مدخل:
عندما نتحدث عن المراجعة فإننا نتحدث عن امر موسوعي يحتاج الى موارد بشرية خاصة عالية الثقافة واسعة التفكير مبدعة تفكر خارج الصندوق، من الأمور المهمة التي تحتاجها المراجعة، وسبق هذا المقال عدة مقالات في موضوع المراجعة، وكيف انها ان لم تضبط وفق قواعدها فهي ليست أكثر من زيادة الثقة بالخطأ وان لم تحدد اطرها، فان عملية المراجعة محض بحث فشل في التكتيك بينما الفشل قد يكون في الاستراتيجية او تحديث الأيدلوجيا.
في حركات عقدية كالإسلامية وهي ما يهمنا هنا ان نفهم التالي:
الماهيات الثلاث الأولى تعبر عن تعريف ماهية الفكر، ولا يعد الفكر فكرا حضاريا مالم تك له نظرة عن الكون والانسان والحياة، والحديث عنها يحتاج الى كتب كبيرة، بيد اننا نقول ان الكون هو خلق الله بانفجار عظيم ومازال يتسع، وان الحياة هي ان تكون ذات مهمة ومعنى بالنسبة للآدمية، وعموم المخلوقات أمم مُسَخَرة وليست مكلفة كالآدمي،ومهمة الانسان في الأرض عمارتها وديمومة السلالة، وهذا من خلال السعي يجري اختبار المنظومة العقلية وقدرتها على إدارة الحياة والأفكار والابداع، نحن لسنا لتحقيق إرادة الله بما نظن انه يرضيه، وانما وجودنا بإرادته.
الانسان في الأرض اذن ممتحن بمنظومته العقلية وتدويره للمعلومة بما يعمر الأرض، ويضع أسس الحياة ويتفاعل معها، فهنالك الغني وهنالك الفقير وهنالك العاقل وهنالك الارعن والمخبول وهذا ما لا حساب عليه وقد يكون امتحانا لغيره، بقي موضوع الابتلاء.
الابتـــــــــــلاء
ما يصيب الانسان من شر ليس ابتلاء وبالذات ما يكون بسبب المنظومة العقلية، الابتلاء الرباني في الرزق بأنواع الرزق والنعم، اما النجاح والفشل في تقدير الأمور فهو من المنظومة العقلية عندما تتعلق الأمور في إدارة الحياة كمنظومات حكومية او حزبية او حتى اشخاص، والرزق بحد ذاته ابتلاء الوفرة والنقص لكن كتدبير الخالق للمخلوق واحد فليس من انسان يجمع كل شيء، فهنالك مبتلى بالمال، او الجاه، المنصب، او المواهب، بعضها وليس كلها فيزيد احدها وينقص الاخر وتبقى المنظومة العقلية تدير تلك المعطيات لسد النواقص وقد يبتلى الانسان فيها زيادة او نقصان.
الخلط بين الابتلاء والفشل هو ما يحصل غالبا عند المنظومات المؤدلجة كالتنظيمات الدينية ويستعاض عن هذا عند العلمانيين واللا دينيين بجملة ( يتآمرون علينا ولا يدعوننا نعمل او ننجح)، واركز هنا على التنظيمات الدينية لأنها تعتبر الابتلاء قدرا مقدورا ليغيب الاعتبار، فعندما تضع الفشل كابتلاء فإنها ستستسلم لأنها ستعتبره مزيدا من الاختبار والاجر ولا تأخذه كفشل منظومة وبالتالي تلحق كوادرها والبلد تبعات ممكن تجاوزها بحسن التخطيط والتعامل مع المشكلة بحجمها، فتخطئ في موضع المراجعة، اهو من مفصل التنفيد الفلاني ام من بداية الخطة ام من اين بينما يكون الخطأ في غفهم الفكر ومطابقته مع الواقع وقد تعتبر هذا من المحرمات وهو فهم خاطئ لتعامل الفكر مع الواقع وقراءته ليقود الزمان والواقع الى الامام وليس اعادته الى الخلف والعيش في التاريخ والماضي او اجبار الواقع على التخلف ليتناسق زمانيا مع الماضي، او نقل المشاكل الى الحاضر جراء نقل حلافات زمنها الى الواقع وهي أمور تدين غريزي وليست دين لان الواقع اليوم يحتاج منظومة ونظام إدارة وما يأخذه من الدين هو القيم الأخلاقية وفكرة العدل والإحسان والتكافل الاجتماعي ونشر المحبة والتفاعل مع متعدد العقائد على نسق واحد وتلك قراءات لابد ان تظهر، اما السلطة الشكلية والاسمية دون القيم الأخلاقية والعدل وإقامة العدالة بالقوانين وتفسيرها بلوائح تطبيقية فهو افساد في الأرض يحتاج الى تغيير بما يقيم العدل، فهو فشل للمنظومة العقلية الادمية في الإدارة بان السلطة في الإسلام هي توفير الأجواء وتحرير المنظومة العقلية وإتاحة الخيار لها ومساعدتها برفدها بالمعرفة وشرحها.
التطور الحياتي والتوسع الفكري:
ما يجعل الابتلاء ليس بلاء هو التفكير والاعتبار من التجربة وتحليلها، وهنا لابد من مواصفات خاصة لمحلليها وليس بذكر المحاسن او النقاط الإيجابية واعتبار السلبية نوعا من الابتلاء…. هذا عين البلاء ان لم تفهم الأمور بشكل صحيح ويكون الاعتبار المؤدي للتصحيح، الاعتبار هو من يجعلك لا تعيدذات خطوات الفشل وهو ما يوسع الأفق في المهمة ويعدل برنامجك وسيحدد لك السير بالدين القويم وليس بغريزة التدين او امنيات أوهام الذاكرة المعرفية بانك تضع برامجك وليتبعها الجميع شاء من شاء وابى من ابى، كأي ايدلوجيا قومية او غيرها عدمية تمحق الحاضر وتنفجر منتحرة باهلها وشعوبها في المستقبل، فهذه ليست مشاريع عمارة الأرض وانما فضاءات فوضى الغرائز كما حب السيادة والتملك يقود للظلم والاستبداد كذلك غريزة التدين.