هذه المرّة ، أماط اللاعبون الكبار من أمراء الإرهاب عن لثامهم ، وقرروا الدخول رسميا في لعبة الإرهاب ، بعد أن كانوا مستترين خلف مختلف الأقنعة ، رغم أن بروز وجوههم المُسفرة لم تُفاجئ المراقب المحايد والمفكّر بعقلانية وموضوعية ، ويبدو أن القاعدة وداعش ، ما كانتا إلا تمهيدا للشكل الجديد لصناعة الإرهاب الذي إتخذ كيانات هلامية في السابق ، ولو سألتَ أي محلل بسيط عن أهداف هذه التنظيمات المختلفة في المسميات ، لكن الموحدة تماما في الأهداف ، فلربما سيذهب يمينا وشمالا ، تارة بإسم التشدد الديني ، والأخرى لإقامة دولة خلافة ، أو لنشر (الهداية) في العالم الغربي الكافر ! ، لكنه سيتجنّب ذكر هدف رئيسي أعلن مرارا في أدبيات هذه التنظيمات ، وفعلا تمخضت عنه جرائم دموية هائلة لا تُحصى على أرض الواقع ، وهو (إبادة الشيعة) ، خوفا من أن يُتّهم هذا المحلل بالطائفية ! ، أي عليك أن تسلم رقبتك لسكاكينهم وقنابلهم ، أن تستقبل فطائسهم الإنتحارية بالأحضان ، وأن تنتظر الإبادة (كأمر إلهي) ، حتى لا يُقال عنك إنّك طائفي ! ، ولسوء الحظ ، أو بالأحرى لسوء الثقافة ، أن الشيعة قد أعطوا هذا المبرر ، وقد شغلوا عقولهم ، وبددوا جهودهم بإنشغالهم بشعائر اللطم والتطبير وأذى النفس ! .
مما لا شك فيه ، إن القاعدة اسستها المنظمات الأمريكية ، السرية منها والعلنية ، العسكرية منها والأستخباراتية ، وقد أصابها الأفول ، فكانت داعش ، تترعرع تحت أنظار المجتمع الدولي ، وتدخل العراق ، وتُسقط ثلث مساحته ، ببطء يصحبه ضجيج مدوٍّ وغبار ، دون أن تحرّك ساكنا ! ، وكان بإنتظارهم من داخل الوطن ، بدل (أبو رغال) واحد ، آباءٌ كُثُر ! ، وبتمويل خليجي ووساطة تركية ، مستغلّين تقاعس وفشل الحكومة ، التي أثبتت ضعفها الفاضح والمخزي ، بعدم تقديم خونة الأستسلام وتسليم البلد لداعش ، وعدم محاكمتهم بتهمة الخيانة العظمى ، ومنهم الصهيوني (مسعود) الذي إستغل هذه الكارثة التاريخية التي حلّت بالأمة ، ليعلن بسط سيطرته على أراضٍ جديدة وكأنه كان ينتظر هذه الكارثة ، دولة بقضاء أعرج مهترئ ، وبأحزابها المتناحرة التي يسمّونها شيعية ، وهي ليست كذلك لأن ليس لها أي قاعدة جماهيرية ، فهنالك فرق كبير بين القاعدة الجماهيرية الغائبة فعلا ، وبين ميليشيات مستفيدة متكسبة ، لها صوت مسموع ، إنه صوت العنف والرصاص ، فتعطي إنطباعا خاطئا جدا ، إنها تمثل الشيعة كفكر وفقه حقيقي .
نعلم أن شيوخ السعودية ينظرون إلى (ترامب) مثل كلب يمكن إغراؤه باللحم الطازج ، يبادلهم (ترامب) بنظرة مغايرة ، من أنهم أغبياء جدا ، ومن السهل بمكان إبتزازهم ، لأجل إكمال مشروعهم الدموي المريض ، وكلا الجانبان محق في إعتقاده بالآخر ، إنه تبادل للمنفعة بين لصوص وقتلة الصحراء ، مع المافيا العالمية ! .
(روبرت فيسك) ، الكاتب المخضرم في صحيفة (الإنديبيندنت) البريطانية الواسعة الإنشار ، كتب في الصحيفة المذكورة مقالة بمناسبة زيارة (ترامب) للسعودية بعنوان (زيارة ترامب هي لِدَق طبول الحرب على الشيعة) ! ، لقد تطرق الرجل للموضوع مباشرة ، وإختصره من عنوانه دون لف ودوران ، بشجاعة لا يمتلكها أي من المحللين والكُتّاب ، وهذا العنوان وحده ، قد (يستفز) الكثير منهم ، وقد يتهم البعض السيد (فيسك) بأنه (طائفي) أو ربما (شيعي) هو الآخر ! ، وهي تُهم جاهزة لرمي الخصوم من قبل المفلسين (الطائفيين الحقيقيين) ، لكن المقال مليء بحقائق دامغة ، عن نية (السعودية) ، قيادة ما يسمّى (العالم الإسلامي) لمحاربة (التشدّد والتطرّف) ! ، وتسائل الرجل عن معنى ومصدر هذا (التطرف) ، ورَبَط بدايات تأسيس هذا الإئتلاف بالعدوان على اليمن .
السعودية أبرمت إتفاق مع (ترامب) لشراء أسلحة بمبلغ 380 مليار (وليست مليون) دولار ، ووقع هذا اليوم الجزء الأول من هذه الصفقة بقيمة 110 مليار دولار ، إنها الصفقة الأكبر من نوعها في تاريخ أمريكا والعالم ! ، وربما لا تضم دولة عضوة في (الناتو) ، هذه الترسانة ! ، هذا يجعلنا نتسائل بعقلانية ومنطق ، عن جدوى ومآل هذه الترسانة ، فمن هم أعداء (السعودية) ؟ ، لا أحد ! ، إذن لماذا ؟ المعلن لمحربة التطرف ، حسنا ، وما هو مصدر هذا التطرف ؟ أليست (السعودية نفسها) بأفكار إبن تيمية والوهابية ؟ ومناهج التكفير المدرسية لغسل الأدمغة ؟ مع من تبنى مبادئهم المريضة من (بوكو حرام) و(حركة الشباب) وغيرهم ؟ ، أم إن الغرض شيئ آخر ؟ ، أي تشدد هذا الذي ينبغي محاربته وهو لا يشمل (داعش) ؟ ، والذي لم يصب السعودية بمجرد (خدش) ، لأنه إبنها الشرعي ، فما هو هذا (التشدد) ؟.
حسنا ، لنعد سنوات إلى الوراء ، حيث التدخل السعودي لقمع المظاهرات السلمية في البحرين (الشيعية طبعا) في ساحة (اللؤلؤة) ، والتي إنتهت بهدم نصبها ، وهذا عمل لم تقدم عليه أكثر الأنظمة وحشية في العالم ، إلى هذه الدرجة كانوا يخافون هذا النصب الأصم ، لمجرد كونه رمز ! ، والملفت للنظر ، هو الصمت العالمي المطبق ، والمنهمك بمظلومية (المثليين) ! ، ثم تبلور إئتلاف جديد بإسم (التحالف العربي) ، لفرض (الشرعية) في اليمن بعد سيطرة الحوثيين (الشيعة أيضا) على مقاليد السلطة في اليمن ، وحدث ما حدث ، من مجازر بحق المدارس والأطفال ، وفرض الحصار حتى درجة المجاعة الأشد في تاريخ اليمن ، كل ذلك ، ولم تستطع هذه (السعودية) من تحقيق هدفها ! ، وبدلا من ذلك ، إنتقلت الحرب إلى داخل أراضيها رغم القسوة البالغة بحق المدنيين ، فهل تحتاجون لتلميح آخر عن مصير هذه الصفقة ؟! ، الإجابة متروكة لكم !.
بوجود هذه الصفقات ، دخل اللاعبون المحركون للإرهاب ، فكرا وتسليحا وتمويلا وإدارةً إلى اللعبة مباشرة ، وسوف تُستبدل السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والفطائس الإنتحارية التي فرمت لحومنا ، بطائرات متطوّرة وصواريخ ذكية تحت شتى الذرائع والمسميات ، لحرق أحياء سكنية بأكملها ذات أغلبية (…..) !! ، تدفعهم العنصرية والحقد والكراهية العمياء والطائفية وقيح مزمن من العُقد التاريخية ! ، ولضمان نجاح اللعبة ، عليهم ضم (إسرائيل) إليها ، فكل لعبة دولية (مُتقنة) ستكون ناقصة أو مصيرها الفشل دون بركات (إسرائيل) ، فأبدى هؤلاء الأجلاف إستعدادهم للتطبيع مع إسرائيل بتهافت مثير للشفقة ، وبعقلية مريضة وحماقة ونذالة لا حدود لها ، بحيث يشترون المجاعات بمئات المليارات الدولارات على شكل أسلحة دمار وجوع ! ، و(ترامب) يُعلن منذ حوالي الشهرين ، أن (إيران) الراعي الوحيد للإرهاب ! ، ربما ، لكن أين ذهبت السعودية وقطر وباقي دول الخليج ، ومناهج ومشايخ التكفير الدموي ، أين ذهبت (تركيا الأخوانجية) كوسيط للتمويل ، والتي تبيع النفط الداعشي المسروق بسعر بخس !؟ .
لا أحبّ إيران ، ولدي الكثير من المآخذ على سياساتها ، منها جعل العراق حديقة خلفية لها ، لأن ساستنا هم من أعطاها الذريعة بذلك ، ولو كنت سياسيا إيرانيا ، ولديّ عدد لا يُحصى من العملاء المستعدون لتقبيل أحذيتي قبل تلميعها ، لفعلت الشيء نفسه ، لأن العراق ورقة رابحة أدّخرها في أشد مناطق العالم سخونة ، والأمر يشمل جميع دول الجوار على الإطلاق ، وصار كل صعلوك ، يتطاول علينا ، أحد أعذار هذه الصفقة الهائلة يقول ، أن صفقة الأسلحة هذه هو (لتحييد) قوة إيران ، والحد من نشر نفوذها ، ويسمونها إيران الملالي ! ، إيران الملالي ، تصنع السيارات والسلاح المتطوّر رغم الحصار ، وأكتفت ذاتيا ، وصارت دولة نووية تُحسب أمريكا بنفسها لها ألف حساب ، ولو عرفت أمريكا أن (إيران) لقمة سائغة كالعراق ، ما كانت لتنتظر ، ولوجّهت إليها ضربة منذ زمن بعيد ، و(طهران) التي فازت في أحد السنين بجائزة (أنظف عاصمة) ، فهل في بلدانكم مصانع للسيارات ؟ ، هل بلدانكم مكتفية ذاتيا ؟ ، هل تصنعون السلاح ولا تشترونه من قتلتكم ؟ ، هل بلدانكم قوية لتبعد عنها الأستفزازات ، هل عواصمكم نظيفة ؟ ، متى نفهم أن منطق القوة ، هو المبدأ الوحيد الذي يفرض الأحترام ؟ ، القوة الرادعة وحدها هي التي أعادت الصواب لعقلية (ترامب) الأرعن ، فتحوّل من الهجوم الكلامي على (كوريا الشمالية) ، محور الشر سابقا ! ، إلى إسترضاء زعيمها ، برغبته في لقاءه ! ، متى نفهم أن المصالح في هذا العالم فوق المبادئ التي ولّت مع عصر المعجزات ؟ يتربّع الزعيم العربي الأوحد على عرشه ، وهو يراقب نصف دزينة من رؤساء إيران يروحون ويغدون !.
ها هو (ترامب) ، يحل ضيفا بلا شرف ، للمشاركة في قمة الدول الإسلامية في السعودية للإعداد للعدوان ، ترامب الصهيوني ، والنازي ، والعنصري ، و(شايلوك) العصر ، فأي إسلام هذا الذي تتشاركه الدول المجتمعة ؟! ، أكفر بهكذا إسلام لأنه المعني بالآية الكريمة (الأعراب أشد كُفرا ونفاقا ، وأجدرُ أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم ) .. صدق الله العظيم ..