11 أبريل، 2024 5:18 م
Search
Close this search box.

مرتكزات التأثير على الواقع العراقي

Facebook
Twitter
LinkedIn

ترتكز المرحلة السياسية الحالية التي يشهدها العراق على ثلاث ركائز تلقي بظلالها الثقيلة على واقع مشهد مازوم وكارثي ‘ وتصوغ خيوط  الازمات التي يعيشها البلد وفقاً لمستجداتها.
فالمرحلة الآنية هي مرحلة الأزمات المفتعلة التي لا إنفكاك لها في ظل تطورات سياسية متسارعة نحو تفعيل مراحل الأزمة ودون الوصول لأفاق حلول يتنفس فيها العراقيون الصعداء بعد عناء طويل عاشه الشعب ولازال محملاً بغبار المعارك الثقيلة التي دارت رحاها على أرضه بدء من الثمانينات المنصرمة وصولاً الى إحتلاله قبل عشرة سنين‘ ومن ثم ما تمخض عن هذا الإحتلال من أزمات خانقة قاتلة حتى يومنا هذا.
فهي من باب إن نحينا الخلافات المتصاعدة حدتها بين فرقاء العملية السياسية في الداخل جانباً ‘ تنعكس على المحاور الثلاثة أو الركائز كم أطلقنا عليها والتي تتمثل أولاً في المسافة التي تقف عليها الحكومة العراقية من القضية السورية  ومدى الإجماع الدولي تجاهها‘ نجد أن الحكومة العراقية تحاول ولاتجيد اللعب على أوتار المراوغة وحبال اللف والدوران على المواقف الدولية والإتجاه الى مساندة الأسد المدعوم إيرانياً وبكل قوة مايترتب على رأس السلطة في العراق التزاماً ضمنياً بمواصلة هذا الدعم ومد يد العون له في حربه ضد اشقائنا في سوريا الحبيبة إرضاءً  للرغبات الإيرانية التي عملت وبأستمرار على تثبيت اركان حكم السيد رئيس الوزراء الذي مابرح يعلن عن الخلاف مع الحكم السوري متهماً إياه بزرع الفتنة وتغذيتها والمسؤول عن القتل والتفجيرات التي حصلت وتحصل في العراق‘ حتى ذهب السيد المالكي الى أبعد من هذا حين أراد تدويل القضية العراقية وإدخال المحمة الجنائية الدولية والأمم المتحدة على خط الأزمة العراقية السورية مدعياً أن هناك تحت قبضته الكثير من الآدلة التي تدين النظام السوري.
إلا ان هذا كله ذهب أدراج الرياح حين أوعزت إيران للمالكي بدعم الأسد فتناسى ماكان من أمر العراق وأهله وهرع مسرعاً ليمده بالمال والرجال متمثلاً بالميليشيات التي تقاتل الى جانب  عدو الأمس والذي يدير نظاماً أساسه البعث رغم العداء الواضح والصريح بين توجهات الرجل ونظام البعث المعلن‘ وأبعد من ذلك بكثير فقد جعل من أرض العراق معبراً لميليشات القتل نحو الأرض السورية التي سبق وأن أوتهم زمراً وافرادا‘ وليذبحوا شعبها الطيب الشقيق الذي أواهم سنين طوال.
وقد يخدم هذا التوجه بشار الأسد حيناً من الزمن إلا أن ميزان القوى سرعان مايتحول لصالح قوى الشعب السوري البطل ليبطل كيد من يعمل على غير هواه‘ فالغلبة للشعوب دائماً. وهو من ناحية أخرى سيدفع بالموقف الدولي الغاضب من إيران والأسد على حد سواء الى الحد من تصرفات الحكومة العراقية وإلزامها حدودها المرسومة دون سواها إن هي  تجاوزت الحد المسموح‘ وهذا ما بدأت بوادره بالظهور وسط انزعاج أمريكي واضح عقب التصريحات الأمريكية التي جاءت مؤخرا وطالبت بإظهار موقف المالكي الصريح من إيران وسوريا وحزب الله‘ وهم من تعدهم  واشنطن من ضمن محور الشر.
والمرتكز الثاني  هي إيران وما تنشط به على الساحة العراقية بكل تجاوزاتها وخروقاتها بل سيطرتها الفظة على المشهد العراقي ‘ حتى أخذ يقال إن الحكومة العراقية اليوم تدار من قبل السفارة الإيرانية وقيادة فيلق القدس الإيراني واللذان عاثوا في العراق فساداً‘ وهي ما تلقي بظلالها  الكبيرة على الواقع العراقي في محاولة منها لإبعاد الدور التركي ومن ثم العربي والقضاء على تأثيراتهما في السياسة العراقية‘ ونرى أنها نجحت في ذلكبعض الشيء وسط غياب الأوساط الوطنية العراقية الشريفة من على الساحة أولاً ثم غياب الدور الأممي وتأثيراته وفقدان دور الجامعة العربية التي كانت منذ البداية عراب للإحتلال الأمريكي والإيراني بالدور الخبيث الذي لعبه أمينها السابق ولايزال هذا الدور يعمل بنفس الوتيرة في ظل الأمانة الحالية لهذه الجامعة ‘ ناهيك عن غياب أي دورعربي في الشارع العراقي ‘ ما يعني إن العراق اليوم اشبه مايكون بسفينة مختطفة يتم التحكم بها من قبل القراصنة وحسب اهوائهم وتتلاطمها الأمواج دون دراية او سياسة ‘ ويؤسس لأتجاها حسب مصالح الخاطفين وتطلعاتهم يشاركهم بعض الحكام العرب من أجل مصالح  نرى أنها آنية وغير دائمة ‘ وأن ما يقره الخاطفون من مصالح هنا أو هناك ستزول بزوالهم القريب ‘ ساعتها سيكون حساب الشعب عسيراً‘والأدلة على ذلك واضحة في مجريات الشارع العراقي ويومياته.
إلا أن اللاعب التركي والذي يمثل فعل المرتكز الثالث على الساحة العراقية استطاع أن يخترق هذا التأثيرالإيراني ويرسل من خلال اختراقه رسالة عاجلة  الى القيادة الإيرانية  ومن داخل الأراضي العراقية مفادها أن تركيا حاضرة بقوة في المشهد العراقي وهي قادرة على قلب الطاولة وتغيير خطوط المعادلة ‘ بل أبعد من ذلك هي قادرة على رسم خارطة التوازنات الجديدة على الساحة الأقليمية بعد أن أفرغت إيران من محتواها طيلة سنين إحتلال العراق وتركتها في الساحة لوحدها لكنها كانت تحت المشاهدة والملاحظة حتى تمادت ولم يعد لديها من جديد ‘ وهي أي أنقرة قادرة على رسم الخطوط  التي تريد على خارطة التوازنات الإيرانية نفسها ‘ كما حملت رسالتها تلك عبر زيارة وزير خارجيتها لكركوك معان أخرى من بينها أن أنقرة على أستعداد للعب هذا الدور بعيداً عن أدوات إيران التي تديرهم في بغداد‘ وأن عنصر التوازنات السياسية التي تلعب به إيران بمحاولة منها لفرضه على واقع هش تعيشه بغداد لم تتقن صناعته وهو قابل للكسر والتغيير سيما وأن النقمة تتصاعد في الشارع العراقي على كل ماهو إيراني‘ وهو مايصب في مصلحة اللاعب التركي والذي يعد بمثابة الركيزة الثالثة التي تملك ظلالاً واسعة وبعيدة في الأراضي العراقية ناهيك عن الإرث السابق الذي يفسر لصالحها وليس ضدها.
هذه الركائز وإن غلبت أحداها على الأخريات اليوم يضاف لها العامل الدولي الذي لابد وأن يحسم ظبابيته تجاه المصالح التي تريدها كبريات الدول متمثلة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوربي وهذه مكرسة في كل مكان ‘ مقابل إنفراد الموقف الروسي – الصيني الداعم اليوم لإيران والأسد ‘ وروسيا هذه مواقفها متبدلة دائماً ومتقلبة ولا إلزام على تعهداتها‘ مايفضي الى واقع هش تعيشه الحالة العراقية مابين تقلبات المواقف الدولية المؤثرة‘ وعناصر التوازن التي تقيد المنطقة من باب وضغوطات الجانب الإيراني والتركي من باب أخر‘ حتى تنجلي غيوم مايحدث في سوريا ومن ثم يكون الموقف على ضوء النتائج وساعتها لكل حادث حديث.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب