23 ديسمبر، 2024 2:10 م

في بلادي الكل يعاني الإهمال ، والكل يشكو التقصير ،  المواطن والمسؤول يتحدثان كلاهما عن الفساد المالي والإداري ، وكلاهما ينتقدان ما يحصل … فإذا كان الكل يشكو والجميع ينتقد ، إذا فمن هو المسؤول عما يحدث … الجميع من في سدة الحكم وأصحاب القرار السياسي والاقتصادي هم صنيعتنا ونحن بديمقراطيتنا الاثنية والقومية من جئنا بهم ، وكل ما يحدث وبشرعة الديمقراطية فأنهم المسؤولين عن توفير احتياجات هذا الشعب ، وهم من توجه إليهم الأنظار إذا ما حدث خلل أو خطئ ما هنا أو هناك … على مدى السنوات الإحدى عشر الماضية حاولت جميع الحكومات التي توالت بعد سقوط الصنم على إعادة بناء ألبنا التحتية ، ومرافق الدولة المنهكة ومنها التعليمية ، التي دمرت وتراجعت بفعل الحروب والأزمات المراثونية التي مر بها العراق خلال العقود القليلة الماضية ، وصرفت مبالغ خيالية لو استثمرت بالشكل الصحيح لتم بناء بلد أخر حديث ومتطور تحجب سمائه ناطحات السحاب ويذهب أبنائه إلى مدارسهم بواسطة  المترو أو الترام … ويقرءون وينجزون واجباتهم اليومية  بواسطة أجهزة الحاسوب الحديثة كما يحدث ألان في الكثير من دول العالم المتقدم … التي هي اقل منا غنى بمواردها المعدنية والنفطية  …لكنها أكثر حرصا على مستقبل أجيالها ، واعف يد عن المال العام … وتحمل رؤية واضحة عما تريد ، واهم من ذلك كله فإنها تحترم الإنسان كونه الهدف والغاية الأسمى لديها… بدء العام الدراسي في العراق مرتبكا  وفي غير موعده بسبب مشكلة النازحين الذين لم يجد اغلبهم مأوى غير المدارس لتكون بديلا لهم عن بيوتهم التي تركوها  في نهبا للإرهاب رغما عن إرادتهم .. ومع بدايته لازالت مدارس الطين والجريد المنتشرة كالوجع العراقي على خارطته الموشومة بالفقر والأحزان ، تشكل علامة فارقة ومخجلة لبلد تخطت ميزانيته السنوية المائة مليار دولار  ، ومع بداية هذا العام الدراسي ، بدأت الضغوطات المالية والنفسية على الأسرة العراقية التي أصبح لزاما عليها توفير كل ما يحتاجه أبنائها الطلبة من  دفاتر وكراريس ومستلزمات دراسية ، ناهيك عن الملابس والحقائب والاحتياجات الأخرى التي تفتقر إليها مدارسنا ، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى شراء الأهالي  مقاعد دراسية (رحلات )..لأبنائهم لغرض الجلوس عليها في صفوف الدراسة … وطلب بعض المدارس من التلاميذ بجمع التبرعات لشراء أجهزة تدفئة لصفوف الدراسة … علما إن مدارسنا لم تعد بحاجة إلى أجهزة تدفئة وذلك للازدحام الشديد والاكتظاظ الحاصل داخل صفوف هذه المدارس والذي تجاوز تعداد الطلاب إلى أكثر من أربعون طالب في الصف الواحد ، وفي الكثير من المدارس  يكون الدوام على شكل ثلاث مراحل أي تتناوب ثلاث مدارس في بناية واحدة  على مدار نهار اليوم الواحد … إن هذه المشاكل المستعصية عن الحل العراقي لا يمكن إن  تتحملها جهة واحدة أو حتى وزارة التربية بعينها … الكل مسؤول عما حدث ويحدث في مدارسنا وما يعانيه طلبتنا من الإهمال وانعدام توفير المستلزمات الضرورية لهم … كيف لنا أن نبني بلدا محطما سحقته ويلات الحروب والصراعات وأنهكه الإرهاب والفساد ، بجيل لا نستطيع توفير الماء الصالح للشرب إليه على مقاعد الدراسة .. أو نوفر له صف نظيف مريح يستطيع فيه استيعاب وفهم دروسه .. ذكر لي صديق قبل أعوام قليلة إن ابنته الصغيرة بدأت تمرض بصورة مستمرة ولا سباب كان يجهلها وبعد البحث والتقصي عن الأسباب ، تبين إن السبب صفها الدراسي الذي تحول إلى مكب للنفايات والأوساخ … وبعد أن يأس في إقناع مديرة المدرسة بالعمل على تنظيف هذا الصف وتخليصه من أوساخه وجراثيمه التي كانت سبب في مرض ابنته ، والتي كانت تعتذر عن ذلك بحجة عدم توفر عامل خدمة لديها ، قام هو وزوجته بالذهاب إلى المدرسة في إحدى الجمع وبصحبته مساحيق التنظيف وخراطيم المياه ، وبعد الإلحاح وتوسل على الحارس المكلف لحراسة المدرسة سمح لهم بالدخول وغسل وتنظيف صف ابنته ومقاعده الدراسية ، وفي بداية الأسبوع التالي قامت المديرة بنقل ابنته إلى صف آخر أكثر قذارة من الصف السابق ، تنكيلا منها لهذه التلميذة على ما فعله أبويها … قد يكون الفعل الذي قامت به مديرة المدرسة يعكس موقفا شخصيا وتصرفا فرديا .. لا يمكن تعميمه على الكابينة التعليمية في العراق التي تحتوي في طياتها على الكثير من التربويين الأكفاء والمربين الفضلاء .. لكنها تشير إلى حقيقة يجب موجهتها إذا ما أردنا بناء هذا البلد بالشكل الصحيح ، والذي يجب علينا في البدء إعادة النظر بالمنظومة التعليمية بكل حيثياتها ومرافقها وبناها التحتية والعمل على تطويرها بما يتلاءم مع التقدم العلمي الكبير  الذي يشهده العالم حاليا ، ومحاولة انتشال مدارسنا من واقعها السيئ … وان أغنى بلد في المنطقة بميزانيته السنوية ، لا يجب أن تكون مدارسه بهذا الفقر.

مدارسنا الفقيرة
في بلادي الكل يعاني الإهمال ، والكل يشكو التقصير ،  المواطن والمسؤول يتحدثان كلاهما عن الفساد المالي والإداري ، وكلاهما ينتقدان ما يحصل … فإذا كان الكل يشكو والجميع ينتقد ، إذا فمن هو المسؤول عما يحدث … الجميع من في سدة الحكم وأصحاب القرار السياسي والاقتصادي هم صنيعتنا ونحن بديمقراطيتنا الاثنية والقومية من جئنا بهم ، وكل ما يحدث وبشرعة الديمقراطية فأنهم المسؤولين عن توفير احتياجات هذا الشعب ، وهم من توجه إليهم الأنظار إذا ما حدث خلل أو خطئ ما هنا أو هناك … على مدى السنوات الإحدى عشر الماضية حاولت جميع الحكومات التي توالت بعد سقوط الصنم على إعادة بناء ألبنا التحتية ، ومرافق الدولة المنهكة ومنها التعليمية ، التي دمرت وتراجعت بفعل الحروب والأزمات المراثونية التي مر بها العراق خلال العقود القليلة الماضية ، وصرفت مبالغ خيالية لو استثمرت بالشكل الصحيح لتم بناء بلد أخر حديث ومتطور تحجب سمائه ناطحات السحاب ويذهب أبنائه إلى مدارسهم بواسطة  المترو أو الترام … ويقرءون وينجزون واجباتهم اليومية  بواسطة أجهزة الحاسوب الحديثة كما يحدث ألان في الكثير من دول العالم المتقدم … التي هي اقل منا غنى بمواردها المعدنية والنفطية  …لكنها أكثر حرصا على مستقبل أجيالها ، واعف يد عن المال العام … وتحمل رؤية واضحة عما تريد ، واهم من ذلك كله فإنها تحترم الإنسان كونه الهدف والغاية الأسمى لديها… بدء العام الدراسي في العراق مرتبكا  وفي غير موعده بسبب مشكلة النازحين الذين لم يجد اغلبهم مأوى غير المدارس لتكون بديلا لهم عن بيوتهم التي تركوها  في نهبا للإرهاب رغما عن إرادتهم .. ومع بدايته لازالت مدارس الطين والجريد المنتشرة كالوجع العراقي على خارطته الموشومة بالفقر والأحزان ، تشكل علامة فارقة ومخجلة لبلد تخطت ميزانيته السنوية المائة مليار دولار  ، ومع بداية هذا العام الدراسي ، بدأت الضغوطات المالية والنفسية على الأسرة العراقية التي أصبح لزاما عليها توفير كل ما يحتاجه أبنائها الطلبة من  دفاتر وكراريس ومستلزمات دراسية ، ناهيك عن الملابس والحقائب والاحتياجات الأخرى التي تفتقر إليها مدارسنا ، والتي وصلت في بعض الأحيان إلى شراء الأهالي  مقاعد دراسية (رحلات )..لأبنائهم لغرض الجلوس عليها في صفوف الدراسة … وطلب بعض المدارس من التلاميذ بجمع التبرعات لشراء أجهزة تدفئة لصفوف الدراسة … علما إن مدارسنا لم تعد بحاجة إلى أجهزة تدفئة وذلك للازدحام الشديد والاكتظاظ الحاصل داخل صفوف هذه المدارس والذي تجاوز تعداد الطلاب إلى أكثر من أربعون طالب في الصف الواحد ، وفي الكثير من المدارس  يكون الدوام على شكل ثلاث مراحل أي تتناوب ثلاث مدارس في بناية واحدة  على مدار نهار اليوم الواحد … إن هذه المشاكل المستعصية عن الحل العراقي لا يمكن إن  تتحملها جهة واحدة أو حتى وزارة التربية بعينها … الكل مسؤول عما حدث ويحدث في مدارسنا وما يعانيه طلبتنا من الإهمال وانعدام توفير المستلزمات الضرورية لهم … كيف لنا أن نبني بلدا محطما سحقته ويلات الحروب والصراعات وأنهكه الإرهاب والفساد ، بجيل لا نستطيع توفير الماء الصالح للشرب إليه على مقاعد الدراسة .. أو نوفر له صف نظيف مريح يستطيع فيه استيعاب وفهم دروسه .. ذكر لي صديق قبل أعوام قليلة إن ابنته الصغيرة بدأت تمرض بصورة مستمرة ولا سباب كان يجهلها وبعد البحث والتقصي عن الأسباب ، تبين إن السبب صفها الدراسي الذي تحول إلى مكب للنفايات والأوساخ … وبعد أن يأس في إقناع مديرة المدرسة بالعمل على تنظيف هذا الصف وتخليصه من أوساخه وجراثيمه التي كانت سبب في مرض ابنته ، والتي كانت تعتذر عن ذلك بحجة عدم توفر عامل خدمة لديها ، قام هو وزوجته بالذهاب إلى المدرسة في إحدى الجمع وبصحبته مساحيق التنظيف وخراطيم المياه ، وبعد الإلحاح وتوسل على الحارس المكلف لحراسة المدرسة سمح لهم بالدخول وغسل وتنظيف صف ابنته ومقاعده الدراسية ، وفي بداية الأسبوع التالي قامت المديرة بنقل ابنته إلى صف آخر أكثر قذارة من الصف السابق ، تنكيلا منها لهذه التلميذة على ما فعله أبويها … قد يكون الفعل الذي قامت به مديرة المدرسة يعكس موقفا شخصيا وتصرفا فرديا .. لا يمكن تعميمه على الكابينة التعليمية في العراق التي تحتوي في طياتها على الكثير من التربويين الأكفاء والمربين الفضلاء .. لكنها تشير إلى حقيقة يجب موجهتها إذا ما أردنا بناء هذا البلد بالشكل الصحيح ، والذي يجب علينا في البدء إعادة النظر بالمنظومة التعليمية بكل حيثياتها ومرافقها وبناها التحتية والعمل على تطويرها بما يتلاءم مع التقدم العلمي الكبير  الذي يشهده العالم حاليا ، ومحاولة انتشال مدارسنا من واقعها السيئ … وان أغنى بلد في المنطقة بميزانيته السنوية ، لا يجب أن تكون مدارسه بهذا الفقر.