المتابع للعملية السياسية, يرى أن تغيير 2003 أفرز عديد من الأشخاص, يحاولون صناعة رجل ثاني؛ داخل شخصيتهم, ليكون امتداد للدكتاتور, وقائد الضرورة, أحلامه هي من تصور لنفسه هذا الهراء, لكن سرعان ما يصدم بواقع أقوى منه ومن عنفوانه, ليقول كما قال “ذنون!!” وينادي المعني وهو في الظلمات: أن العراق لا دكتاتور فيه, والسلطة والهيمنة لا تدوم ألا لصاحب المشروع!
نوري المالكي, في النصف الأول من حكمه, كان معتدل ويفهم مجريات الأمور, حتى أصابه داء التفرد في النصف الثاني, أسوة برئيس العراق الأسبق صدام حسين, متناسي أن هذا الطريق يؤدي بصاحبه الى الحفرة!
بالتالي أصبحت للعراق تجربتين؛ لنظام دكتاتوري, أودى بهم الى سواد التاريخ, ومن لا يتخذ من هاتين الحادثتين سبيل للنجاة, أما واهم, أو مجنون, لأن العراق أكبر من جميع الساسة, فهو الحصن الحصين, والوطن, الراعي, والمربي, وخيراته يعيش عليها أغلب الدول, إقليميا, ودولياً, وتسير الحياة فيه بسلاسة وبساطة, وشعبه ابسط مما تتوقع, فهو يبحث عن من يطالب بحقوقه, بطرق مشروعة, وبوسائل صريحة, لا بدس السم بالعسل! كما فعلها أنموذج جديد (بالكارتونة!) محمد الطائي!
الطائي عرفناه أعلامي في قناة الفيحاء, بعيد عن السياسة ومآربها, يسعى لإيصال رسالته الإعلامية عبر تلك الشاشة, والإعلامي في المدن المتحضرة يكون مستقل, ولا ينتمي لجهة معينة, بقدر ما ينتمي لمهنته, والتي تسمى بالسلطة الرابعة؛ لما لها من تأثير كبير على المجتمع, (جُر!) الطائي الى السياسة برغبته أو دونها, ودخل الى الانتخابات, مرشحاً مستقلاً داخل كتلة المواطن, والسبب بحسب ما بينه هو, لأن كتلة المواطن: هي المطالبة الوحيدة لحقوق البصرة الفيحاء, ويريد أن يخدم بدوره مدينته أن فاز, صدق البصراويون تصريحه, وأنتخبه بعضهم حتى تمكن من الصعود الى البرلمان, وفي أول جلسة لتشكيل الكابينة الوزارية, حدث ما يلي:
أختار العبادي, بوصفه رئيساً للوزراء, وزيرين من محافظة البصرة, والطائي لم يكن منهم فأنسحب بوقتها, وبحسب المراقبين أن الأهم أن يكون لبصرتهم مدراء عامين, لأنه منصب أداري, والوزارة منصب سياسي لا فائدة منه, والوزير يعمل للعراق لا لمحافظة دون أخرى, أما المدير العام بإمكانه أن يعمل للبصرة.
الطائي وجد نفسه خارج السرب, في تلك الكابينة, حتى أنسحب من البرلمان, بحجة أن البصرة ظلمت وكذا وكذا..!!
تفاجئ الحاضرون, من تصرف الطائي, وعده آخرين “جهل سياسي” سيما وان حجته مفروغ من محتواها, لأن البصرة صار منها وزيرين, وكتلة المواطن, التي تعمل للبصرة بحسب ما قال الطائي, قد حصلت على وزارتي النقل والنفط وبإمكانها أن تعمل للبصرة كثيراً من المشاريع, لكن أنقلب السحر على الساحر! وبانت القضية واضحة, واللعبة التي كان بطلها الطائي, فشلت بامتياز, وأن أصر على ما في داخله, ستكون نهايته نهاية المالكي لا محالة.