للمكان في وجدانه رمزية كبيرة..ولا غرابة في ذلك.. فهو منذ صغره كان قد تعلق بولع شديد بكائنات فضاءات بيئته.. فظل يتفاعل وجدانيا مع حيزها الحاضن له على انه مرموز حسي متساكن في اعماق ذاته…لذلك ظلت مرابع ديرته.. نهرا وشعابا ونياسما وشياها وحارات ودبكات.. أيقونات رمزية في سياق ثقافة ريف طللية متجذرة..تنبض بكل معاني التواشج الوجداني مع مرموزات تلك الكائنات حتى مع اغراءات عصر براقة عاشها بتفاصيلها..تمركزه وجدانيا عجيب حول مكان النشأة.. الذي استوطن ذاكرته في الصميم.. ليكون بؤرة إنتاج صور رمزية.. تستجيب لانثيالات ذاكرته المتوجدة عن المكان.. كلما شعر بضجيج صاخب.. وانزوى بخلوة هادئة .. حيث يتجلى له عندئذ شعور حالم.. يسترجع من خلاله كائنات ديرته الأم..بحضور حسي متجسد لا يقبل الزيف.. يتخطى به كل حواجز تحايث العزل المألوفة في ثقافة الآخر بين الذات والموضوع…