18 ديسمبر، 2024 11:18 م

مذكرات علي السنجاري وكشف أسرار البارزانيين

مذكرات علي السنجاري وكشف أسرار البارزانيين

نشر السيد علي السنجاري العضوالسابق في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي صفحات من ذكرياته بعنوان (صفحات من نبع ذاكرتي في الحزب الديمقراطي الكوردستاني)، إصدار مطبعة خاني في دهوك عام2015، وقد أهدى لي نسخة منها كعادته فيما يصدر من كتب، التي بلغت العشر.
وقد علمت فيما بعد بأن كتابه( مذكراته) هذه قد أحدث ضجة في دوائر الحزب الديمقراطي الكردستاني – المكتب السياسي، وأن (رزكار عيسى سوار) القيادي في جهاز مخابرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني( باراستن)، وسليم اسعد خوشبي قد قدما مذكرة الى السيد مسعود البارزاني حول ما جاء في هذه المذكرات وكيف انها تنتقص من سمعة البارزانيين عامة وسمعة كل من (أسعد خوشبي) و(عيسى سوار) بسبب اتجارهم بالممنوعات (المخدرات والتهريب) على حساب البيشمركه، وقيامهم باغتيال بعض التجار والشخصيات الكوردية الذين وقفوا في وجههم.
لذلك صدر قرار بسحب الكتاب من الاسواق بواسطة الاجهزة الامنية في منطقة دهوك، وتم حذف الاسرار الخطيرة الخاصة بالبارزانيين واتجارهم بالمخدرات والتهريب عبر الحدود كما هو ديدنهم الان، بعدها اعيد الكتاب الى السوق مرة ثانية بطبعة اخرى منقحة! خالية من الاسرار!.
وفي اعتقادي أن هناك أسرار أخرى لدى السيد علي السنجاري لا يستطيع البوح بها تخص شبكات تهريب اليهود من بغداد الى ايران عن طريق اربيل – شقلاوة- جومان- الحدود الايرانية، كان يشرف عليها (إدريس مصطفى البارزاني) شخصياً، مع بعض القياديين (فرنسو حريري) قائممقام قضاء جومان، و(رمضان عيسى بارزاني) قائممقام قضاء رواندوز، ما بين سنة 1971- 1973، كانت تدر عليهم ارباحاً كبيرة أكثر من ارباح تجارة المخدرات والتهريب الخاصة ب عيسى سوار. وهناك اسرار أخرى تخص سامي عبد الرحمن سنجاري الذي اغتيل مؤخرا، وكريم سنجاري وزير داخلية الاقليم الذي قام باعمال شنيعة غير اخلاقية دعما للبارزانيين، وكيف ان قاسم ششو اليزيدي قتل ابن عمه المهندس في شركة كورك في جبل سنجار بدم بارد، دون أن يتناطح فيها عنزان، أي حفظت القضية ضد مجهول.
واثناء سنوات النفي في ايران(1992-1975) كان (حسن بدرخان زيباري) شقيق اللواء ابابكر زيباري يقوم بالاتجار بالمخدرات بناءً على تعليمات الاسرة البارزانية، ولا زال الكثير من افراد عشيرة البارزاني والشيرواني والنيروه ي والسندي وغيرهم يقومون بالاتجار بالمخدرات عبر الحدود الايرانية والعراقية والتركية حيث لهم علاقات بتجار المخدرات في تركيا بواسطة مدينة (كه فه رى) في تركيا، وعن طريق زاخو.
المهم في هذه المذكرات أن السيد علي السنجاري تطرق الى أمور غاية في الاهمية وتجاوز للخطوط الحمراء في النيل من البارزانيين وقادتهم العسكريين، وكشف بعض الاسرار المهمة في عدة نقاط من أهمها:
1- أنه بعد تعيينه مسؤولاً للفرع الاول للحزب الديمقراطي الكردستاني( البارتي) في مدينة الموصل، أستأجر داراً كبيرة تعود الى الشخصية الموصلية(فاضل الصابونجي) مقابل جامع النبي يونس، وفيها عقد أول اجتماع للفرع بحضور أعضاء الهيئة العاملة، ومسؤولي اللجان المحلية التسع في أقضية الموصل ودهوك وزاخو وعقرة والعمادية والشيخان وزمار وسنجار وتلعفر، وتم اضافة (فاضل مطني ميراني) الى عضوية الفرع الاول والذي كان الاول على زملائه في الدورة الاولى لمعهد اعداد الكوادر للحزب الديمقراطي الكردستاني التي عقدت في أواسط تشرين الاول سنة 1968 وكان كادرا نشيطاً في لجنة محلية زمار. بعدها يقول بأنه بعد اجتماع الفرع قام بزيارة أسعد خوشبي آمر اللشكر الاول(الفرقة الاولى) في بهدينان في مقره في قرية ((قمري)) الواقعة في منطقة برواري بالا(العليا) على مقربة من الحدود التركية، حيث رحب به اسعد خوشبي ببرود قائلاً له:( هل زرت محمود زيباري[ رئيس فرسان وجد مسعود بارزاني] فقلت نعم. وقلت ياعم أسعد أنني تسلمت مسؤولية فرع الحزب في المنطقة دون رغبتي الشخصية ولكنني نفذت أمر البارزاني رئيس الحزب. وقلت كما تعلم بأنني لست بارزانياً ولا زيبارياً وأنا من سنجار ولا علاقة لنا بالخلافات التاريخية ما بين البارزانيين والزيباريين التي يجب أن تنتهي لأن الثورة الكردية هي لجميع الكورد المخلصين. ولكني شعرت بأني أصبحت أمام مشكلة ستكلفني كثيراً وهذا ما حدث. ثم قمت بزيارة عيسى سوار آمر هيز زاخو في مقره في قرية ((آرمشتى)) الواقعة شرق مضيق زاخو واللقاء به لا يختلف عن اللقاء مع أسعد خوشبي…الخ).
2- يقول علي سنجاري: ( كان لي صديق مصلاوي من آل العمري في الموصل يدعى معاوية العمري وكان مديراً لكمارك المنطقة الشمالية في الموصل. في بداية شهر تشرين الاول 1970 زارني في مقر فرع الحزب وطلب مساعدته لاطلاق سراح شقيقه الذي اعتقل وهو مدير بنك بتهمة ((شتم الحزب)) أي حزب البعث وكانت تهمة باطلة لأنهم يريدون تعيين
بعثي محله والخ. حيث توسطنا لدى محافظ نينوى وتم اطلاق سراحه. بعدها زارني وشكرني قائلاً: أنا لست بعثياً واحترم البارزاني والثورة الكوردية. حيث هناك أمور خطيرة تسيء الى سمعة البارزاني وحزبكم. فقلت ما هي؟ فقال هناك شبكة لتهريب المخدرات تأتي من تركيا الى زاخو وتتلقى الدعم من ((عيسى سوار)) وهي الآن موجوده في مقره ولدينا مخبرين خاصين وسوف نلقي القبض عليهم عند دخول المخدرات الى الموصل. عندها استدعيت (( عثمان قاضي)) مسؤول لجنة محلية زاخو وقلت أنك تتاجر بالمخدرات. فقال ليس لي علاقة بها ان الشبكة تتلقى المساعدة من (( عيسى سوار)) لايصال المخدرات بواسطة البيشمركة الى قرية مناره – تل عدس، جنوب دهوك مقابل مبالغ كبيرة من المال والخ. وقال عثمان قاضي بأن هناك ثلاثة من أفراد شبكة التهريب موجودين في مقر عيسى سوار بقرية((آرمشتى)) ومعهم 130 كيلو من الترياك… حيث كتبت تقريراً سرياً الى مقر البارزاني حول الموضوع فتم استدعاء عيسى سوار الذي نفى الامر، فأخبره ادريس البارزاني بأن علي سنجاري هو الذي أخبرنا بالموضوع، فتأثر عيسى وحقد علينا وكاد الامر أن يؤدي الى التخلص مني مستقبلاً… وبعد شهر من الحادث ألقي القبض عللى شخصين في الموصل وهما من البيشمركة ومعهم 30 كيلو من الحشيشة وقد أعترفوا بأنهم استلموا البضاعة من مقر عيسى سوار وتم اعدامهما…
لقد كان هذا الموضوع بداية الصراع بيني(أي علي سنجاري) وبين عيسى سوار وأسعد خوشبي حتى النهاية. من ناحية أخرى كانوا يمنعون قيام التنظيم الحزبي داخل صفوف البيشمركة ويمارسون الاعمال التجارية وكان هذا أيضاً أسباب الخلاف بيني وبينهم. كاد يؤدي بحياتي… وحين وصلتني معلومات موثوقة بأنهم قد قرروا اغتيالي في نهاية سنة1974 حتى تركت مقر الفرع الى مقر المكتب السياسي في أواخر تشرين الثاني 1974).
3- يقول علي سنجاري بعد صدور أمر القبض ضدنا والحكم علينا بالاعدام غيابياً بتهمة قتل قائممقام سنجار(غانم العلي- في 3/7/1972)، تركنا دهوك والموصل وتم نقل مقر الفرع الى سرسنك. استمرت العلاقات السلبية بيننا وبين أسعد خوشبي وعيسى سوار على الرغم من الجهود التي كان يبذلها علي خليل خوشبي ابن شقيق اسعد وسليم أسعد خوشبي الذي كان يختلف عن والد أسعد حول التفاهم معنا وتأييد الحزب، حيث كان علي خليل وسليم اسعد خوشبي عضوان في فرع الحزب ويحضرون الاجتماعات. وكانت هناك عملية تهريب السيكاير تتم من لبنان الى زاخو عبر سوريا ((ترانزيت)) يقوم بها (( حاجي قادو كه ودا كوجري)) وهو تاجر يعمل لصالح عيسى سوار واسعد خوشبي، وكانت عملية التهريب
تأتي بمبالغ تقدر بمليون دينار عراقي شهرياً وكان مبلغاً كبيراً آنذاك. وطلبنا أن تكون تجارة حاجي قادو من السيكاير وغيرها لصالح البيشمركة والشهداء، إلا أن كل من اسعد خوشبي وعيسى سوار كانوا يرفضون يقولون بأن التجارة ((حرة))، في حين كانوا لا يسمحون لغير (حاجي قادو) بممارسة التجارة في المنطقة. حيث قام أحد التجار ويدعى(( حاج محمد سمو)) بتزويد 10 من البيشمركة بمبلغ 100 دينار لكل واحد منهم بغية المتاجرة بعملية السيكاير للاستفادة الشخصية لهم وليس للحاج سمو. حيث قتل غدراً في سنة 2197 بداره في زاخو علناً( في شهر رمضان واثناء الفطور) لانه اتهم بمنافسة تجارة حاجي قادو… وقد قتل حاجي قادو فيما على يد الجيش العراقي في قرية هوركى سنة 1977 بالقرب من الحدود التركية.
4- في أواسط سنة 1973 قام أسعد خوشبي وعيسى سوار بشراء كمية من المواد الغذائية والمحروقات مثل السكر والشاي والرز والبنزين والكاز الابيض والصابون وغيرها وبمبلغ نصف مليون دينار على أساس أنه احتياط للبيشمركة في حالة تجدد القتال مع الحكومة. وتم تخزين تلك المواد في آماكن آمنة بمنطقة برواري بالا وغيرها. وعندما ت جدد القتال في آذار/4197 وترك آلاف المواطنين من ذوو البيشمركة وغيرهم المدن والقرى الى المناطق الامنة المحررة. تم فتح مخازن المواد الغذائية والمحروقات وبيعت للمواطنين بعشرة أضعاف الشراء. حيث طلبنا بأن تشكل لجنة من ممثلين عن فرع الحزب ولشكر1 حيث كان اسعد خوشبي قائد لشكر، ولشكر يعني بالعربي (( فرقة عسكرية)) والادارة في المنطقة. بغية بيع تلك المواد الى المواطنين الملتحقين بالثورة وغيرهم بضعف الثمن وليس بعشرة أضعاف، إلا أن اسعد خوشبي رفض وقال أن التجارة حرة..
ومن ناحية أخرى وبعد تجدد القتال في آذار/1974 كانت هناك مبالغ مالية أخرى لدى قائممقامي زاخو والعمادية ومدراء النواحي. طلبنا توزيعها على العوائل الملتحقين بالثورة وكانت تقدر ب 50 خمسون الف دينار. إلا أن أسعد خوشبي رفض قائلاً:- بأنها ستوزع على البيشمركة وهذا لم يحدث.
من ناحية أخرى كان كل من أسعد خوشبي وعيسى سوار يتصرفون ويتعاملون مع العشائر والمواطنين وكوادر وأعضاء الحزب والموظفين من فوق وبروح استعلائية وكأنهم من شعب الله المختار لأنهم بارزانيون على العكس من مصطفى البارزاني الذي كان في منتهى التواضع ويعتبر نفسه خادماً للشعب الكوردي… وقد قتل (عيسى سوار) مع اثنين من مرافقيه على يد (علي بك عبوش السليفاني) بالقرب من قرية هارونه التي تقع جنوب شرق
زاخو في 24/3/1975، وقد فرح أهل زاخو بهذا الخبر لانه كان يعتدي عليهم ويغدر بهم، وكان أشبه برئيس عصابة.
5- بعد اتفاقية الحادي عشر من آذار1970 بين قيادة الثورة الكردية وحكومة حزب البعث العربي الاشتراكي في العراق. حيث أخذ قادة الثورة الكوردية يتجهون صوب المكاسب الشخصية وبناء دور السكن الكبيرة والسيارات الفارهة والمناصب الحكومية الرفيعة حتى أصبح القادة في وادِ والبيشمركة والمواطنين في وادِ آخر… ومقر البارزاني يغظ الطرف عن تصرفات هؤلاء القادة( مثلما يحدث الان، حيث يغض مسعود بارزاني الطرف عن سرقات أفراد أسرته وقادة وكوادر حزبه التي أزكمت الانوف). فقد تم تعييين معظم أعضاء المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني والمكتب التنفيذي لمجلس قيادة الثورة الكوردية بمناصب وزارية ومحافظين ومدراء عامين، حيث تم تعيين كل من نوري شاويس وصالح اليوسفي وسامي عبد الرحمن أعضاء المكتب السياسي بمناصب وزارية، وتعيين علي عبدالله عضو المكتب السياسي محافظاً للسليمانية، وتعيين عبد الوهاب الاتروشي عضو اللجنة المركزية محافظاً لأربيل، وتعيين هاشم عقراوي عضو اللجنة المركزية محافظا لدهوك والخ.
ومن ناحية أخرى بدأ أكثرية البيشمركة يعانون من قلة الرواتب والحياة المعيشية اليومية ويتجه العديد منهم نحو أعمال التهريب والابتزاز وسرقة السيارات والخ.
6- يوم 29/9/1971 جرت محاولة محكمة لاغتيال الملا مصطفى البارزاني قائد الثورة الكردية في مقره بحاجي عمران بواسطة بعض رجال الدين من السنة والشيعة الابرياء الذين أرسلتهم الحكومة العراقية لمقابلة البارزاني، إلا أن المحاولة باءت بالفشل وكانت العناية الالهية وراء فشلها. من هنا أخذت فكرة من يكون البديل للبارزاني في حالة غيابه. وأخذت المنافسة السرية بين ولديه إدريس ومسعود على الرئاسة تأخذ مجراها بينهما، وكان ادريس يحضى بدعم بعض العسكريين البارزانيين في دهوك وغيرهم وبعض الشيوعيين أمثال فاخر ميركه سوري وسامي عبد الرحمن ودارا توفيق وغيرهم. في حين كان مسعود يحضى بتأييد جهاز استخبارات الحزب (( باراستن)) بإعتباره مسؤولاً لهذا الجهاز وكذلك معظم كوادر الحزب الديمقراطي الكوردستاني، مما أصبح ذو حظ أكبر من أخيه إدريس في رئاسة الحزب مستقبلاً وهذا ما حدث.
من ناحية أخرى أخذ جهاز استخبارات الحزب ((باراستن)) بالتوسع وتم تقسيمه الى قسمين: القسم الداخلي والقسم الخارجي ويضم عناصر فاشلة على الاكثر حتى أصبح
سنة1973 بمثابة (( حزب داخل الحزب))… وكانت ممارسات هذا الجهاز سلبية على الحزب والثورة في السنوات الاخيرة للثورة.
وفي بقية المذكرات يشن السيد علي سنجاري هجومات كبيرة على جهاز (( باراستن)) ويتهمها بتزوير الانتخابات في مؤتمرات البارتي اللاحقة ابتداء من المؤتمر الثامن للحزب الذي عقد في ناوبردان 1970.
وفيما بعد استطاع مسعود بارزاني بالتزوير وشراء الذمم ادخال اتباعه في قيادة الحزب على حساب أنصار اخيه (إدريس). وبعدها جاء الدور على نجله (( مسرور)) رئيس جهاز ((باراستن))، وكيف أنه قام بتزوير مئات الاسماء داخل اروقة المؤتمر الاخير للبارتي وادخال أكثر من عشرة من أتباعه الى عضوية اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني على حساب أتباع ابن عمه (نيجيرفان بارزاني)، وأن جهاز (( باراستن)) أصبح بمثابة دولة داخل الدولة حسب وصف السيد السنجاري.
واخيرا اشكر صديقي العزيز (علي سنجاري) على كشف بعض الحقائق التي تخص الاسرة البارزانية نحن في العراق بأمس الحاجة اليها، ولو أن في جعبته الكثير منه لا يستطيع البوح بها خوفا على حياته، وبهذه المنسبة استطيع أن أردد قول وزير الدفاع العراقي الاسبق المرحوم اللواء الركن عزيز العقيلي، عندما اعتبر التمرد البارزاني بمثابة (اسرائيل ثانية)، ولكنني استطيع القول بأنها (مافيا ثانية) لاغير على حساب الشعب الكوردي المغلوب على أمره.