ربما سيذكر التاريخ العراقي وعلى مدى الاجيال القادمة الدور الايجابي الذي لعبتة مرجعية السيد علي السيستاني بأتجاة ترسيخ قيم التعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي الدينية والقومية والطائفية ففي اعقاب انهيار اجهزة الدولة في العام 2003 ومع بروز دور القوى المسلحة خارج اطار سلطة الدولة وفي اطار بلد تحكمة الولاءات القبلية وقيم الثأر كان من المتوقع حدوث مجازر ومعارك طاحنة بين فلول النظام السابق ومن يطالب بالثأر والقصاص وكانت هنالك ثارات قديمة واحقاد وفي ظل غياب اي قوة قادرة على السيطرة على مقاليد الامور خرجت التعليمات من مكاتب السيد السستاني المنتشرة في العراق وهي تدعوا الى حقن الدماء والابتعاد عن العنف وعدم الانجرار الى الثارات وتصفية الحسابات بين المكونات العراقية وعدم الدخول في صدامات مسلحة …….
وعندما حدثت المصادمات المسلحة بين التيار الصدري والقوات الامريكية في النجف الاشرف ومع اقتراب القوات الامريكية من محيط مرقد الامام علي (ع) ومع اشتداد المعارك تدخل السيستاني ودعى الى مسيرة مليونية وقدم مبادرة انقذت الموقف وحمت المقدسات الاسلامية واعادة الهدوء والاستقرار والسلام للجنوب الساخن والمشتعل حينها وهذا الموضوع كان لة دور كبير في استمرارية العملية السياسية واستمرار السير نحو الانتخابات وكتابة الدستور …..
اتخذ السيستاني ايضآ موقف مهم وهو ضرورة كتابة الدستور العراقي بطريقة ديمقراطية عبر هيئة منتخبة تتولى كتابة الدستور هذة الخطوة بحد ذاتها تعتبر مكسب وطني حقيقي للعراقين بكافة اطيافهم وقومياتهم واديانهم اذ انها المرة الاولى في العهد الجمهوري العراقي التي يتم فيها كتابة الدستور بهذة الطريقة فدستور 1958 تم كتابتة بليلة واحدة من قبل المرحوم حسين جميل الشخصية الوطنية المعروفة ورجل القانون والقيادي في الحزب الوطني الديمقراطي اما دستور عبد الرحمن عارف فكان قد كتب من مجموعة اختارها الحاكم وكذالك دستور سنة 1970 فقد كتب بشكل بعيد عن الديمقراطية ومن مجموعة بعثية وحصر السلطات بيد ماعرف بمجلس قيادة الثورة ورئيس المجلس وهو رئيس الجمهورية اما الدستور العراقي فقد سن على قاعدة فصل السلطات واقر مبداء تداول السلطة وتمثيل كل مكونات الشعب في السلطة والادارة العامة وعرض على الاستفتاء الشعبي …
وهنا تسجل نقطة هي في غاية الاهمية وهي ان السيستاني لم يشترط الاخذ بمفهوم الدولة الدينية او مبداء ولاية الفقية بل تم الاخذ بمبداء ان الشعب هو مصدر السلطات والديمقراطية مع احترام الهوية الاسلامية للشعب العراقي وهذة الخطوة تعد في غاية الاهمية
بأتجاة ديمقراطية الدولة ومدنيتها وهذا الموقف يكبر للسيد السيستاني حيث ان اغلب القوى الشيعية كانت تتبنى علنآ أو سرآ مفهوم الدولة الدينية او مبداء ولاية الفقية خصوصآ وان هنالك دولة مجاورة هي ايران اخذت بهذا المفهوم وآن القوى السنية التي دخلت على خط العملية السياسية كانت القوة المؤثرة فيها حينها هو الحزب الاسلامي العراقي وهو حزب يتبنى مفهوم الدولة الدينية على طريقة الاخوان المسلمين ويستلهم افكار سيد قطب وحسن البنا .ولاكن الحكمة والتعقل وحسن البصيرة والاخذ بنظر الاعتبار طبيعة المجتمع العراقي وبعد النظر وقراءة المتغيرات في العالم وتفهم روح العصر كل تلكم العوامل مع الاخذ بنظر الاعتبار ان المدرسة الفقهية لسماحة السيد السيستاني لاتتبنى مفهوم ولاية الفقية العامة على غرار النمط الايراني الحاكم او على غرار متبنى
بعض المرجعيات والقوى السياسية والتيارات الدينية في العراق ولبنان بل ترى ان دور المرجع هو دور ايجابي يتمثل بالرشد والتوجية والدفاع عن الاسلام وقيمة في العدل والحرية ورفض الظلم دون اشتراط قيام دولة دينية او قوة تفرض الاسلام بالاكراة
وفي المجال الطائفي يصف السيستاني السنة بالقول لاتقولوا اخوانكم بل قولوا انفسكم ويحرم الاقتتال الطائفي ويدعوا الى حماية كافة الاقليات الدينية والقومية وحفظ مقدساتها وحفظ دماء ابناءها …
وعندما حاول من حاول ان يجير المرجعية ويوظف الدين لخدمتة كسلاح في الانتخابات كان موقف المرجعية بقيادة السيستاني واضح انة يقف على مسافة واحدة من الجميع بمختلف انتماءاتهم السياسية واحزابهم وافكارهم .اما اليوم فالمرجعية وعلى لسان ممثليها تصرخ ليلآ ونهارآ بأنها ضد الفساد وضد من اغتنوا من السرقة لابل وصل الحال بالمرجع الاعلى السيد علي السيستاني نفسة بأن يمتنع عن مقابلة السياسين في خطوة ذات دلالاات واضحة ومعاني عميقة ….
لم نسمع خلال السنوات الماضية ان هنالك عصابات مسلحة خارج اطار الدولة تابعة للسيد السيستاني تقوم بترويع الناس وتفرض رؤيتها الظلامية على الشعب بحجة تطبيق شرع الله لم نسمع ان للسيستاني حزب او مجموعة سياسية او كتلة سياسية في البرلمان
تتفاوض وتدخل المعارك وتقوم بتسقيط الاخرين من اجل المناصب والكراسي والمنافع والاموال السحت الحرام لم نسمع ان رجال للسيستاني قاموا بتصفية احد او اغتيال احد او خطف آو قاموا بملئ وزارة آو هيئة من هيئات الدولة بأتباعهم وقاموا بالتغطية على سرقات المحسوبين عليهم لم نسمع انهم تهافتوا على المناصب او قاموا بتكفير فلان او تفسيق علان .نعم ان هذا المنهج هو منهج الله
ومنهج من حسن حظ العراق انة يملك اليوم مصدر التأيد الاكبر من الناس والاكنا قد تحولنا الى قندهار بأمتياز تحت شعار تطبيق الشريعة !!!!!