لا يختلف إثنان على أن حضارة وادي الرافدين من أعرق الحضارات، وهنا أشرقت الشمس لإشعاع المعمورة، ومنها تعلمت الشعوب العلوم والطب والقانون والسياسة.
قد لا يخطر ببال أحد؛ في عام 1890م؛ فكر العراقيون بإنشاء مدينة طبية حديثة، تضاهي العالم، وفي عام 1920م ، كان أو مستشفى سمي بالمجيدية.
تُعد مدينة الطب الحالية في بغداد؛ من أكبر المراكز الطبية في الشرق الأوسط؛ بعد أن برقت فكرة بناء مستشفى كبير؛عند الدكتور صائب شوكت عام 1920م، وكلية طبية في نفس المكان، التي تم إفتتاحها عام 1927م، وبعد ثلاثة سنوات فتحت عمادة لها، وما تزال في موقعها الحالي في مدينة الطب.
لم يكتفي البروفسور صائب شوكت بالمستشفى العام، إذْ تحتاج الكلية الى مستشفى تعليمي لتدريب طلاب كلية الطب، وبما أنه تخرج من جامعة حيدر خانة في أنقرة؛ فقد تواصل مع المانيا، وأمله بناء المستشفى في ثلاثينات القرن الماضي، أبان الحرب العالمية الثانية، وبعد حصول تغيرات وتحسن الواقع المالي، وأرباح واردات النفط، تبنى مجلس الإعمار التابع لوزارة الشؤون الإجتماعية هذا المشروع عام 1952م.
سنوات إستمر دراسة الخرائط والتصاميم، ثم وضع الزعيم عبدالكريم قاسم حجر الأساس؛ في 8 آذار 1961م، وبعقد 5 ملايين دينار عراقي، ومواصفات إن لم تفوق فهي توازي المستشفيات الأمريكية والألمانية أنذاك؛ حسب ما عمل عليه الدكتور صائب، الذي سافر لمرات على نفقته الخاصة للإطلاع على أحدث المستشفيات، وإفتتحها أحمد حسن البكر عام 1970م، ولم يُدعى الدكتور صائب شوكت الى الإحتفال، وهذا ما دفع أطباء الجراحة؛ الى إقامة حفل تكريم له بعد 3 سنوات في الطابق الثالث جراحة.
مدينة الطب اليوم؛ مركز طبي علمي كبير، ينظر له كبار دهالقة الطب، متفرع المراكز والدراسات، و تسعى للعمل بروح الفريق الواحد، بثمانية مستشفيات تخصصية، ومراكز بحوث ومختبرات وأشعة تعليمية؛ الذي أمتد من إنطلاق الفكرة الأولى الى اليوم الحاضر، وبهذا العمل المتراكم والخبرة الكبيرة، فقد تعاقب عليها علماء الطب في التاريخ الحديث، وأن كان الحديث عن الإنجازات فهي كثيرة وكبيرة، ولكن الكلام عن إنجازات ريادية، وهي اليوم في مقدمة المستشفيات، التي تقوم بدعم المقاتلين من القوات المسلحة والحشد الشعبي، وتعمل كخط ثاني من المعركة المصيرية.
إن مدينة الطب قبلة أنظار العلماء والخبراء، ومركز علمي متطور، وأن قلنا أن للعراق حضارة إمتدت من أور، وعرّفت العالم بالإنسانية، ومنه إنبثقت الحياة وبوصلة الأشراقة، ومثلما لنا حضارة سالفة كبيرة؛ فمدينة الطب حضارة معاصرة شامخة.
” تطلع نحو الإرتقاء” آخر شعار رفعته المدينة الطبية؛ في مؤتمرها السنوي، وهي تأم مئات الإنجازات العلمية والبحوث، وتحتضن مشاركة باحثين الداخل والخارج.
إنبثق شعار المؤتمر من التجليات والتطلعات، وتوظيف الفكرة والعمل عبر تاريخها، فتنافست لجان تحضيرية وبحثية، وحصلت على ما تصبو له؛ بحضور نادر زاد على 3000مشارك في ثاني يوم مؤتمر علمي، وبالطبع لوزارة الصحة وشخص وزيرتها دور مهم؛ في دعم جهود مديرها العام، الذي حرص على تهيئة الأرضية المناسبة، للتطلع الى مستقبل تكون لمدينة الطب بصمة في تاريخ العراق.