يبدو أن السيد أردوغان تعوّد أسلوب الاستفزاز للآخرين ، وتعود لغة الضجيج التي يستخدمها ، وهي لغة أقل ما يقال عنها انها لغة الضعفاء ، فهو يعلم جيداً أن العراق ليس ذلك الجار الضعيف الذي يتحمل الضربات الواحدة تلو الأخرى ، فالخروقات والتصرف الأهوج الذي تقوم به حكومته والهجمات التي يقوم بها الجيش العثماني ما هو إلا محاولة لفرض قوته الكارتونية من خلال تدخله في العراق وسوريا وليبيا ، فهو يظهر بين الحين والآخر باختلاف الوجوه ، فبدل أن يهتم رئيس الوزراء التركي ، بمشاكل دولته ، وحملات الاغتيال التي شهدتها تركيا عبر عقود من الزمن ، وبدل أن يهتم بإصلاح الوضع الاقتصادي لتركيا ، واستخدام الإرهاب في قمع معارضيه ، يحاول تصدير مشاكله إلى الخارج عبر خرقه لحدود العراق ، ففي الوقت الذي يصّدر لنا السيد أردوغان الإرهابيين القادمين عبر مطاراته ومن مختلف بقاع الأرض إلى العراق .
يبدو أن تركيا دخلت مرحلة جديدة في تاريخها المعاصر وباتت على مفترق طرق خصوصاً بعد التدهور الأوضاع الداخلية وتراجع شعبية حزب العدالة وتبدد أحلام أردوغان في بناء الحكم الرئاسي والتفرد بحكم البلاد، وتعويض الخسارة في الموقف الإقليمي والدولي الرافض لسياسية أتاتورك التسلطية ، فإما حالة استقرار بمعادلات وديناميات جديدة وإما الدخول في مواجهة إقليمية محتملة مع القاهر الروسي الذي لديه النية في تأديب الأتراك وتعليمهم فن السياسية، وسيكون المحدد الأبرز للمشهد التركي هو مدى تحلي أردوغان بروح المسؤولية والحكمة في إدارة هذه المرحلة الجديدة، خصوصا في ظل إشارات أولية بتأثر الاقتصاد التركي بالنتائج المفاجئة، وتخوف المواطن التركي من عودة شبح الانسداد السياسي والأزمات الاقتصادية التي كانت تعاني منها تركيا طيلة الفترة الماضية ، والتي يحاول فيه أردوغان سد هذه المشاكل من خلال تلفيق التهم وإثارة المشاكل وتصديرها إلى الخارج ، وبدل ان تحل المشاكل مع حزب العمال على طاولة الحوار وفي تركيا ، يلجأ أردوغان إلى حل مشاكله عبر خرق الحدود العراقية والهجوم على القرى العراقية في الشمال ، وهو أسلوب لا يحترم فيه الأخير سيادة العراق شعبه ، إلى جانب أن هناك مواثيق دولية يجب على الأتراك التقيد بها في حسن الجوار وعدم انتهاك هذه الدول ، كما أن على العراق اللجوء إلى المجتمع الدولي لإدانة هذا الاعتداء ومنع تكراره ، والى جامعة الدول العربية والتي بالفعل إدانة هذا الانتهاك ووصفته بالعمل البربري لعصابة اردوغان ، كما ينبغي على العراق اللجوء إلى المواجهة والوقوف بوجه هذا الاعتداء على حرمة الأراضي العراقية ، وإيقاف أي تعاون اقتصادي بين العراق وتركيا ، والذي من شانه ان يكون رادعاً امام مثل هذه التصرفات الطائشة مستقبلاً .