22 نوفمبر، 2024 8:07 م
Search
Close this search box.

مدحت المحمود : القضاء المشبوه

مدحت المحمود : القضاء المشبوه

وانا اقلب بين القنوات الفضائية استوقفني لقاء على إحداها مع الشيخ رافع الرفاعي يذكر القصة الآتية:
(في وقت الرئيس الاسبق صدام حسين تم تقديم مشروع لتمليك قطع أراضي ضمن منطقة في بغداد وكنت وقتها مستشارا في وزارة الأوقاف وكان مدحت المحمود مستشارا حقوقيا وبعد التحري عن الأراضي تبين أنها من الاوقاف التي لا يجوز التصرف بها، لكن مدحت المحمود قال بالنص: “هي مكرمة من الرئيس” وبقيت على موقفي الرافض للموافقة والمحمود بصم بالموافقة).

إنه مدحت المحمود صاحب عبارة ( البيعة الأبدية ) في وصف الأستفتاء الشعبي على رئاسة صدام حسين  عام 2002 وصاحب مقولة ( أعظم قائد لأعظم شعب).

كان هذا فيما سبق اما الان فهو رئيس مجلس القضاء الأعلى و المحكمة الاتحادية العليا في العراق. وكأن العراق عاجز او عجز عن الاتيان بشخص آخر خصوصا ان المحمود من مواليد ١٩٢٢.

كل يوم تطالعنا وسائل الاعلام بحقائق جديدة عن القضاء المسيس الذي انتقل الى رحمة الله واصبح اضحوكة في العالم عندما يذكر مصطلح القضاء العراقي بفعل القائمين عليه الذين باع بعضهم ضميره لهذا الحاكم او ذاك، اصبحنا ندفن رؤوسنا في الرمال بعد ان كنا نرفع رأسنا فيما سبق لاننا من بلد حمورابي ولاننا علمنا العالم القضاء.

الحقيقة المؤلمة الجديدة هي تصريح للمحمود نقف امامه متعجبين مذهولين:

لم اصدق الرقم واعدت النظر فيه عدة مرات حين قال السيد مدحت المحمود ان مجلس القضاء الأعلى قام بالإفراج عن ١٥٠٨٠٥ موقوفا لم تثبت عليهم ادلة كافية لتجريمهم خلال العام ٢٠١٤.

انه رقم مخيف فعلا فمن المؤكد انهم قضوا في السجون اشهرا وسنين قبل اطلاق سراحهم لعدم وجود ادلة ادانة ضدهم.

وفترة بقائهم هذه قد تصنع او تكون صنعت منهم اناسا متطرفين بسبب سياسات القضاء الفاشلة فالقاعدة عندنا منكوسة معكوسة فالبرئ متهم حتى تثبت ادانته ولكن ما هكذا تورد يا محمود الابل.

ان العدالة تقتضي ان يحاسب الذي قام باعتقال هذا العدد الكبير من المواطنين وعدم ترك مصائر الناس بيد اشخاص من المفترض انهم اقسموا بالله لتحقيق العدالة لكنهم ونقولها باسف لا يعرفون باية طريقة ما هي حدود رجل القانون.

ان مدحت المحمود شخصية غريبة الاطوار فيما سبق كان مقربا من صدام حسين وحصل على العديد من الامتيازات والمكافئات وبعد سقوط النظام الصدامي ظهر على انه معارض ووطني، وقريب ومقرب من الحاكم المدني بريمر والمحمود هو من غير لقبه في محكمة الكرخ ليكون مقربا من الرئيس الاسبق.

ان مئات الالاف من المظلومين القابعين في السجن ظلما وبهتانا ينتظرون الافراج لانهم متيقنون انهم غير متهمين، وان مئات الالاف من المذكرات الكيدية التي كانت تنظم باسم الشخص غير المرغوب فيه لا زال اصحابها ينتظرون حسم قضاياهم، وان مئات الالاف من ضحايا المخبر السري ما زالوا ينتظرون حسم ملفهم ومن ثم الافراج عنهم، وهنا اقولها بفم ملئ لو كان القضاء مستقلا ونزيها وعادلا غير مسيس لطرف على حساب طرف لرأينا نسبة ما يقرب من ٨٠ الى ٩٠٪ من المسجونيين بقضايا هم خارج المعتقل لان الاصل هو البراءة حتى تثبت الادانة.

ان بقاء مدحت المحمود وهو صاحب السيرة المعروفة للقاصي والداني كفيل بالقضاء على ما تبقى من قضاء نزيه ومستقل، ولا اتصور والقارئ يشاركني الرأي ان العراق عجز او عقم عن بديل للمحمود المتقلب.

دعوة الى ارجاع القضاء العراقي الى سابقه المشرق المضئ وتنقيته من الشوائب التي اصابته ودعوة اخرى لاعادة النظر في كل ملفات المعتقلين وعبر قضاء نزيه يعرف الحق بل ويقاتل عليه والمحمود بالتأكيد ليس جزءا منه.

أحدث المقالات