23 ديسمبر، 2024 4:34 ص

مخلوع ومخاليع!!

مخلوع ومخاليع!!

المخلوع توصيف سياسي تداوله اليمنيون منذ أن غادر الحكم رئيسهم عبدالله صالح , الذي جلس على الكرسي لأكثر من ثلاثة عقود , وبعد أن إكتسب صفة المَخلوع , راح يعبّر عن السلوك الطالح , الذي أوصل اليمن إلى ما هي عليه اليوم , من إنقسامات وصراعات دامية , وتدخلات خارجية قاسية.

والخلع تعني النزع والتجرد والمنع , وتخالعَ القوم : نقضوا العهد الذي بينهم , وخلعه: أزاله.

وخُلِع الوالي: عُزِل.

والخلع بمعناه السياسي يعني العزل من المنصب والمسؤولية ومنع النشاط.

فالمسؤول المخلوع ينتفي دوره وتأثيره , لأن العزل عقوبة وقرار سياسي بتجريد الشخص من السلطات.

والمشكلة في العزل أو الخلع أو التنحي , أن العقلية والنفسية العربية لا تتحمل مثل هذه المصطلحات وتقرنها بسفك الدماء , أو بالقضاء على الشخص , وهذا سلوك مُتَعَلم ومتوارث عبر مسيرات الحكم المتوجة بالصراعات الحامية , فعندما يتعلق الأمر بالكرسي والسلطات تنتفي القيم والعقائد والأعراف , وتصرخ في الأعماق إرادات الغاب المتوحشة المفترسة العمياء.

فكلنا لا يستوعب ولا يفهم هذه المسميات , إلا أنها تعني المحق بشتى الوسائل والأساليب , ولهذا لا يوجد رئيس سابق في بلاد العرب أوطاني , إلا في القليل النادر , ولا بد للمعزول أن يُهان ويُذل ويُمتهن ويُحتقر , وكأنه لم يكن رئيسا أو مليكا للبلاد ورمزا لها.

ودولنا أيا كانت لا تتحمل معزولا واحدا , كما يحصل في اليمن , فكيف بها أن تتحمل أكثر من معزول؟!

إنها الكوارث السياسية التي ستحل بأية دولة فيها مخاليع , وشدتها تتناسب وأعدادهم , وهذا يعني أن دولة المخاليع ستدخل في نفق مظلم ومروّع النتائج , ذلك أن الخلع أو التجريد من المسؤوليات يحتاج قوة صارمة , وقرارات حاسمة وإجراءات قاصمة , لا تعرف الهوادة.

ولأن هذه القدرات القيادية السيادية غير متوفرة في معظمها, فأن الخلع يعني حالة أخرى تتقاطع والغايات التي أريدت منه , وعليه فأن الساحة ستشهد تصارعات سلبية نكراء , لا يعنيها سوى الكرسي وكيفيات الإستحواذ على السلطات , وبهذا سيكون مركز القرار ضعيفا , والقدرة على الإنجاز واهنة , وسيتوحل الخالع بالمخاليع , وستبدد القدرات والطاقات , وتتمكن القوى المستفيدة من فظائع المآل , وسيخسر المتصارعون كل شيئ حتى أنفسهم.

ويبدو أنها إرادة خفية تؤكد ما فيها , وترسي دعائم عناصر تفاعلات جديدة , تعيد لمعادلات الوجود الوطني توازناتها وعواملها المساعدة , اللازمة لسلامة الإنتاج المصيري , والقدرة البقائية في عصر يتجدد كمياه النهر الدفاق.

وقرارات الخلع ربما ستكون حبرا على ورق , والمخاليع سيزدادون نشاطا وظهورا في وسائل الإعلام , وسيتصرفون بصفتهم الرسمية المتمسكين بها , فأن المشاكل ستتوالد , والتحديات

ستتكالب , وكل مخلوع سيعيد ترتيب الأوضاع , لكي تكون لصالح عودته إلى مخدع الكرسي الوثير!!

فهل أن الخالع سيُخلع؟!!