8 أبريل، 2024 11:52 م
Search
Close this search box.

مدن الأشباح في أوروبا.. دعوة للهجرة؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

2000 يورو مكافأة لمن يهاجر ويعيش في هذه البلدة الإيطالية.. عنوان خبر عريض نشرته جريدة الجارديان البريطانية في 7 مايو الماضي ثم أعادت نشره جريدة الإندبندنت في اليوم التالي مباشرة مع إضافة قيمة الايجار هناك تبدأ من 50 يورو فقط للشهر، الخبر تسبب في إشعال مشاعر الحالمين بالهجرة لأوروبا.

بل ودفعني بقوة نحو البحث وتقصي الحقائق، حيث تلى ذلك الخبر إعلان دانيل جاليانو عمدة بلدة بورميدا الواقعة في مقاطعة ليجوريا غرب البلاد الذي أشاد بجريدة الإندبندنت لتبنيها قضيته أنه استقبل أكثر من 17 ألف رسالة على حسابه الشخصي على الفيس بوك خلال أربع أيام فقط طلباً من جنسيات متنوعة خارج وداخل أوروبا للهجرة إلى بلدته.

ما هي القصة؟

خلال الخمسين عاماً الماضية، شهدت إيطاليا تحدياً اقتصادياً صعباً تسبب في نزوح العديد من القرويين وسكان المدن الصغيرة إلى المدن الأكبر النشطة اقتصادياً وتجارياً، بل البعض هجر إيطاليا ليبحث عن فرص عمل في أستراليا وكندا والولايات المتحدة، وشهدت المدن الصغيرة إهتمام أقل في التطوير والتنمية مما دفع لهذا الخلل في توزيع النشاط الاقتصادي وبالتالي حركات نزوح ضخمة مما خلق في النهاية ظاهرة (مدن الأشباح) التي لم يعد يقطنها أحد.
ولا يعد العامل الاقتصادي وحيداً، فالزلازل التي دمرت قرى إيطالية لعبت دوراً في نزوح السكان مثلما حدث بالضبط في مدينة سيفيتا دي بانوريجيو التي حملت يوماً لقب جوهرة نهر التيبر الشهير.

ففي 15 مايو 2015، نشرت جريدة ديلي ميل البريطانية خبراً بالغ الأهمية كان عنوانه (إشترى منزلاً في أروع قرى إيطاليا مقابل 1 يورو فقط)، وأضافت الجريدة أنك ستضر لإنفاق نحو 25 ألف يورو بعد الشراء من أجل تجديد المنزل لجعله مكان أفضل للمعيشة.
3 قرى بوسط إيطاليا تعرض منازل للبيع مقابل 1 يورو أي أقل من ثمن مشروب اسبرسو، كلمات ساخرة سطرت بها سيلفيا ماركيتي صحيفة جريدة ديلي ميل هذا الخبر أنذلك الذي أُرفِق به عشرات الصور لقرى مهجورة وبيوت خاوية على عروشها في إيطاليا على تلال وسهول خضراء ساحرة في الريف الإيطالي الذي يحاول كبار رجال الأعمال بمصر خلق مناظر مشابهة له لكن بأسعار مليونية بشرق وغرب القاهرة.

هناك مدن وقرى إيطالية أخرى باتت أماكن مهجورة مثل كراكو بأقصى الجنوب بمقاطعة ماتيرا حيث وصل عدد سكانها نحو 770 مواطن فقط عام 2008، ومارتيس المهجورة تماماً بوسط إيطاليا، ومدينة سان سيفيرينو ومدينة بينتيداتيلو في مقاطعة كالابريا.

فمدينة بورميدا الإيطالية التي يمكنك الوصول اليها بالسيارة خلال ساعات فور وصولك مطار كوت دي آذور بمدينة نيس الفرنسية بات عدد سكانها لا يتجاوز 394 شخص وفق صحيفة الجارديان وبالتالي باتت مدينة أشباح.

والمثير للجدل، بعد نيل حسابه على الفيس بوك أكثر من 25 ألف متابع، أعلن جاليانو عمدة بورميدا أن منح 2000 يورو لمن يهاجر لبلدته كان مجرد خطة مقترحة من جانبه لإحيائها وسيتم طرحها على البرلمان الإيطالي، مما خفف من جموح المتابعين لأخبار ‘مدينة الأشباح’.

وبعد هدوء تلك العاصفة…

نشرت شبكة الأخبار (سي إن إن) خبراً مثيراً منذ 7 أيام فقط عن مدينة أخرى تدعى كانديلا مؤكدةً على تقديم عمدتها نيكولا جاتا 2000 يورو لمن يهاجر لها والبقاء بها لأنها باتت مهددة بإدراج اسمها على قامة مدن الأشباح.

800 يورو للأعزب و1200 يورو للمتزوج و1800 يورو للأسرة المكونة من ثلاثة أفراد وأكثر من 2000 يورو للأسرة المكونة من أربعة، وأضاف جاتا أن عدد سكان المدينة وصل لأكثر من 8000 مواطن بالتسعينات ثم هبط الرقم ليصل لـ 2700 فقط وأنه يعمل بكامل طاقته وشغف من أجل إعادة الحياة للمدينة المهجورة.

وقد اشترط عمدة كانيدلا ثلاثة أمور لنيل هذه الحوافز المالية وهي البقاء بالمدينة وتأجير منزل والحصول على عمل بأجر لا يقل عن 7500 يورو بالعام أي نحو 600 يورو شهرياً.

ومن زاوية أخرى، خلف الكواليس تسعى الأن الحكومة الإيطالية لتبني خطة لإحياء مدن الأشباح التي هجرها السكان عبر حقن تلك الأماكن بمهاجرين سواء أوروبيون أو دوليون وحوافز مالية مغرية تضمن استيطان هؤلاء المهاجرين لتلك المدن.

وبقصص نجاح ضئيلة، سلط الاعلام الإيطالي الضوء على تجربة قرية سانتو ستيفانو دي سيسانيو التي هُجِرت لفترات طويلة ثم تم بيعها لرجل أعمال حولها لفندق مفتوح ومتطور يتراوح قيمة ايجار الغرفة الواحدة ما بين 150 و400 يورو.
بل والمثير للضحك، عرض قرية بالكامل تدعى براتاريتشيا بمقاطعة تسكوني للبيع على موقع إي-باي مقابل 2.5 مليون يورو فقط!

فالوصول لتلك البلدات يعني الكثير لدى الفقراء والمعدمين والشباب الطموح بالدول الفقيرة، وهو ما يعني هجرة إلى بلد ثري وفتح الأبواب على مصرعيها للإستقرار بأوروبا الغنية، والجدير بالذكر أن إيطاليا لا تعاني وحدها من تلك الظاهرة، فهناك حالات شبيهة في ألمانيا وفرنسا.

وسيجد المهاجرون تحديات جمة في هذه الأماكن المهجورة مثل العثور على فرصة عمل جيدة في أماكن تركها الإيطاليين أنفسهم لوفاتها اقتصادياً!.

أنهي مقالتي بكلمات خفيفة.. هل ستنجح إيطاليا في إعياء بلداتها المهجورة، وهل يملك مَن يقرأ هذه المقالة الأن الجرأة لخوض تلك التجربة.

 

 

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب