24 ديسمبر، 2024 3:46 ص

 مدام فوسايو هي سيدة يابانية الجنسية تعيش منذ فتره طويلة في العاصمة عمان ، وتعمل في منظمة نسوية كورية عالمية تسمى ( الأتحاد النسائي للسلام العالمي الدولي) ؛ وقد نذرت نفسها لمحاربة الفقر في  العالم  وتركز اهتمامها لمساعدة الفقراء من ألأيتام وألارامل والمعوزين من اللاجئين العراقيين في الاردن . اتيحت لي فرصة ان اكون مع – فوسايو- في أعداد طعام الفطور للفقراء واليتامى العراقيين في شهر رمضان ، وعلمت ان عدد العوائل التي تقوم فوسايو بمساعدتها يقترب الى (1500عائلة فقيرة) اكثرهم من العراقيين وتجمع المساعدات لهم من جميع انحاء العالم .
تعمدت ان ادخل الى شقتها لأرى كيف تعيش هذه السيدة ، وذهلت عندما وجدتها تنام على الارض وتستخدم ادوات بسيطة جدا ومتواضعة في شقتها . وعندما سألتها لماذا هذا حالك وانت تمتلكين هذه المبالغ الكبيرة التي تصلك من جميع انحاء العالم  ؟
فقالت ان هذه المبالغ تصلني لغرض أيصالها الى الفقراء والمساكين ويجب ان اقوم بتوزيعها عليهم بشكل عادل ، وهي تعتبر امانة لدي ولايحق لي ان استخدمها لمنفعتي الشخصية وتسألت ” كيف أجرأ على أنتزاع لقمة من فم يتيم وأتصرف بثمنها لمصلحتي الشخصية ” ؟؟؟
وجدت ان هذه المرأه غير المسلمة تطبق مبادئ الاسلام الحقيقية وتطبق مقولة الأمام علي عليه السلام التي نرددها نحن  ولا نطبقها ( البشر نوعان : اما اخاً لك في الدين او نظيرٍ لك في الخلق ) … لقد طبقت فوسايو اليابانية هذا المقولة بشكل عملى ونحن نتكلم فقط … وحاولت سؤالها عن احوال العراقيين في الاردن فقاطعني الحاضرين من العراقيين قائلين بالحرف الواحد ( يمعود عوفهه بس تحجي عن العراقيين وخاصة الايتام والارامل تكوم تبجي واحنه جاي نحضر الفطور… ) ؟
  خجلت من نفسي وانا اقارن بين ماتقدمة هذه السيدة وماقدمتة انا وأمثالي للأيتام والأرامل وضحايا الحرب الاهلية التي انكوى بنارها البسطاء من الشعب العراقي أعوام 2005 ، 2006 و 2007 ، وضحايا الاعتداءات الارهابية وابناء الشهداء على يد قوات الاحتلال  .
  لقد جمعتني مائدة أفطار فوسايو؛ بعدد من العراقيين الميسورين – رجالاً ونساء –  من المقيمين في عمان والذين حظروا لمساعدة  فوسايو في تهيئة وجبة الفطور ، ومنهم من جلب معه هدايا لتوزيعها على ألايتام … والذي افرحني كثيرا عندما عرفت بأنهم ليسوا من طائفة او قومية واحدة وانما من جميع اطياف الشعب العراقي ، فمنهم شاب كردي وزوجتة متطوعين لتوزيع المعونات واعداد الطعام ويعاونهم شاب عربي من الاعظمية هو وزوجتة واخبرني بانهم يعملون مع فوسايو منذ فترة طويلة ، فبادرتهم بالسؤال ؛ وهل زاركم احد  من السياسيين

العراقيين هذه الفترة وقدم لكم المعونه ، فقالوا نعم زارونا كثيرون من السياسيين وذكرهم بالأسم ولكن قبل الأنتخابات وخلال الحملة الأنتخابية واوعدونا بالكثير ولكن لم نراهم بعد الانتخابات …؟ وهم وجميع أللاجئين ألذين يعرفهم نادمون وآسفون على انتخابهم .
 والتقيت بين الحضور بأمرأه في الخمسينيات متطوعة بطبخ الطعام من البصرة الفيحاء ، ومن الناصرية تعرفت على شباب آخرين ، ومن العراقيين المغتربين ويحملون جنسيات مختلفة  من كندا وامريكا ودول أخرى هذا التنوع يدل على ان الشعب العراقي شعب حي يرفض الطائفية والحزبية والمذهبية ولايؤمن بها ، وانها موجوده فقط في عقول واذهان من لايعرفون العراق وشعب العراق .
لن اطلب من احد ولا حتى من نفسي ان نكون كـ ( فوسايو ) ، ولكن على الاقل نقارن بين ماتفعله هي وما نفعلة نحن ، وان نحث نساء العراق ان يقتدوا بما تفعله هذة السيدة اليابانية بغض النظر عن دينها وما تعبد فهي حرة بذلك الذي يهمنا عملها …
واٌذكر هنا منظمات المجتمع المدني المحلية والوطنية والدولية ؛ تلك المنظمات التي أثرت كثيرا على حساب العمل الانساني في العراق بسبب فسادهم واثرائهم على حساب الفقراء من الايتام وألأرامل والمعوقين ؟؟؟
 واخص بالذكر معظم المنظمات التي تقودها نساء وثبت بالدليل القاطع عدم نظافتهم وألتزامهم بالعمل الانساني ، فهم يجمعون التبرعات ولا تسلم لمستحقيها وهو ما ادى الى عزوف المنظمات الانسانية العالمية من التعامل مع منظمات المجتمع المدني داخل العراق . واقول لهم اتقوا الله يا منظمات المجتمع المدني بألارامل وألايتام وعليكم وعلينا ان نتعلم  ولو قليلاً من  المتطوعة مدام فوسايو . 
وكل عام وانتم بخير
* خبير قانوني