من قبل أنْ تحدث احداث وحوادث مساء الأربعاء الفائت في اقتحام المتظاهرين من انصار ترامب للكونغرس الأمريكي , فكانَ مرصوداً ومتوقّعاً حدوث أمرٍ ما او اكثرلتجييره وتوظيفه لصالح الرئيس ترامب ضدّ نظيره بايدن , كمحاولةٍ مستميتة لعرقلة الفوز المطلق لبايدن في الإنتخابات الرئاسية , وقد المحَ ترامب بأشاراتٍ ورموزٍ شبه او نصف مكشوفة لمفاجآتٍ ما محتملة الحدوث في هذا الصدد , وبذاتِ الصددِ ايضاً فبدا أنّ الرئيس ترامب كانَ على ادراكٍ ضمنيٍ ومسبق بأنّه يستخدم سلاحاً ذو حدّين , او يلعب لعبةً انتخابية مزدوجة وبعنايةٍ ليست فائقة .! , واتّضحَ أنّه لم يجيد اللعب بما فيه الكفاية في هذا المضمار وبمعرفته المسبقة في ذلك .! , وقد تكشّفَ علناً للإعلام ” منذ يومين ونيف ” بأنّ ترامب ناقشَ مع بعض مساعديه الأقرب خصوصية مسألة اصداره لعفوٍ عن نفسه ! ضد المخالفات الدستورية بما يتعلق بسلوكه في خوض غمار معركة الأيام الأخيرة ومداخلاتها , لكنّ تصرّفه هذا كانَ متبايناً جداً عمّا قام به الرئيس الروسي السابق ” بوريس يلتسين ” حين اجرى تفاهماتٍ خاصة مع فلاديمير بوتين لترشيحه لرئاسة روسيا مقابل تزكية العفو عن يلتسين الذي أحاطه الفساد السياسي وغير السياسي في فترة رئاسته , رغم الإختلاف الجذري للبيئة الرئاسية – السياسية في روسيا عمّا هي في الولايات المتحدة .
عملية اقتحام الكونغرس لم تنته بأنسحاب المتظاهرين – المقتحمين لمبنى ” الكابيتول ” , بل ستبدأ على المستووين القانوني والأمني ولها ما لها من تبعات , وهذه العملية هي غلطة ستراتيجية – تكتيكية اوقع ترامب نفسه فيها , فطالما دخل في هذه ” المعركة ” فكان عليه الأستمرار فيها رغم فداحتها , بدلاً من اصدار تعليماته للمقتحمين للعودة الى منازلهم .! , فلو بقي المتظاهرون داخل ابنية وقاعات الكونغرس وتحصّنوا فيه , لأرغموا الشرطة والقوات الأمنية الأخرى من الإمتناع عن اطلاق الغازات المسيلة للدموع داخل صالاتٍ وقاعاتٍ مغلقة , ولو استمروّا بالبقاء والتحصّن , لكان أن شجّعوا اعداداً كبيرةً اخرى للإلتحاق بهم , وربما جرى كسر حظر التجوال الى حدٍ ما , وهذا التمركز داخل ” الكابيتول ” كان لابدّ له من فرض واقعٍ جديد يغدو في اقلّ اعتباراته منع اعضاء مجلس النواب الأمريكي للإجتماع وعقد جلسة خاصة لحسم نتائج الأنتخابات لصالح بايدن , ولايعني ذلك ايضاً قلب المعادلة وتحويل دفّة الفوز لصالح ترامب بنسبة 100 % 100 , لكنه كان لابدّ من ظهور افرازاتٍ جديدة ليجري التعامل معها وفق معطياتٍ جديدة كلّما تضاعفت اعداد الذين سينضمّون الى رفقائهم داخل الكونغرس , وبتفويت او عرقلة انعقاد جلسة البرلمان الأخيرة التي حسمت الأمر .!
وثانيةً نشير أنّ دعوة ترامب لأنصاره بالإنسحاب والعودة الى من حيث جاؤوا , فأنّها تشكّل جزءا وحجماً حيوياً من القشّة التي قصمت ظَهر البعير الأمريكي .!
وبالصدِدِ هذا أخطأ ترامب في حساباته غير المحسوبة بدقّةٍ ” او ما يقاربها ” عمّا سيترتّب عليه مواجهته في تحميله المسؤولية القانونية والأمنية في التحريض او الدعوة غير المباشرة لإقتحام اكبر مؤسسة تشريعية في الولايات المتحدة , ولم يلعبها السيد الرئيس بكفاءة .! وقد بدت بعض تلميحات وقسمات انعكاسات ذلك منذ الآن على او عبر تصريحات بايدن , ولسوف تنمو وتتجسّم فعلياً بعد العشرين من هذا الشهر .!
منْ جانبٍ آخر , وبالرغم ممّا يجري أمام اضواء وسائل الإعلام العالمية من تأهّبٍ فوق العادة واستعداداتٍ عسكرية امريكيةٍ في المنطقة بما يوحي لقيام ترامب بعملٍ حربيٍ مفترض ضدّ اهدافٍ ايرانيةٍ محددة , او القيام بعملياتٍ مسلحة ضدّ ميليشيات وفصائلٍ عراقية , لكنّ احتمالات وفرص ذلك تتضاءل شيئاً فشيئاً أمام التفاعلات السيكولوجية للرئيس ترامب لما وعمّا قد يواجهه قريباً قبلَ او بعد مغادرته لكتبه البيضاوي في الأبيض .! , والأمرُ يحتملُ ايّ مفاجآتٍ غير مفاجئة او مفاجئة كذلك .!