23 ديسمبر، 2024 5:26 ص

مخطوطات صنعاء تثبت تحريف القرآن …

مخطوطات صنعاء تثبت تحريف القرآن …

مخطوطات صنعاء عبارة عن رقوق جلدية ومخطوطات ورقية عثر عليها اثناء ترميم جامع صنعاء الكبير يعود تاريخ اقدمها الى منتصف القرن الاول الهجري، وكانت تمثل بقايا مصاحف كتب الاقدم منها بالخط الحجازي والاحدث بالخط الكوفي.
المهم في هذا الاكتشاف هو العثور على بعض الرقوق الاكثر قدما وقد ظهر ان عملية مسح لنصوص قرانية قديمة قد جرت عليها وتم اعادة كتابة النصوص القرانية وبنفس نوع الخط (الحجازي) مما يدل على ان عملية المسح قد جرت بعد فترة قليلة نسبياً ولم تكن نتيجة التقادم الزمني، وبعد قراءة آثار النصوص الممحوة ظهر ان السور كانت مكتوبة بترتيب يختلف عن الترتيب الحالي حسب مصحف عثمان وقد مسحت وكتبت بالترتيب المتوافق مع مصحف عثمان والاخطر ان بعض الايات القديمة فيها اختلاف عن الايات الحالية لا يغير بالمعنى العام انما يتراوح بين اختلاف بحرف الى اختلاف بكلمة او اكثر، لكنه سجل على انه اختلاف، وهذا الاختلاف في نص الايات او ترتيب السور، اعطى دليلا لكل من يشكك بقدسية القران الكريم انه قد تعرض للتحريف وان الاية التي تضمن حفظ القران قد فقدت حجيتها فضلا عن كون القران بالمجمل قد فقد حجيته وقداسته لانه تعرض للتحريف (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ).
والرد على هذه الشبهة بسيط ويتلخص في نقاط:
اولا.. ان القران تناقل بين الصحابة والناس في عهد رسول الله حفظاً لا كتابةً ولم يكتب حينها كنسخة اصلية ومعتمدة الا في بيت رسول الله ص باملاءه على رقوق متفرقة لم توزع او تنسخ، اما ما كتبه بعض الصحابة فلم يكن سوى نسخ شخصية معتمدة على حفظهم فكان النقل عرضة للسهو والاختلاف فظهرت نتيجة لذلك القراءات المختلفة وكان الترتيب لدى الحفظة يعتمد على تسلسل التزيل تباعاً، ولعل اختلاف القراءات هو ما دفع عثمان الى توحيد المصحف نصاً وترتيباً بالاعتماد على جمع من الصحابة الحفظة والرقوق التي سلمتها لهم عائشة من بيت رسول الله ص، وكانوا اذا اختلفوا في قراءة يرجعون الى لغة قريش، هذا كان سنة ٢٤ او ٢٦ هجرية على روايات، وبالتالي تكون اي عملية كتابة لايات القران قبل ذلك هي اعتماداً على الحفظ الشخصي وكنسخ شخصية للصحابة تحتمل السهو واختلاف الترتيب الا نسخة علي بن أبي طالب ع التي جمعها بعد وفاة الرسول ص مباشرة معتمدا على الرقوق التي حفظها رسول الله ص في بيته وباملاءه وهذه النسخة لم يعتمدها الخلفاء الثلاثة ولم تنسخ وتوزع، ونسخ الصحابة تلك هي التي احرقها عثمان تلافيا للاختلاف مع ما جمع، لكنه لم يستطع ان يحرق كل ما كتبه الناس خصوصا في الامصار البعيدة مثل اليمن.
ثانيا.. عندما جمع عثمان المصحف ارسل نسخ الى الامصار الرئيسية وهي البصرة والكوفة والشام ومكة ونسخة بقيت للمدينة ونسخة شخصية احتفظ بها عثمان لنفسه، وبالتالي لم ترسل نسخة لليمن ولذلك فان ما كتب في اليمن من قرآن والذي كان معتمدا على حفظ من اخذ عن الصحابة الذين بعثهم رسول الله ص الى هناك لم تصحح او تتلف الا متاخرا عن باقي الامصار التي ارسلت لها النسخ المعتمدة، حسب عمر مخطوطات صنعاء الذي يرجع الى منتصف القرن الاول الهجري، لكن المهم ان فكرة التصحيح لم تكن بسبب تغيير في نصوص القرآن انما بسبب اعتماد ماكتب بداية على الحفظ واختلاف القراءات وترتيب السور حسب التنزيل حتى تم جمع نسخة رسمية معتمدة على ما املاه رسول الله ص من ايات على كُتّابه وحفظه في بيته وعلى مجموعة ممن بقي من الحفظة من الصحابة كان على راسهم أبي بن كعب، الذين اعتمدوا في ترتيب السور على معايير تختلف عن التسلسل الزمني للتنزيل.
ثالثا.. ان اختلاف القراءات امر معلوم ومعترف به لدى المسلمين ولا يمس في قدسية القرآن الكريم لان اسبابه معروفة وقد انتهت باعتماد مصحف عثمان، وبالتالي لم تاتي مخطوطات صنعاء بالجديد كما يضخمه اعداء الاسلام او المشككين ويصورنه على انه اكتشاف هائل يثبت تحريف القران، فهو لا يتجاوز اختلافا في القراءات او اعادة في ترتيب السور لا يمس في مضمونها، ولا يعني ان النص القديم الممحو هو الاصلي وان ما كتب فوقه هو نص محرف انما هي عملية تصحيح واعادة ترتيب لنصوص كتبت اعتمادا على الحفظ القلبي عبر اكثر من وسيط ومطابقتها مع النسخة الرسمية التي اعتمدها المسلمون بعد الاعتماد على ما املاه رسول الله بنفسه على كاتبيه واجماع الحفظة الذين اختارهم عثمان والذين كانوا على روايات اربعة عشر صحابياً.
ولعل البحث في روايات نقص القرآن واختلاف القراءات يحتاج الى توسع و عنوان خاص لا نحتاجه في المقام فقد كفانا ما ورد للرد على شبهة مخطوطات صنعاء… والحمد لله رب العالمين