23 ديسمبر، 2024 11:08 ص

من مضحكات عراق اليوم أرزاءُ

يُصدَّرُ النفطُ كي يُستورَدَ الماءُ

يموتُ ظمآنَ مَن لا مالَ في يدِه

لكي يزيدَ لأهلِ المالِ إثراءُ

أو تَصطفي موردَ الأوحالِ غُلَّتُه

وفيه من عجبِ الآفاتِ أدواءُ

مشانقُ الموتِ بالتصحيرِ أبدعَها

لكلِّ عنقٍ ذوو قربَى وأعداءُ

ياللفراتينِ! ما أشجَى مصابَهما!

غزتْ ضفافَهما للذلِّ صحراءُ

ماللأمومةِ في مجراهما انطفأتْ

ولم تَدرَّ على الأبناءِ أثداءُ!

جفَّا كأنَّهما لم يرعيا أُمماً

ولم تقمْ بهما للمجدِ علياءُ

وجفَّتْ الأجرفُ الخضراءُ حولهما

وفارقتْها دواوينٌ وأَنداءُ

ذلَّتْ فأخصبُها قَفرٌ وأَنضرُها

قِحْلٌ وأَسعدُها شاكٍ ومُستاءُ

لا بلبلٌ لابتهاجِ الروحِ تَسمعُه

فيها ولا لاكتئابِ النفسِ ورقاءُ

قد فرَّتِ الطيرُ عنها غيرَ عائدةٍ

لكُثرِ ماسامَها جوعٌ وإيذاءُ

تشرَّدتْ مثلَنا.في كلِّ مغترَبٍ

قاصٍ به من عراقِ الحزنِ أجزاءُ

نأتْ ومابرحتْ تبكي النخيلَ وإنْ

نَجتْ وآمنَها عشٌّ وأفياءُ

واحدودبَ النخلُ حتى كدتُ من فرحٍ

أَبكي إذا مابدتْ في النخلِ عيطاءُ

لا لن أُصدِّق لي عيناً وإنْ طلعتْ

لناظري بين جُرْدِ النخلِ خضراءُ

أَكلُّ باسقةٍ بالأمسِ مثمرةٍ

محروقةٌ بشظايا اليومِ سوداءُ؟

تغيَّرتْ حالُها.لاتمرُها بيدٍ

يُغني الجياعَ ولا للجذعِ إغراءُ

حتى الفسائل في أحلَى مراضعِها

مذعورةُ الجذرِ،والأشكالُ صفراءُ

كأنَّ جدبَ بساتينٍ ووحشتَها

مقابرٌ في سكونِ الليلِ خرساءُ

مخيفةٌ ليس من عزفِ الأمانِ بها

لحنٌ ولا من شروقِ الحبِّ أضواءُ

في كلِّ حبَّةِ رملٍ من منازلِها

نابٌ ونزفُ جراحاتٍ وأَشلاءُ

كأنَّ في كلِّ دارٍ كربلا وبها

من المصائبِ أشياءٌ واشياءُ

فزعتُ كالطفل عند الصبحِ من شبحٍ

فيها بدَا لي كأَنَّ الصبحَ ظلماءُ

للدمعِ في رملِها سيلٌ وأوديةٌ

وللدماءِ جذورٌ فيه حمراءُ

هي الحبيبةُ لم أنسَ الحليبَ وإنْ

تجاهلتني.أينسَى الأمَّ أبناءُ؟