الحياة مدرسة كبيرة تضم ملايين الطلاب وملايين المعلمين ، مدرسة ليس لها صفوف وليس لها ابنية قائمة ، ليس لها حدود وليس لها عُطل او فصول، بل ان الدراسة فيها مستمرة منذ ان وطأت اقدام آدم وحواء هذه الارض . مدرسة نتائجها شفوية وليست تحريرية ، مدرسة لا تُقبل فيها الوساطة كما يحدث في مدارسنا وجامعاتنا ، مدرسة امتحاناتها مستمرة ليل نهار ، شتاءا وصيفا لكنها لا تقبل بالدور الثالث كما يحدث في كلياتنا ومدارسنا حيث هوى المستوى العلمي الى الحضيض . مدرسة الحياة مليئة بالتناقضات وازدواجية الاراء والافكار، يُسير غالبية طلبتها المصالح ومن ركض ورائها هالك اذ يتيه في المسالك ، فما هو محرم لدي حلال لدى غيري وما هو شَينٌ لدي زَينٌ لدى الاخرين وما هو اسود عندي ابيض عند الاخرين ولله في خلقه شؤون والى ان تتلقفنا يد المنون هذه بعض تناقضات مدرسة الحياة. رفض الناخبون في مدينه سان فرانسيسكو اطلاق اسم جورج بوش على مركز للصرف الصحي في مدينتهم بحجة ان اسمه يُعد ملوثا اكثر من الصرف الصحي ذاته، وفي بلدنا تهافت المتهافتون على استقباله والترحيب به وكأنه ملاك نزل من السماء بل وكأنه صاحب الفضل عليهم وليس الله. اما في الدول العربية فمنهم من رقص له ومعه ومنهم من سَمى احد الشوارع تيمنا بأسمه. اما والده بوش الكبير فغالبا ماكان ينتقده ويصفه بالارعن !!
دخل رامسفيلد احد الفنادق في الولايات المتحدة الاميريكة وبالرغم من الاحتياطات الامنية المشدده انبرت له امرأة شجاعة مخاطبة اياه (مجرم حرب ..مجرم حرب) اما زميلتها الاصغر سنا فكانت تصرخ (ان اخرج ياقاتل العراقيين) ثم تقاد هاتان البطلتان خارج القاعة التي تواجد فيها رامسفيلد البطل لدينا ومجرم الحرب لديهم ، لله درك يا مدرسة الحياة . اخذ منا اخواننا في الدين واخواننا في العروبة واخواننا في الانسانية ، اخواننا الاردنيون ملايين الدولارات تعويضا عن التلوث الذي وصل الاردن نتيجة الحرب الاخيرة وكأن العراق هو الذي جيش الجيوش واعد العدة لغزو واحتلال اميركا وليست اميركا هي من فتك بالعراق والعراقيين ونهب العراق والعراقيين واذل العراق والعراقيين واغتصب العراق والعراقيين ولوث ارض وسماء العراق وسبب الامراض للعراقيين فأين هم المحامون العرب ومتى يستيقظون ليقاظوا اميركا على جرائمها لله درك يامدرسة الحياة يغرم الضحية ويعاقب ويسلب ويكرم القاتل ويمجد .
اما مقاطعه هامشير في انكلترا حيث طالبت سيدة بريطانية بلدية المقاطعة بقطع اشجار البتولا في حيها لانها سببت الحساسية لكلبها ! فمتى سأقاضي اميركا لاصابتي بالسكري والضغط نتيجة غزوها للعراق ومتى سيقاضي العراقيون والامريكيون بوش لقتله ابنائهم ولتسببه بالعوق لهم ؟
وفي مطار عمان في الاردن القي القبض على موظف برج المراقبة لانه قال لطيار (شركة العال الاسرائيلية) عندما اقلعت طائرته (اذهبوا للجحيم..بدل من رافقتكم السلامة)! ونحن نسأل الباري عز وجل ان يسهل امر هذا الموظف الشريف الشجاع ويفك اسره ونقول للطيار (الاسرائيلي) وباللهجة الوطنية البغدادية (روحة بلا رجعة ان شاء الله)فهل استلمت نتيجتك عزيزي القارئ من مدرسة الحياة ؟لن تستلمها حتى يأتيك هادم اللذات.
[email protected]
