18 ديسمبر، 2024 6:01 م

مذكراتي ” سيرة أحمد باني الخيلاني

مذكراتي ” سيرة أحمد باني الخيلاني

الدافع الذي حثني ، إن أسعى في الحصول على نسخة من مذكرات أحمد باني خيلاني ( أبو سرباز ) باللغة العربية بعد أن صدرت في وقت سابق بلغته الأم ( الكردية ) ، وإضافة الى رغبتي وتطلعي في متابعة أوراق وسير رفاقنا وقادة حزبنا في الحزب الشيوعي العراقي لعدة أسئلة في طريقي مازالت تبحث عن أجوبة بما آلت اليه أوضاعنا بعد عدة عقود من النضال والتضحيات ، فضلاً عن توقي بشكل عام بقراءة أوراق السياسيين باعتبارها أنها تقول الحقيقة وتعيد مسارات التاريخ برؤية نقدية . لقد عشت عدة سنوات مع الراحل ( أبو سرباز ) في وادي كرجال بقاطع سليمانية وكركوك ، بل كنت أنام في غرفة مع عدد من الرفاق تبعد عن غرفة منام ( أبو سرباز ) ثلاثة أمتار التي تجمعه مع الرفاق إبراهيم الصوفي ( أبو تارا ) ومحمد النهر ( أبو لينا ) وكمال الزهاوي ( مام أستاكمال ) و طه صفوك ( أبو ناصر ) عضو في مكتب القاطع .

شهد ذلك الوادي الممتد من قرية ( آحمداوه ) الى نقطة الحدود الإيرانية ( دزلي ) في عام ١٩٨٣ وما أعقبه من سنوات أحداث وصراعات وأحتراب بين رفاق الامس وما خلفته من تداعيات حول جريمة بشتاشان ، كان أهمها الاصطفافات الجديدة في المهام والمناصب والمسؤوليات ، كنت تواً ملتحق الى مقر قاطع سليمانية وكركوك في صيف ١٩٨٣ ، وصل الرفيق أحمد باني خيلاني الى مقر القاطع في منطقة ” كرجال” ويحمل في جيبه قرار قيادة الحزب أن يتبوأ المسؤولية الاولى في قيادة عمليات قاطع سليمانية وكركوك ، بعد أن تم عزل بهاء الدين نوري بقرار فوقي بعيداً عن السياقات التنظيمية المعتمدة في العمل الحزبي مقترنة بحملة تشهير واسعة ومؤذية . وصل الراحل ” أبو سرباز ”عبر الاراضي الإيرانية برفقة المرحوم قادر رشيد ( أبو شوان ) والمرحوم مام باقي بعد أيام من خروجه من الأسر سالماً مع رفيقه كريم أحمد من قبضة مقاتلي الاتحاد الوطني الكردستاني ( أوك ) أثر هزيمة بشتاشان . وعلى حرارة دماء رفاقهم الذين إعدموا وأستشهدوا في جريمة الهجوم الغادر في ذلك اليوم من عام ١٩٨٣، وقعوا بيانهم المشؤوم ( المدان ) مع قيادة الإتحاد الوطني الكردستاني ، والذي بث مرات عديدة عبر أثير قناتهم .

قد يعد تكريماً له في تحمل وزر الهزيمه والانبطاح أمام القييم والمباديء وأراقة دماء رفاقهم والمساومة على أرواحهم المغدورة . منذ اليوم الأول لوصوله أستقبل بالحفاوة من الذين قبل سويعات يدينون موقفه ويشتموه ، لكنهم غفروا له بعد أن تبوأ المسؤولية الاولى في القاطع . في الندوه الاولى التي أقيمت في مقر القاطع بمناسبة تسنمه المسؤولية . شدٌ الحديث بإتجاه الرفيق بهاء الدين نوري وحمله مسؤولية الضعف والهوان والهزيمه على أثر أتفاقية ”ديوانه” الذي وقعها مع الاتحاد الوطني الكردستاني ممثلاً بالملا بختيار ، والتي تنص على عدم الاقتتال بين أعداء اليوم رفاق الامس . في يومها سألت عدة رفاق لانني ما زلت تازه وملتحق جديد بالتجربة .. طيب هو يدين بهاء الدين نوري وهو الذي وقع بيان مرفوض مع قيادة الإتحاد الوطني الكردستاني ؟. تمتمة والجواب غير شافي بعد مالحقت تشوف شيئ .

الندوة الثانية … التي حضرتها ، كنت أتوقع سيتحفنا الرفيق أحمد باني خيلاني بالمستجدات حول ماركس وافكاره والمراجعات الفكرية ، وأصطفافات اليسار في أمريكيا اللاتينية ، وسر الرفيق علي يعته في تقبيل يد الملك المغربي محمد الخامس . لكن خرج لنا أبو سرباز بنظرية جديدة فن قيادة الشيوعي ” للبغل ” الحيوان الذي نستخدمه لجلب الحطب ومستلزمات التموين ، وبراعة الشيوعي تكمن في قيادته للبغل .

في الفترة الاخيرة طفحت الى الواجهة مجدداً واقعة بشتاشان ، إنها النار تحت الرماد ، بعد أن هيجها القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني ملا بختيار ، عندما أقتضى الأمر بتنفيذ حكم الاعدام بأحد الاسرى الشيوعيين العرب ورفض ، وأضاف الى ذلك في تلك اللقاء التلفزيوني ، عندما قال له نو شيروان الشخصية الثانية في الاتحاد الوطني الكردستاني والمسؤول عن قيادة الهجوم على مقرات الشيوعيين في بشتاشان .. حيث أوصاه ” أنا حطمت رؤوس الشيوعيين فما عليك الا أن تقطع أطرافهم ” في حينها لم يثر أي زوبعة في صفوف الشيوعيين من تصريحات مله بختيار . وفي لقاء تلفزيوني متصل مع مفيد الجزائري وفي سؤاله عن تلك اللقاء والتصريحات من قبل ملا بختيار وواقعة بشتاشان ، كانت الميوعه والجهل في الموقف والجواب ، مما حث بعض الانصار الشيوعيين والمتابعين الى إدانة الموقف عبر حمله على مواقع التواصل الاجتماعي تعرض لها القيادي الشيوعي مفيد الجزائري ، مما دعاه الى نشر رسالة إعتذار ، لم تلقى ترحيباً ولا مغفرة من الشيوعيين ، والذي يقول فيها ” إنه أعاد الحلقة مرات عديدة حتى يتيقن من فحوى حديثه ” يبدو للمتابع إنه لا يفطن الى فحوى حديثه .

ناشطون شيوعيون وعبر مواقع التواصل الاجتماعي يطالبون الحزب الشيوعي بالضغط على قيادة الاتحاد الوطني بالاعتذار ، وفي تقدير البعض لقد جاء المطلب متأخراً ، كان يفترض من اليوم الاول لرحيل الدكتاتورية على يد الاحتلال الامريكي يطالب الحزب الشيوعي قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني متمثلا بمام جلال ونو شيروان الراحلين باعتذار رسمي عبر الصحف والقنوات وغير ذلك ستكون مواقف أخرى لنا في العمل السياسي وبروتوكولات العلاقات فالموقف الرسمي كان ضعيفاً.

وسواء اتفقنا مع أحمد باني الخيلاني ، أم اختلفنا معه، في مواقفه السياسية ، لكنه كان رجل بسيط متواضع بأدب يحترم الجميع الكبير والصغير ، قدم قرباناً للتجربة والقضية أعز ما يملك زوجته وأبنه سرباز . تعرض الشيوعيين العراقيين الى الحرب من قبل الأنظمة المتعاقبة على دفة الحكم في العراق طيلة سيرة تاريخهم البطولية بالاضافة الى العوز في عيش حياة كريمة أيضاً أبعدهم عن القراءة والفكر والمعرفة والمتابعة حول الفكر الانساني والمدارس الفكرية المتعددة والتي تدحض بعضها البعض .