التصريحات الأخيرة التي أطلقها الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيس بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في العراق (اليونامي) يان كوبيش في كركوك كشفت للقاصي والداني عن عمق انحياز البعثة الأممية في قضايا العراق الداخلية وأرسلت مؤشرات على ارتهان قرارها لأطراف عراقية معينة وهذا ما يؤكد سلسلة كبيرة من الأدلة السابقة من خلال عمل البعثة الأممية على انها باتت طرفا في الملفات الداخلية للعراق، اضافة إلى تورط موظفيها الطائفيين الحاقدين والمرتبطين بالإرهاب في القيام بتزييف الحقائق وتوجيه عمل البعثة لمصالح ومآرب طائفية وإرهابية ودول إقليمية وأطراف استخباراتية مشبوهة.
ففي مؤتمر صحفي مشترك عقده مع محافظ التأميم نجم الدين كريم قام كوبيش بتناول موضوع التخصيصات المالية للمحافظة وأطلق الادعاء بأن بغداد مدينة لكركوك فيما يخص البترودولار، واضاف: “نحن نؤكد على أهمية إعطاء المحافظة صلاحياتها وصرف مستحقاتها المالية”. كما شدد على “ضرورة حلحلة المشاكل بين بغداد وأربيل فيما يخص ملف النفط”. أما المحافظ نجم الدين كريم وهو العضو القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني فقد قال “ناقشنا مع كوبيش التحديات الناشئة خلال الأيام الماضية والتعامل السلبي من بعض الوزارات الاتحادية فيما يخص نقل الصلاحيات وتدخل البعض الآخر في الشؤون الإدارية لكركوك دون استشارة إدارتها ومجلسها”.
لا نعرف كيف يسمح كوبيش لنفسه بهذا الشكل الفاضح وهو المفروض أن يقف على مسافة واحدة من جميع الاطراف بأن يرمي شبكته القذرة لكي يقوم بالصيد في الماء العكر والانحياز علنا بهذه الطريقة الفجة لصالح طرف في ملف داخلي عراقي يدور حوله خلاف. فكوبيش بتصريحه هذا اتخذ موقفا مؤيدا للادارة التي يفرض الكرد سيطرتهم عليها بالقوة والترهيب في محافظة التأميم التي يعتبرونها قدس كردستان والتي يحاولون ضمها إلى إقليم كردستان بأساليب الكثير منها يفتقر إلى النزاهة. ففي موضع التخصيصات المالية لم يكن تصريح كوبيش موفقا خصوصا وأن العدل والحياد كان يقتضي منه كرئيس البعثة الأممية في العراق أن يقوم ايضا بإدانة نهب نفط كركوك من قبل إقليم كردستان وبيعه في السوق الدولية وبعضه الى إسرائيل من دون
اذن الحكومة العراقية وهو النفط الذي تعود عائديته إلى الشعب العراقي كله. كما أننا لم نسمع من كوبيش عن موقفه من عمليات القتل والاغتيال التي تطال كبار الموظفين في شركة نفط الشمال ومقرها في كركوك. وصمته هذا غريب جدا خصوصا وأنه في نفس اليوم الذي زار فيه كركوك قام مسلحون باغتيال المشاور القانوني في شركة نفط الشمال حسن سليم وسائقه فراس عباس في كركوك. ونذكر أيضا كيف امتدت يد الشر قبل بضعة سنوات باغتيال مازن أبو كلل الموظف الرفيع بشركة نفط الشمال والعضو القيادي في حركة الوفاق الوطني. وهناك شكوك كثيرة على تورط أطراف كردية في عمليات الاغتيال هذه لإزالة الموظفين الشرفاء الذين قد يشكلون عقبة أو يقومون بفضح عمليات نهب واستيلاء اقليم كردستان على نفط كركوك والتلاعب بمقدرات شركة نفط الشمال وعمليات تهريب النفط العراقي.
وفيما يخص موضوع صلاحيات المحافظات فإن تصريح كوبيش يعتبر تأييدا للقوى التي تقوم بالمساعي لإضعاف الحكومة المركزية ولأطروحة اللامركزية والفدرالية وهي أطروحة لا يخفى أنها تمهد لتقسيم العراق إلى دويلات بغرض تفتيته خدمة لأغراض إسرائيلية-أمريكية وتتوافق مع أطروحات المنادين بإقليم سني ومع مساعي امريكية بتقسيم العراق والمنطقة إلى دويلات طائفية تقوم بقتل بعضها البعض. وهذا الانحياز يخدم مصالح طائفية وحزبية معينة ويوجه ضربة لفكرة العراق الواحد الموحد. ولا نعرف لماذا اخذ كوبيش وبعثته جانب الصمت حينما تعدى المحافظ نجم الدين كريم على صلاحيات وزير الداخلية قبل بضعة اشهر عندما رفض استدعاء الوزير لقائد شرطة كركوك جمال طاهر. والظاهر أن ذلك لان كوبيش وبعثته لا يهمهم الحفاظ على صلاحيات المركز لان مشروعهم هو أن يقوموا بإضعاف الحكومة المركزية لصالح مشاريع التفتيت الإسرائيلية-الأمريكية.
ونحن لا نستغرب مثل هذه التصريحات التي تكشف عن نوايا خبيثة مبيتة وأحقاد طائفية وتواطئ بعثي-داعشي من قبل كبار الموظفين في البعثة وخصوصا من العاملين العرب والفلسطينيين الذين يديرون المكتب السياسي للبعثة. وكنا قد أشرنا في العديد من المقالات السابقة إلى الدور الخبيث الذي يقوم به جهاز المستشارين السياسيين برئاسة الفلسطيني الطائفي البعثي مروان الكفارنة في توجيه عمل البعثة لخدمة اجندات مشبوهة وغايات اطراف سياسية واغراض الجماعات الإرهابية والعمل على إقامة علاقات بين البعث الصدامي وبين الجماعات الإرهابية الإجرامية عبر
التواصل معها. وإن كنا لا نستغرب مثل هذه المواقف من أمثال الكفارنة ومحمد خليل النجار وسفيان مسلم وغيرهم من الطائفيين الحاقدين في اليونامي فذلك لان ماضيهم وحاضرهم معروف. المطلوب من كوبيش قبل أن يدلي بدلوه في قضايا حساسة مثل صلاحيات المحافظات والتخصيصات المالية أن يقوم بتنظيف صفوف بعثته من الطائفيين المتعاملين مع قوى الشر والإرهاب والمتورطين في اعمال يندى لها الجبين. فالكفارنة الذي يدعي بأنه كان مناضلا فلسطينيا ضد الاحتلال الإسرائيلي وسجن بسبب ذلك هو في الحقيقة مجرم سجن بسبب اتهامات مخلة بالشرف. وهو إضافة إلى ذلك متورطا ليس فقط بالتعامل مع جماعات إرهابية مثل البعث والنقشبندية والدواعش بل في اعمال تزوير أودت به الى السجن. وقد القي القبض عليه متلبسا بالجرم المشهود بتزوير جواز سفر من جمهورية الدومينيكان للسفر إلى أمريكا. وهناك أدلة على ان مواقف البعثة الممالأة للكرد في الأشهر الأخيرة جاءت بعدما اشتراه هؤلاء بثمن بخس حيث عرفوا أن دواؤه هو المال وهو دواء كل رخيص. أما النجار عميل مخابرات جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني الذي كان يقوده محمد دحلان والذي يقوم بتنسيق شبكة اتصالات البعثة مع قيادات الجماعات الإرهابية في عمان فهو مشبوه أيضا بالتعامل مع الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية-والأمريكية التي عمل دحلان في ربط جهازه بها. ولعل تواصل هؤلاء الطائفيين مع الجماعات الإرهابية العاملة في العراق يأتي من باب التخادم بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية-والأمريكية والجماعات الإرهابية.
وعلى ذكر التخصيصات المالية فلقد علمنا أن الأمم المتحدة أيضا مدينة للحكومة العراقية بأموال قامت باستلامها من الحكومة العراقية منذ سنوات ولا يعرف العراقيون ماذا حدث لهذه الأموال. والعراقيون الشرفاء يحق لهم أن يعرفوا أين تذهب أموالهم كما يحق لهم أن يسترجعوا هذه الأموال خصوصا في هذا الظرف الاقتصادي الصعب الذي يمر به العراق.
وأخيرا، نطالب الشرفاء في مجلس النواب العراقي، وعلى رأسهم النائبة البطلة الجريئة الدكتورة حنان الفتلاوي وهي بحق ضمير العراقيين الشرفاء التي اعلنت الحرب على الفساد في دوائر الدولة وعملت على الكشف عن كثير من فضائح الفساد بأن تقوم بفتح ملف فساد اليونامي وتواطوءها مع الإرهاب والبعث المجرم والمطلوبين بجراء