25 ديسمبر، 2024 9:07 ص

مدخل لعلم النفس السياسي

مدخل لعلم النفس السياسي

يسعى البحث العلمي الى دراسة حقيقة الظواهر الحياتية بهدف معالجة أبرز المشاكل التي تنتج عنها وتحديد القوانين الحاكمة لها بهدف توظيفها بالشكل الذي يساهم في تطوير المسيرة الانسانية،وبما أن الانسان هو العنصر الاساسي والفاعل والمؤثر في الحياة، يصبح التركيز على دراسته من أبرز ميادين البحث العلمي ، بهدف فهم طبيعة السلوك الانساني الذي يتخذ صوراً واشكال متنوعة ،بفعل التفاعل الذي يحدث بين الانسان ومحطية المادي والانساني والاجتماعي.
والبعد النفسي للانسان واحد من أبرز ميادين البحث المهمة التي لها دوراً مؤثراً في مجمل حركة الانسان العامة في الحياة، فالاديان السماوية والشرائع الارضية تخاطب النفس الانسانية وتعمل على تقويمها بالشكل الذي يجعل من الانسان عنصراً فاعلاً في الحياة ، وفي المقابل نجد الاهتمام الكبير بالبعد النفسي والاجتماعي للانسان اصبح حاضراً بقوة من خلال الدراسات العديدة التي عالجت مختلف الجوانب الانسانية مثل: علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الاقتصاد وعلم السياسة وعلم الاخلاق وعلم التربية وعلم الاعصاب والانثروبولوجيا وغيرها من العلوم التي جعلت من الانسان ميداناً خصباً لبحوثها.
وفي هذا الكتاب نسعى الى دراسة حقل معرفي مهم وجديد الا وهو علم النفس السياسي، الذي برز الى جانب الفروع النفسية الاخرى كعلم النفس الاجتماعي وعلم النفس العسكري وعلم النفس الصناعي وعلم النفس الزراعي وعلم النفس التجاري وعلم النفس المعرفي وعلم النفس الطبي وعلم النفس اللغوي وعلم النفس الديني وعلم النفس التجريبي‏ وعلم النفس التنموي‏ وعلم النفس السريري‏ وعلم النفس الفيزيائي‏ ،وغيرها من العلوم التي تعالج الجوانب النفسية المختلفة للانسان .
بحيث اصبح علم النفس السياسي من المجالات المهمة التي جرى التركيز عليها بواسطة الجامعات ومراكز الابحاث،كونه يركز على دراسة جانب مهم من الظاهرة السياسية الا وهو الحانب النفسي ومدى تأثيره في تشكيل الظاهرة السياسية.فالحرب والسلام والصراع والعنف السياسي والعنف الانتخابي والارهاب والتنشئة الاجتماعية والسياسية والراي العام وعملية صناعة القرار السياسي وسلوك القادة والسلوك الانتخابي والمشاركة في العملية الانتخابية .وغيرها افعال انسانية يكون للبعد النفسي تاثيراً واضحاً فيها ، فليس الذهاب للحرب او السلام او اللجوء الى العنف ،سلوكا جمعيا للجماهير أتى من انتاج أفعال انسانية عقلانية فحسب ، وانما للمؤثرات النفسية والشخصية دوراً بارزاً فيها.
لذلك يصبح الاهتمام بوصف الابعاد النفسية وشرحها لتفسير الظواهر السياسية امراً هاماً ،حيث نلاحظ أن علماء النفس درسوا المعتقدات والقيم والعواطف والعلاقات بين الاشخاص وسلوك الجماعة والعلاقات داخل الجماعة والفواعل السياسية، لمعرفة متى وكيفية يتم اتخاذ الخيارات السياسية المناسبة، على سبيل المثال التصويت في الانتخابات وسلوك الناخب وطبيه حركة اتجاهات الرأي بشأنها ، حيث يقوم علم النفس السياسي بدراسة العمليات السياسية من منظور نفسي. وعلى المستوى الأعم، يهتم علم النفس السياسي بدراسة الفكر السياسي وسلوك الأفراد داخل المجتمعات المنظمة سياسياً. فالباحث في علم النفس السياسي يفحص السلوك السياسي الفردي في عملية (صنع القرار) وعلى المستوى الجماعي يدرس (الفعل الجماعي)، كونه يتعلق بالعمليات التي تحدث لدى الجمهور (مثل الرأي العام) وبين النخب السياسية (علم نفس القيادة)، والعمليات التي تتصل بالعلاقات الرسمية (على سبيل المثال،التصويت) والعمليات غير الرسمية (على سبيل المثال، مشاركة المجتمع المحلي) الى جانب عملية المشاركة السياسية. ولايكتفي علم النفس السياسي بهذه الدراسات فقط، وانما يتوسع ليهتم بدراسة تأثير الراي العام في السياسات الحكومية ودراسة سلوك النخبة وادركها لشكل السياسات الحكومية ودراسة تأثير الشخصية في القيادة وصناع السياسة الخارحية،وتأثير العاطفة في السلوك والتفاعل بين العمليات الفردية والسلوك الجماعي، والمحافظة على القيم المهيمنة في المجتمع ، ومن جهة اخرى يعمد علماء علم النفس السياسي الى دراسة الاحداث اليومية في المجتمعات الانسانية من أجل فهم الخيارات السياسية والافعال والنتائج التي تحدث في العالم الواقعي ،ويتعامل كذلك علم النفس السياسي مع اليات السلوك السياسي وتشمل كل من التصويت والفعل الجمعي وتأثير الاتصالات السياسية والتنشئة السياسية والتعليم المدني و العدالة الاجتماعية ودمج السياسي للمهاجرين.

أحدث المقالات

أحدث المقالات