عليهم السلام والمصلحين من بعدهم وبرروا فعلتهم بشتى التبريرات ووسوسات النفس فلا نكون كما قيل عنهم قلوبهم معك ولكن سيوفهم عليك فنخسر الدنيا والآخرة ..