قبل أن أبدأ حديثي مع جناب زعيم المجلس الإسلامي الأعلى السيد عمار الحكيم , أود أن أتوّجه بالشكر والتقدير العاليين لأعضاء وأنصار وجمهور المجلس الإسلامي الأعلى , لما يتمتعون به من خلق كريم ووعي سياسي عال وروح رياضية لتقبلّ الآراء المخالفة لهم , وفي نفس الوقت أقول للبعض من أبناء سقطات المتاع من أبناء البعثيين الجبناء الأراذل الذين وجدوا ضالتهم مع أنصار مقتدى الصدر , بالأمس كان آبائكم , وما أنتم اليوم إلا امتداد لهذا التأريخ المخزي , وإذا كنتم تتصورون أنّكم بهذه الأخلاق المنحطّة التي ورثتموها عن آبائكم , تستطيعون إسكات أصحاب المواقف الوطنية والأقلام الشريفة فلا أقول لكم أكثر مما قاله زعيمكم فيكم ( جهلة .. جهلة .. جهلة .. ) . وعودة لحديث زعيم المجلس الإسلامي الأعلى السيد عمار الحكيم في ديوان بغداد والحديث عن الفساد في مؤسسات الدولة العراقية ووزاراتها , فالسيد عمار الحكيم يرى أنّ ما قيل بشأن الفساد في العراق مبالغ به بشكل كبير , وأنّ الإعلام قد تجنّى على الطبقة السياسية الحاكمة حين اتهمها بالفساد , وأنّ استجواب الوزراء عن الفساد والهدر في المال العام هو استجواب سياسي تقف وراءه مقاصد ومصالح سياسية , ولا ينطلق من باب المصلحة الوطنية في حماية المال العام والواجب في الرقابة على أداء السلطة التنفيذية المنصوص عليها بالدستور العراقي .
والرأي العام العراقي يعرف جيدا أنّ المجلس الأعلى الذي يقوده الآن السيد عمار الحكيم هو أحد الأركان المهمّة والأساسية التي أسست للنظام السياسي القائم , وأحد الأركان الأساسية التي ساهمت بكتابة الدستور الحالي , وأحد أركان النظام التي لا زالت متمّسكة بنظام التوافق والمحاصصات , والمجلس الإسلامي الأعلى وزعيمه يرون أنّ عملية إصلاح النظام السياسي القائم من داخله وبأدواته , ممكنة , وإنّ نظام التوافق بين المكوّنات الرئيسية الثلاث وفق الصيغة المعمول بها هو الاصلح للعراق , ولهذا كان موقف المجلس الأعلى واضحا ولا غبار عليه حين اندلعت حركة التصحيح في مجلس النوّاب والتي طالبت بإنهاء نظام المحاصصات , فالمجلس الإسلامي الأعلى أحد أهم أعمدة نظام المحاصصات وأحد أهم المتمّسكين بهذا النظام والمدافعين عن استمراره , وحين يحاول زعيم المجلس الأعلى التقليل من شأن الفساد في مؤسسات الدولة ووزاراتها , فإنما يوّجه هذا الخطاب للرأي العام العراقي في محاولة منه لامتصاص نقمة الشعب الغاضب على الفساد , وإقناع الرأي العام بأن الفساد في العراق قليل وغير مهم وليس كما يصوّره الإعلام , وأنّ الطبقة السياسية الحاكمة مظلومة بهذه الاتهامات وهي نزيهة وشريفة وحريصة على المال العام , وإن كان ثمة ما يوحي بوجود هدر في المال العام , فهذا أمر غير مقصود من قبل السادة الوزراء والمسؤولين في الدولة العراقية , فليس من الصحيح استجوابهم واتهامهم بالفساد , والأخطر من كل هذا التمّسك بنظام المحاصصات والدفاع عنه .
وبكل صراحة وجرأة أقول للسيد عمار الحكيم , أنّ محاولتك للتقليل من شأن الفساد والنهب للمال للعام , ودفاعك عن الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة , فإنما هو دفاع عن نفسك وعن كتلتك الفاسدة , وليس إيمانا بصحة النظام السياسي القائم , أو حبا بالطبقة السياسية الحاكمة , لأنّك تعلم أنّ الإصلاح الحقيقي سيطيح بكل الكتل السياسية وهذه الطبقة السياسية الحاكمة الفاسدة , وتعلم جيدا أن استجواب وزير المالية الفاسد سيتحوّل إلى محكمة للنظام السياسي القائم بكل رموزه , وسيقف الشعب على حقيقة ماله العام الذي ذهب في جيوب قادة العملية السياسية , وتعلم أن البناء الذي بنيتموه جميعا سينهار كما انهار نظام الطاغية صدام .