في تلك المركبة الفضائية التي انطلقت بنا نحو عالم الفضاء كنت اشاهد وعلى شاشاتها الموجودة حجم الكرة الارضية وهو يصغر شيء بعد شيء كلما ابتعدنا عنها.. لم اعد اميز بين الخرائط التي درسناه عن تضاريس الكرة الارضية في الصف الخامس الابتدائي ولكنني استعدت ذاكرتي الى معلم مادة الجغرافية الاستاذ غانم والامتحان الشهري مع السؤال الاول اين يقع كلا من ويتبعها دمشق… بيروت… وكان هذا السؤال يعتبر بمثابة باب المساعدة للطلاب لا نه مكرر في كل الامتحانات الشهرية…
مازالت المركبة الفضائية تسير بنا رغم اننا لانعرف السرعة التي تسير بها لأننا نجلس على مقاعدنا وحولنا احزمة تقيد حركتنا تماماً ويبدوا اننا وحسب ما قاله لنا قائد المركبة لم نتجاوز فضاء ومغناطيسية الارض ورغم الاجهزة الالكترونية المتطورة التي رايتها بالمركبة وكثرة معداتها التكنلوجية التي تفوق الخيال والذي ادهشني كثيراً….
كل هذا وانا مازلت انظر الى عالمنا في الكرة الارضية الذي نعيش به واشاهد صورة شبه خيالية زرقاء اعتقدتها انها لوحة فنية رسمها فنان ماهر للسماء الزرقاء الصافية ولكن قائد المركبة اشار عكس ذلك عندما قال لنا انها المحيطات والبحار التي يقدر بان مساحتها ثلثي مساحة الكرة الارضية…
كنت متلهف جدا للوصول الى ارض ذلك القمر الذي يشع بنوره ليلا وتتحول اوضاعه من هلال الى بدر الى قمر متكامل وكذلك لأرى بأم عيني الخسوفات التي تحدث معه لا اعرف كيف سوف تكون لهفتي وانا انزل هناك بعيدا عن عالمنا الارضي ولأول مرة وسوف استطيع بعد وقوف المركبة ان التقط الصور واسير بحرية تامة… اضافة الى اكتشاف الشيء الجديد في حياتي انني لا احمل معي جواز للسفر او اي وثيقة رسمية لإثبات هويتي…
لحظات جميلة عشتها مع اصدقائي في المركبة رغم تعدد لغاتهم فانا مواطن عربي ولا اجيد الى لغتي العربية وربما بعض الكلمات من اللغة الانجليزية ولكنني بالتأكيد سوف استخدم لغة الاشارة مع صديقي رائد الفضاء الهندي الاصل او الروسي او قائد المركبة الذي هو ايضا لا يجيد غير لغته الصينية..
مازالت تسير بنا المركبة الفضائية وبعد ان فقدنا عالم الساعات والزمن ولانعرف الوقت بالتحديد ولكن بإشارة من قائد المركبة تم التوقف وصدر الايعاز لنا بالنزول الى سطح القمر… وما ان بدأنا بالنزول من بوابة المركبة حتى شاهدت الجميع مندهشين بطبيعة ارض القمر الا انا الوحيد بينهم لأنني تصورت انني في صحراء الانبار او بادية السماوة فالتضاريس لا تختلف كثيرا عن تلك الملامح حتى انني كنت انظر يمينا ويسارا لعلي اشاهد نقطة تفتيش عسكريّة هنا اوهناك او شارع يوصلني الى اقرب مدينة ومازلت افكر بين تضاريس سطح القمر والتضاريس الصحراوية في بلادي وانا واقع في حيرة حقيقية من أمري هل فعلا اننا على سطح القمر اما انها اكذوبة علمية ملفقة ومع هذه الشكوك وهذه التمتمات من كلامي وجدت نفسي وابني الصغير يوقظني لأداء صلاة الفجر وانني مازلت نائماً في فراشي فحمدت الله وشكرته لأنني كنت خائفا في داخلي من عودة النزول وربما تكون اخطر من بداياتها……ومازلت حتى بعد اليقظة تراودني نفس الشكوك التي راودتني بذلك الحلم الجميل…….