22 نوفمبر، 2024 11:58 م
Search
Close this search box.

مراجعة ومحاسبة هادئة ومنصفة لعهد المالكي- 1

مراجعة ومحاسبة هادئة ومنصفة لعهد المالكي- 1

احاول في هذا الجهد المتواضع ان اسلط الضوء على مرحلة صعبة من تاريخ العراق مستعيناً بأشخاص لديهم معلومات موثقة احاول ان أقاطعها مع بعض خدمة للحقيقة وأهمل منها غير المقنع والمتجني والشامت، فنوري المالكي  وبجردة حساب منصفة له لابد ان تتم مراجعة فترة حكمه الثمان سنوات التي حكمها بموضوعية ليس للنيل منه وإنما من أجل العراق ومستقبله وتاريخه ولكي لا نتحدث تحت ضغط وتأثير العواطف الطائفية او الشخصية وإنما بتجرد منصف للرجل وللتجربة ولنوثق للتأريخ هذه الحقبة التي تمتد من ٢٠٠٦-٢٠١٤ من تأريخ العراق وأدعو هنا من يقومني او يصحح من خطأ يراه للتوثيق وليس للرأي، فالآراء حول الرجل متضاربة ويصدم بعضها بعضاً فمنهم من يحبه ويعشقه ولا يرى فيه من خطأ وان كان فيه بعض منه فإنه يلتمس له العذر، وآخرون يرون فيه أخطاء متراكمة وأزمات مفتعلة لم يكن مضطراً لها بل هي جزء من عقليته وفكره، وهذا أيضاً يدخل في باب الرأي وهو ليس موضوعنا هنا.     
 
بدأ المالكي حكمه في شهر حزيران ٢٠٠٦ في ظروف صعبة بعد الهجوم على مرقد الإمامين العسكريين في سامراء وتنامي دور القاعدة والزرقاوي وعدم وجود قوات أمنية يُعتد بها غير القوات الامريكية التي كانت عاجزة عن مواجهة الإرهاب الذي يتخفى بين الناس وفي المساجد وفي الحواضن وبزغ نجم المالكي زعيما وطنياً يحاول ان يُلملم الجراح وبدأ صولة الفرسان في البصرة ضد الميليشيات الشيعية وخرج منها منتصراً وتعاون مع قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ديفيد بتريوس في تنظيم قوات الصحوات ونجحوا في ضرب القاعدة واستعادة الأنبار، وتحسن الوضع الأمني وتراجع معدل الهجمات الإرهابية وخاض المالكي مفاوضات قاسية مع الولايات المتحدة لإخراج قواتها من العراق ونجح بإمتياز، وبدأ الأمل يداعب الكثير من العراقيين خصوصا مع تنامى دخل الفرد في العراق كنتيجة طبيعية لزيادة موارد الدولة وبدأ المالكي ببناء القوات المسلحة والشرطة بزيادة هائلة لأعدادها بتوزيع حصص تعيين على شركائه السياسيين وهنا بدأ أول الخلل يسري في توزيع المنح والمراكز والقطوعات والمكرمات وتنامت شعبية الرجل بطريقة شجاعة وحصد على أصوات فلكية في انتخابات ٢٠١٠ واستطاع ان يغلق المنافذ على منافسيه ويشل جهودهم في انتزاع رئاسة الوزراء منه الى ان اقتنع الجميع بما فيهم اللاعبين المحليين والإقليميين وكذلك الولايات المتحدة بان المالكي هو الخيار الوحيد المتوفر لرئاسة الوزراء، وما أن ثُنيت له وسادة الحكم فقد بدأ الخلل الخطير يدب في أوصال المالكي الذي ركبه غرورٌ لم يعهده المقربون منه وأركان حزبه من قبل وبدأ المسلسل الخطير والتراجع الى الوراء الذي يمكن إجماله بما يلي:

أعطى المالكي وعوداً لأياد علاوي في أتفاق أربيل وخطوات إصلاح تنفيذية للشركاء السياسيين في القضاء والأجهزة الأمنية وأجهزة الدولة، تراجع عنها ولم ينفذ منها شئ بمجرد تشكيل الحكومة وضرب بها عرض الحائط.
أحدث شللاً هائلاً في قدرة التحالف الوطني على تقويم الوضع والانحدار بطريقة ذكية بشراء الأشخاص وترهيبهم وإغرائهم، حتى بدأت الأصوات تتعالى بأكثر من النقد باتهامه بأنه طاغية من قبل مقتدى الصدر ونقد ذكي من عمار الحكيم الذي استثمر أخطاء المالكي وحصد نتائج باهرة في انتخابات مجالس المحافظات، وحتى جعفر الصدر نجل أية الله محمد باقر الصدر والذي عُرف بقليل الكلام فقد جلده بأقذع الأوصاف، وبدأ حديثاً مبطناً من قبل السيد السيستاني عن نقد قاس وواضح له، هذا غير الشيخ بشير النجفي وباقي المراجع الذين ما فتئوا ينتقدونه علناً.
استأثر المالكي بوزارة الدفاع والداخلية والأمن والمخابرات بعنادٍ متواصل حتى مع حلفائه بالتحالف الوطني وبدأ يحول منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية لولاء شخصي له بامتياز حيث استبدل ضباط الدفاع بضباط جُدد منحهم رتب مضاعفة لا يستحقونها فأصبحوا عبيداً له يكتبون له ما يريد ويُسمعونه مايحب ان يسمع وتحول مكتب القائد العام للقوات المسلحة لوزارة دفاع موازية يتم من خلالها تعيين قادة الفرق والألوية كلٌ بثمنه وأطلقت الأيادي لتعيين جنود وهميين (فضائيين) لقادة الجيش وايضاً شراء الأسلحة و المعدات تحت غطاء السرية وعدم الإفصاح للمؤسسات العسكرية، اما وزارة الداخلية فاُطلقت يد عدنان الأسدي فيها وبدأ بإزالة وملاحقة كل الرتب الكبيرة وتم فصل كل الوكلاء وبقي هو ملكا متوجاً لا ينازعه أحد، حتى رُفعت صورته في كل مكاتب وأفرع الوزارة الى جنب صورة المالكي وهو مضمد لم يمارس المهنة بل كان بقالاً في الدانمارك بمحل متواضع يقتات منه رزقه. وازداد عدد المنتسبين بتعيين الآلاف عن طريق مكاتب حزب الدعوة في المحافظات وياسر عبد صخيل وتم شراء معدات وأسلحة بدون أي لجنة مشتريات او تقييم للنوعية وعن طريق عدنان الأسدي لوحده، حتى البطاقة الوطنية تمت دون علم أحد وبتكلفة تتجاوز ٣٠٠ مليون دولار بعدما كانت ١٢٠ مليون دولار في زمن البولاني، لكن الأسدي وفالح الفياض سافروا الى ميونيخ في ألمانيا وتعاقدوا سراً مع شركة ألمانية حتى دون علم او حضور السفير العراقي في ألمانيا.
[email protected]

أحدث المقالات