23 ديسمبر، 2024 8:34 ص

عندما أمسكها بين يدي ينتابني شعور العظمة، وأشعر بالعالم يتصاغر من حولي، فهي رفيقتي
الصامتة التي تنصاع لي من غير جهد ولا عناء.
أصبحت صديقتي التي لا تفارقني أبداً ،
تكاد تكون معي حتى في أحلامي، أحببتها من حيث لا أعلم ما هو الحب ،كذلك هي تعبر دائماً عن إحترامها لي، ووقوفها معي و مؤازرتي، لكن بطريقتها التي تجيدها بدقة،
كانت دائماً تهمس لي وتقول لا بد أن نفترق في يوم ما ، أبتسم وأقول وإن يكن وأفترقنا فلن أنساك ما دمت حيا ، رفيقتي وصديقتي الدائمة
بندقيتي الجديدة ، حين حملتها أول مرة شعرت بالغرابة، فهي لم تكن مألوفة لي ولا لزملائي ، لأننا أعتدنا على إستعمال السلاح التقليدي الروسي الكلاشنكوف ، أعجبتني فبادرت لإستلامها والتدريب عليها،
في يوم شديد البرودة وأنا مستلقي على ساتر الصد، نظرت إليها وقلت، رفيقتي أرجوك لا تخذليني عند الإشتباك ، أخرجت خرقة من جعبتي وبدأت أمسح الأتربة والأوساخ عنها ،
وكأنها تقول لي أبداً أما أن نحيا أو نموت سوياً. بتنا تلك الليلة الباردة دون تعرض ولله الحمد.
عند إنتهاء واجبي رجعت إلى الثكنة ، توسدت السرير منهك من التعب والسهر ، ألقيتها بجانبي ونمت ، بعد فترة لا أدري كم من الوقت مضى ، أيقضني زملائي بتوتر وجلبة ، صارخين أنتحاري أنتحاري !،أسرعت مرعوبا ومكبرا ومهللا والعن الدواعش حاملاً سلاحي إلى الخارج ، بينما أنا كذلك وإذا بإنفجار هز البناية ، معلناً عن أستشهاد ثلة من زملائي المقاتلين، وأصابة مجموعة أخرى، هرعت إليهم باكيا صارخاً ،
الله أكبر الله أكبر اللعنة على داعش ،
بعد هذا الإنفجار قررت القيادة تغيير المكان، لما طاله من تخريب ودمار إزاء الإعتداء الداعشي، باشرنا إلى موقع ليس ببعيد، مرت علينا أيام صعبة جداً، ما بين حزننا على زملائنا والتعب والجهد الإضافي من التنقل بعيداً عن وصول الأنتحاريين. نادى آمر الفوج وعبر الجهاز اللاسلكي، أخواني لنتهيأ فلدينا واجب، عملية تعرضية إستباقية، أسرعت و زملائي لتهيأة وتجهيز الآليات والسلاح ، هنا كلمتها ،الآن جاء دورك، اليوم يومك يا عزيزتي .
باشرنا بالواجب الذي كان مختلفاً عن سابقاته ،
لأنه كان داخل المدينة التي باتت خرابا ودمارا جراء الحرب مع داعش .
نظرت إليها قبلتها وقلت، يارب توكلنا عليك، أنصرنا على داعش ، بدأت القطعات بالتحرك راجلة ، بحذر وبطأ شديد،بين الازقة والشوارع،
نسمع رشقات الرصاص و دوي الغارات الجوية ،
أشتبكنا مع بعض الدواعش،(كانوا صعبين حقاً)،لكن أخونا القناص أستطاع معالجة الموقف ، حررنا بعض الشوارع من سيطرة داعش، تمركزنا في أخر المنطقة الفاصلة بيننا وداعش .
شعرت بالتعب الشديد وآلام الضهر ، جلست على صخرة لكي أرتاح ، نظرت إلى سلاحي ، أبدلت مخزن الرصاص، فأصبحت جاهزة للرمي ،
تأملتها لحظات وكأنها تحاكييني قائلة، ماذا بك أتعبت أكلت يداك من حملي وإستخدامي، هيهات
ما عهدتك كذلك، فإن قوتي من قوتك، وعزيمتي من عزيمتك ،قم أنهض قاتل لا تجزع .
واصلت مع زملائي المقاتلين، أكملنا الواجب دون خسائر، إلا بعض الأصابات الطفيفة،وحمدت ربي لعودتنا سالمين، هذهِ هي حياتي، وهذه رحلتي اليومية مع رفيقتي وصديقتي البندقية.