19 ديسمبر، 2024 12:13 ص

 مرؤة الإسلام وخبث الغرب…!

 مرؤة الإسلام وخبث الغرب…!

(الذينَ يؤمنونَ بما أنزيل إليك وماأنزيلَ من قبلكَ..)
 جلب إنتباهي  أحد البرامج الحوارية حول أحداث ( الربيع العربي )‘ ومضمون الحوار يركز على صعود التيار الإسلامى بعد إجراء الإنتخابات في ثلاث دول عربية : تونس ومصر و المغرب رغم عدم حدوث إنتفاضة ثورية في البلد الأخير كما حصل في البلدين الاولين ‘  تحدث أحد المشاركين عن خطورة الانتفاضات و صعود التيار الإسلامي على مستقبل الدولة العبرية الاستيطانية فى أراضي فلسطين المحتلة ‘ قال الأخر متهماَ الفائزين من التيار الاسلامي منذ الان بمجاملة تلكَ الدولة مستشهداً بتصريح  زعيم حزب النهضة الإسلامية في تونس داعياَ اليهود التونسيين للعودة إلى وطنهم !! ‘ في الواقع ‘ لم أطلع على أصل تصريح المشار إليه من قبل المتحدث ‘ ولكن لمعرفتي وإلى حدما ‘ بالتوجهات الموضوعيه لذلك الحزب ‘ إصدق كلام المحاور (الناقد) مع فارق في قراءتي وتفسيري لتصريح ذلك الزعيم وتفسير المحاور في البرنامج ‘ حيث أعتقد أنها دعوة صحيحة و صادرة عن عقلية ناضجة فى التعامل مع مايدور حولنا ‘ بل هي خطوة لتصحيح اخطاء (معلومة ومتعمدة) حدثت و ساهمتَ في خسارة المسلميين لفلسطين توافقاً مع توجهات الغرب من أجل ذلك ‘ حيث يحدثنا التأريخ ‘ والوثائق الكثيرة  ‘ أن هجرة اليهود من الدول الإسلامية عموماَ والعربية على وجه الخصوص ‘ لم تكن كهجرة يهود الغرب (مختاراً) بحجة الظلم الذي أرتكبة النازيون بحقهم ‘ بل يمكن ‘ إن اردنا أن نكون واقعيين وبعيدين عن بدعة (مسح الذاكرة) كطريقة مختارة لراحة بال (المتنفذين!) في المنطقة ‘ يمكن القول أن اليهود الذاهبين إلى فلسطين ‘ طردوا..طرداً مدبراً بذكاء و عن طريق تعاون مشبوه بين الحكام و الانكليز المشرفون والمتعهدون الرسميون لتحقيق حلم (هرتزل) منذ وعد (بلفور) ‘  وقراءة لاعترافات وكتب المذكرات  لعدد غير قليل من  يهود الشرق ‘ و مطالعة دقيقة لتصرفات صهاينة الغرب المهاجرين ، وبعد أن أصبحوا حكاما متنفذين في السلطات الاستطانية في فلسطين مع  اليهود الشرقين بنظرتهم الإستعلائية تجاههم ‘يدل على أنهم مجبرين على تواجدهم في ارض (الميعاد) وهم أنفسهم يشعرون بالغربة في ظل الكيان الإستيطاني ‘ ونحن قدمنا محاولة متواضعة ‘ نشرت في هذه الصحيفة ‘ عندما كتبنا عن وثيقة (تأملآت سيدة يهودية عربية من العراق)  وهي الدكتورة إيلا حبيبة شوحات أستاذة مادة الدراسات الثقافية والنسائية في جامعة مدينة نيورك  وهي تتحدث عن مٌعاناة اليهود في البلدان العربية وكيف أنهم وفى ظل الحكم الإستيطاني  فرض عليهم (لأول مرة في تأريخنا يٌفرض علينا التميز بين العربية واليهودية بإعتبارهما ضدين ) ‘ هذه الوثيقة ‘ ووثائق أخرى كثيرة نشرت تؤكد أن تهجير يهود الدول الإسلامية و العربية كان ضمن خطة خبيثة تم تنفذها بتعاون مع الغرب كما أشرنا … وبالإطلاع الموضوعي على التأريخ ‘ نرى أن كثيرا من الشواهد  تري ان الاسلام  الحقيقي يؤكد بشكل لاغبارعليه على ضرورة احترام خصوصيات الانسان في انتمائه العرقي والديني  ومواقف الدولة الاسلاميه بدءا من الخلفاء الراشدين وتعاملهم المتفتح مع القوميات والاديان  السماويه الاخرى  حيث كان تعاملا حضاريآ وانسانيا واعيا منسجما تماما مع مباديء الرسالة الاسلامية  وماكان يتردد عن بعض خلفاء المسلمين في اختيار بعض كوادرالعمل في الدوله الاسلاميه وفي المواقع الحساسه من المنتمين للديانات السماويه الاخرى، والغريب ان هذا الاسلوب الحضاري المتفتح البعيد عن الحساسية والتعصب العرقي والبعيد عن عقدة التأمر انتقل الى الغرب وغاب عن الشرق الاسلامي عموما وعند الحركات القوميه العربيه خصوصا ‘ لذا نرى أن تصريح القيادي الإسلامي في تونس هوليس محاولة للتقارب من (الدولة الاستيطانية ) في فلسطين كما أوحى المشارك (القومي) في البرنامج المذكور ‘ بل محاولة ذكية لتصحيح المسار الإسلامي المتفتح على المنتمين لارض البلدان الإسلامية دون عقد ‘ وتفسير سلبي لهذا الموقف يدخل  ضمن عقدة التأمر والتشكيك ‘ كلما تعرضت منطقة الشرق الاوسط لتطورات سياسية ‘ في تصورنا المتواضع لوضع  شعوب المنطقة ‘ أن دعوة اليهود المهجرين من الدول العربية والإسلامية مبادرة لسحب البساط من تحت اقدام العنصرين الحاكمين في الدولة الاستيطانية الذين يخططون لكسب التأييد الدولي لمشروع (الإعتراف بدولتهم ‘ دولة يهودية ) بل نرى أنها دعوة تدل على صحوة صحيحة لنهج الرسالة الإسلامية الحقيقية ‘ المتفتحة كنهج وموقف وفكر وحضارة على كل الرسالات السماوية والسير على نهج التعايش والتحاور وتقدير انسانية الانسان أولاَ طريقاً بإتجاه تحقيق هذا النهج .
2
أتذكر وكان ذلك أواسط خمسينات القرن الماضي وأنا طالب في مدرسة جوارتا (قصبة جبلية تابعة لمحافظة السليمانية – أقليم كردستان العراق ) ‘ كان  رجل مسيحى وحيد يعيش في تلك المدينة ‘ هو وزوجته ‘ وإسمه (بولص) ولان حرف (ص) لايلفظ في اللغة الكردية ‘ كان الناس يلفظون إسمه ب (بوليس !) ‘ وهومساعد للطبيب البيطري في المدينة ‘ ولانى وبتوجه من والدتى اذهب إلى جامع المدينة للصلاة ‘  احضر احيانا قبل  وقت صلاة المغرب  ‘ أستمع إلى بعض حوارات الناس مع امام الجامع (الاستاذ المرحوم ملا كاكه حمه) وهو يجاوب على إستفسارات المصلين . فى أحد الأمسيات قال احد هم للامام : ياشيخنا (بوليس) المسيحي الوحيد بيننا ‘ لماذا لاتطلب منه أن يشهر إسلامه على يدك ؟ أجابه الشيخ : (يارجل ‘ أتركه في حاله وهو نموذج بيننا ‘ ليكون شاهداعلى سلامة الإسلام وصدق كتابنا الذي نزل على الرسول  ‘ نؤمن بما أنزل إلينا و ما أنزلَ من قبلنا ‘ وهو يعيش أمناً مطمئنا بيننا ‘ وعسى أن يأتى يومً يؤمن  به بالإسلام ).. ومن هذا النموذج الصغير نستطيع فهم نظرة الإسلام الحقيقي للاخرين ‘ ومن هنا عندما نقراء تأريخ ظهور الإسلام وكيف تصرف الرسول الكريم ‘ ومن سار على نهج الإسلام بصدق وامانه لنشر الإسلام ‘ نفهم مبادرة ( دعوة لعودة اليهود المهاجرين من الدول الإسلامية عموماً والعربية خصوصاً ) يتحدث التأريخ ‘ أن إظطهاد اليهودوكراهيتهم  من قبل الغرب  ‘ ليس وليد أحداث الحرب الذي شنه النازيون ضدهم ‘ بل هناك شواهد ووثايق تؤكد أن المتنفدين في الدول الأوروبية وقبل ذلك التأريخ بكثير مارسوا تميزا ضدهم حيث منع تعيين اليهود في كثير من تلك الدول في المواقع العسكرية والاكاديمية مما أدى إلى تحول كثير منهم إلى المسيحية ‘ ولم ير اليهود في اوربا الاستقرار في التعامل الإنساني معهم  إلا في ضل الدولة الإسلامية في الاندلس ‘ والتأريخ يشهد أن اكثرية اليهود في الدول الاسلامية في شمال أفريقا هم الهاربون مع الاسلام إلى هذه الدول بعد سقوط دولة الأندلس‘ حيث كانوا يشعرون بأمان في ظل الاٌسلام وفقدوا هذالأمان بسقوط دولتهم في الاندلس . كثير من شواهد التأريخ تؤكد أن اليهود الذين كانوا يعيشون في الدول الإسلامية أستطاعوا أن يندمجوا مع سكنة تلك البلدان بحيث أصبحوا جزءاً  منهم وكانوا  لا ينفصلون عن حياة ذلك البلد الإجتماعية والثقافية بالأضافة الى  أنهم كانوا يستخدمون لغة ذلك البلد حتى في ترانيمهم الدينية كما تؤكد رسالة د. إيلاحبيبة التي أشرنا إليها فى الجزء الأول من هذا المقال . وهناك كثير من الشواهد الأخرى  عن الموقف العنصري لليهود المتنفذين المهاجرين من الغرب  إلى الدولة الإستيطانية في فلسطين المحتلة يبين كيف عمل هؤلاء لتجريد اليهود المهاجرين (المهجرين في الواقع) من الدول الإسلامية والعربية من أجل تجردهم عن تأريخهم ‘…نظرة واقعية من هذا المنطلق يبن لنا أن دعوة لعودة هؤلاء (المواطنيين ) إلى بلدانهم الاصلية ‘ دعوة فيها موقف رشيد ونظرة سليمة للامور في المنطقة ‘ ومن المطلوب ‘ وبعد هذه الدعوة التوجه العملى لتأسيس لوبى اسلامى وطنى في كل البلدان الإسلامية للعمل المبرمج و الجدي لتوجيه الدعوة لهولاء للعودة إلى أوطانهم وبذلك نشق جدار ذلك الكيان المصطنع ونعيد الوجة الناصع للإسلام الحقيقي في تعاملة مع كل من يعيش  ويتعايش معه .وسوف يؤدي هذا العمل الى فشل مخطط الاستكبار العالمي الظالم الذي يعمل لتشويه انسانية الإسلام ،وعمل كهذا لايكلف أكثر من المبالغ التي تصرف لفتح القنوات الفضائية المبتذلة التى يتم دعمها من بعض دولنا مع الاسف ! ‘ أن المتنفذين في العالم الإسلامي مدعون لتأكيد حقيقة إنتمائهم للاسلام ضمن الرسالة التى أنزلها ألله وأن يعوا ‘ وكما جاء في دراسة تحليلية
لرئيس أكاديمية القضايا الجيوسياسية في روسيا ‘ ليونيد إيفاشوف يقول فيها : إن حلم الأمريكيين هو رؤية العالم الإسلامي غارقا في الفتن الداخلية، وفي النزاعات الخارجية. ولتحقيق هذه الحلم يعمل الأمريكيون على تهيئة الأوضاع، بطريقة تضمن استمرار دوى الانفجارات في المنطقة، وإبقاء نيران النزاعات مع الدول الأخرى مشتعلة. إن ما تريده الولايات المتحدة في حقيقة الأمر هو أن تبقى سماء العالم الإسلامي ملبدة بدخان الحروب من دول البلقان وحتى باكستان،. وبعبارة أخرى، فإن ما هو مطلوب أمريكيا من هذه المنطقة، هو أن تكون مصدرا دائما للقلاقل والاضطرابات. وهنا لا بد من التساؤل: ما هو الهدف الذي تتوخاه أمريكا من وراء ذلك كله؟ أن الأمريكيين مغرمون بإشاعة الفتن والخصومات، والسعي لجني مكاسب من وراء ذلك، إذ لم يكن من قبيل المزاح ما قاله مسؤول أميريكي رفيع، بأن الولايات المتحدة ستجبر العرب على الاقتتال فيما بينهم، وأمريكا على استعداد لتمويل ذلك الاقتتال ‘وهذه الخطة واضحة لكل ذي بصيرة منذ (عملية 11سبتمر!) الغريبة ‘ وأحد مستلزمات العمل الجدي لسحب البساط من تحت اقدام أعداء الإسلام الحقيقي هو تبني دعوة اليهود (المهجرين ) للعودة إلى بلدانهم ..بذلك نثبت مروءة ومبدئية الرسالة الإسلامية ونفتح الباب لافشال خطط خبث الغرب ..!