8 أبريل، 2024 10:37 ص
Search
Close this search box.

مدرسون لا ضمائر لهم …ومسيرة تعليمية حدباء

Facebook
Twitter
LinkedIn

يعلم الجميع مدى التراخي الحاصل في قطاع التعليم ولكننا نفاجأ حين إعلان نتائج الامتحانات النهائية عند نهاية كل عام بالنسب العالية التي يحصل عليها الطلاب والتي تزايدت في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ ، فحصول عدد كبير من طلبتنا على نسبة 100% رغم انه أمر يسرنا كثيرا إلا انه وضعنا أمام تساؤلات عدة ، وعند بحث ومناقشة الموضوع مع عدد من المدرسين والطلبة وصلنا إلى الحقيقة المفجعة التي أصابتنا بالذهول ….

( التكنولوجيا الحديثة أصبحت في خدمة الغشاشين وكلمة السر هي كحة أو همهمة بسيطة )

والمشهد كالآتي :….هي مجرد سماعات لاسلكية متناهية الصغر يغرسها  الطالب في أذنه … لها ملحقات يتم تغليفها ووضعها في أماكن حساسة عادة لا تخضع للتفتيش ،  وعند دخول الامتحان يتلقى الطالب من خلال تلك السماعة  الإجابات من شخص يكون خارج القاعة الامتحانية بعد حصول ذلك الطالب على ورقة الأسئلة من احد المدرسين من عديمي الضمير الذي يقوم بتسريب أسئلة الامتحانات مقابل مبلغ مادي يقدر من 500-1000 دولار ….. وحين الانتقال من سؤال إلى آخر تكون كلمة السر هي كحة أو همهمة بسيطة لإعطاء إشارة إلى من يقوم بالتلقين بالانتهاء من السؤال للانتقال إلى الآخر ، ثم تسحب تلك السماعة بعد الانتهاء من عملية الاحتيال تلك بواسطة مغناطيس ذو قوة جذب عالية   .

التساؤل : –

كيف يتم الحصول على تلك السماعات والتي تستخدم عادة في أجهزة المخابرات والتجسس  ؟ وكيف يتم تسريب ورقة الامتحان ؟

لقد فقدت الامتحانات قيمتها كما فقد كل شيء في هذا الوطن قيمته ،  ولم تعد المعيار الصحيح والحقيقي للتقييم فيحرم الطلبة المجتهدون فرحة النجاح و من تكافؤ الفرص .. و لك أن تتصور أثار ذلك النفسية والاجتماعية ومردوداته على صحة الطالب النفسية وما تسببه من شعور بالإحباط لهذه الفئة العمرية الحرجة وهي  في بداية صنعها لمستقبلها .

إن اختراق الامتحان فيه ممارسة للظلم وتعدي على حقوق الآخرين ، والشهادة التي يحصل عليها الغشاش لا يستحقها ، فان يتساوى الطالب المجد والمجتهد ومن بذل المجهود في التحصيل الدراسي طوال العام مع الكسول الفاشل ممن يقضي عامه الدراسي وهو منشغل باللعب وارتياد المقاهي والسهر بتصفح نوافذ الفيسبوك والتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي …نعتقد أنها مشكلة تربوية وسياسية وإدارية واجتماعية خطيرة .

فقد تكاثرت حالات الغش في السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق ،  وأضحى الغش ظاهرة متفشية في صفوف التلاميذ بجميع مراكز الامتحانات بشكل ملفت للنظر لاسيما في ضوء الوفرة المادية التي يستغلها الفاشلون من الطلبة ممن لم يتخذوا أي خطوات تمهيدية للنجاح بشراء ذمم ضعاف النفوس من المدرسين والعاملون في القطاع التعليمي  ، ويخطئ من يظن إنها تصرفات فردية ..فنحن نتحدث عن ظاهرة أصبحت واسعة الانتشار ويعلم بتفاصيلها جيدا من يعمل بسلك التدريس والقائمون على العملية التربوية .

إن مشكلة الغش في الامتحانات المدرسية و الجامعية وخاصة لدى طلبة الصفوف المنتهية  كما في مرحلة السادس إعدادي كونها سنة مصيرية يتحدد بها مستقبل الطالب العلمي والعملي تعد من أكثر المشاكل تعقيدا واخطر الظواهر المتفشية في الوسط التعليمي .

فخوف الطلبة من الإخفاق بالامتحانات والقلق من الرسوب يجعلهم يلجئون إلى الغش كسبيل للنجاة والتفنن في الأساليب والطرق غير المشروعة وبمباركة من المنحرفين من مدرسيهم …!!!!

نتساءل مجددا : عند الحصول على الشهادات بالغش فما الذي  سوف ينتجه هذا الطالب مستقبلا ؟  وما الدور الذي سيقوم به في بناء المجتمع ؟.

فالشهادات المزورة سلوك مشين وممارسة خاطئة تؤدي إلى تدني المستوى التعليمي وتفقدنا الثقة بالشهادات الممنوحة ،  واللجوء إلى هذه الأساليب من الطبيعي أن يؤدي إلى الخواء الفكري والمعرفي ويصبح الإنسان غير مؤهل للقيام بأي عمل ،  فهناك قانونا يسمى بقانون الاستخدام ذكره ( برايان تريسي) في كتابه علم نفس النجاح  يجب أن نذكره هنا ينص على( أن أية قدرة إنسانية لا تستخدم ..فنحن نفقدها ) ، بمعنى أن القدرات العقلية ومنها قدرة الإبداع والتجديد مع مرور الوقت إذا لم تستخدم فإنها معرضة للفقدان والانطفاء مما يضعف طاقات شبابنا و يؤثر على المدى البعيد على قدرتهم على العطاء الفكري والانجاز .

وهذا ما يفسر لنا خلو القطاع التربوي والتعليمي والوظيفي من أية إبداعات أو تقدم في مجال الاختصاصات العلمية والجوانب التطبيقية لتلك العلوم حين التخرج …

لقد أصبح الغش ظاهرة تنخر جسد المجتمع وتنهكه وتسري في كافة مفاصله ، والغش في الامتحانات من اخطر أنواع الغش لآثاره السلبية والخطيرة ، واللجوء إلى عملية الخداع تلك تكشف لنا مستوى ما وصل إليه شبابنا من عدم تحمل للمسئولية واللامبالاة و هشاشة القيم  و يقابله عند النظر إليها من الجانب الآخر عدم السواء والتدهور الأخلاقي الذي وصل إليه بعض المربون الأفاضل والعاملون في قطاع التعليم .

و تلك السلوكيات تمثل تحديا تواجه عملية التنمية في القطاع التعليمي واهم عائق في وجه بناء الفرد والمجتمع لما لتدمير العقول والطاقات من مردودات وآثار نفسية واجتماعية مما يلزم  بضرورة تفعيل العقوبات التأديبية وإحالة من ثبت غشه إلى الجهات القضائية بعيدا عن تدخلات المتنفذون والفوضويون وعد ذلك جريمة جنائية بحق الطلبة الآخرين وحق المجتمع .

إن الأساليب المتبعة في عملية الغش المركبة والمعقدة تلك ..نذير بلاء وتحطيم للطموح والآمال وعملية ربما تكون مقصودة لإخماد القدرات الإبداعية ..وتحتاج إلى وقفة جادة لوضع خطوات تصحيحية لتقويم المسيرة التعليمية الحدباء  ..ومحروس يا وطن .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب