23 ديسمبر، 2024 3:41 ص

مدعين التدين والعلمنة

مدعين التدين والعلمنة

كلما حاولت جادا أن أتعرف ولوبشكل دقيق على ماهية وطبيعة المجتمع العراقي , فهل نستطيع ان نصنف هذا المجتمع ديني؟ او إسلامي ؟ او عن كونه علمانيا بالفطرة ؟ فهنالك فرق بين الوطن وبين المجتمع , ولا أخفي عنكم سرا إنني عادة مااخفق في الوصول الى تلك الحقيقة الثابتة أو حتى من النجاح بالاقتراب منها وخصوصا في دراسة تاريخ العراق المعاصر ! نتيجة لما مر به العراق من تقلبات وانكسارات ساهمت في تغيير وتقلب المجتمع في داخله لاكثر من وجه , اتذكر تماما محاولات الدكتور الراحل علي الوردي في خمسينات القرن المنصرم والتي جائت من خلال كتابه الرائع (شخصية الفرد العراقي ) والتي حاول فيها جاهدا اشاعة الضوء على الصورة الثابتة للمواطن العراقي ؟ والمواطن هو النواة الاولية للمجمتع كما هو معروف , والسؤال الذي يدور في ذهني دوما هل هنالك شخصية ثابتة للشخص العراقي في الاصل تحتلف عن ماعليه هو اليوم ؟ ومتى بدئت بالثبات ان صح ثباتها ومتى انتقلت لرؤى اخرى ؟ وعلى اية اسس والظروف التي اعتمدت عليها في تلك التغيرات ؟ الوردي (رحمه الله ) استطاع وبنجاح من ايجاد خصائص اشترك بها الفرد العراقي وبقيت معه منذ البداية فهو ( عاطفي , متقلب المزاج , غيور , يتأثر بالتغيرات , غاضب , متسرع , مبتسم و حزين في ذات الوقت) وغيرها من الصفات التي ربما انفرد بها العراقي عن غيره من سكنة هذا العالم الصغير , و بداية تكوين هذه الارض والمسمات حاليا بالعراق وفي الماضي بلاد وادي الرافدين ( ميسوبوتاميا) وهي الارض الواقعة بين دجلة والفرات ومثل ماهو معروف للجميع انها ارض مولد البشرية جمعاء ومهد حضارات الانسانية الام التي ساهمت في نقل البشر من عصور ماقبل التاريخ الى العصور المتحضرة لتظهر بعدها حضارات المصريين والإغريق والرومان , وربما كانت تلك العوامل هي اسباب رئيسية لتحول الانسان العراقي لعدة وجوه وانماط , فربما هي نتيجة للتقلبات التي عاشها واحس بها ليغادرها في النهاية , ونرحل معكم سريعا لنقفز سويا مضمار كل تلك السنوات الراحلة لنصل الى خمسينات وستينات القرن الفائت حين دخول الفكر الشيوعي لشوارع العراق ودخول العديد من الشخصيات المحترمة فيه , في الوقت ذاته وعلى الجانب الاخر وقف رجال الدين والإسلاميون أمام هذا الفكر الذين رؤى فيه خطرا واضحا في تفكك المجمتع العراقي , وبالعكس تماما لما نادى فيه تلك الاجيال الشيوعية وبغض النظر عن وجهة افكار كلا منهما في تحقيق الصواب او الخطأ ! كانت تلك الفترة

جادة فعلة في حرب بين فئتان حقيقيتين موجودتان على ارض الواقع في العراق , فكان رجل الدين هو نفسه رجل الدين مؤمن بافكاره وبما يعتقد فيه لايمكن ان يتراجع عن رؤيته وفكره السامي وكذلك العلماني الذي كان يرى مايراه بثبات ومصداقية حقيقية فيجد ان مايفعله وينادي به هو الحق والواقع , ومشكلتنا في اليوم والتي بدئت تتسع و تتفاقم بشكل تدريجي ليست بتلك الفئات ( الحقيقة ) المتصارعة وانما الطامة الكبرى اصبحت بظهور فئة جديدة تلبس الاثواب دون ان تقنع نفسها بماتلبس ! فعلى سبيل المثال كيف يستطيع المرء اقناع نفسه باخذ درسا مكثفا في تعلم احدى اللغات دون ان تكون لديه الرغبة المسبقة بتعلمها والاستفادة منها , أي لاتوجد هنالك قناعة ولو بسيطة لدى هؤلاء( الممثلون ) الذين يتقنون فن التمثيل في الظهور بين الناس وهم يحملون تلك المسميات , وفي داخل العراق الان يوجد نوعان ممن يحاولون ملئ الشوارع في التظاهرات التي صودرت مع الاسف الشديد من الناس البسطاء العفويين الذي كانوا سببا رئيسيا بانطلاق شرارتها ومنذ البداية , فشخص ما يحاول ان يطلق على نفسه لقب الاسلامي على عكس الاخر الذي يرى نفسه علمانيا على الرغم من ان الاثنين لايعرفون تماما مالذي تتطلبه تلك المسميات والعناوين من شروط وواجبات ! معظم هؤلاء تجدهم يندفعون الى التعصب دون دراية او حتى دون وعي مطلق في بعض الاحيان , هم كالأواني الفارغة التي لاتحوي في داخلها شيئا التي عادة ماتتحطم وتنكسر عند اقل هزة تعصف بها , ان ارى ان هنالك بوادر لحرب ربما ستحدث قريبا بين تلك الفئات ( الفارغة ) التي لاتحمل شيئا في اجندتها ولاحتى في افكارها ولكنها تحاول ان تركب الموجة وان تلبس اثوابا لاتعود لها على الاطلاق وخاصة من فئة الشباب الذي يفترش الطرقات ويحاول ان يجد له مخرجا او عنوانا أي ان كان هذا المسمى دون حساب او تقدير او حتى رؤية صغيرة