الملف للانتباه في الاجتماعات الاخيرة لمجلس النواب، تلك الاجراءات الامنية الكبيرة التي جعلت من عبارة ” مخرج طوارئ” نموذجا للتهكم والنوادر الصحفية ، والمثير في ذلك ان الاجراءات الامنية المتشددة التي اتبعت من قبل قوة حماية مبنى قصر المؤتمرات ، هذا المكان الاثير المتبقي هو وفندق الرشيد من استعدادات النظام البائد لاستقبل قمة عدم الانحياز التي انتهت بفعل الحرب العراقية – الايرانية الى مجرد اثار تستخدم في فعاليات الدولة ومنها قمة بغداد 1990 .
السؤال الاهم لماذا كل هذا الهراء الامني عن تهديدات تنظيم القاعدة لمبنى مجلس النواب ؟؟
هناك من يعتقد بان الامر مجرد زوبعة في فنجان المطالبات الشعبية بإلغاء رواتب تقاعد اعضاء البرلمان بأرقامها الفلكية ، فيما يجد اخرون ان هذه الاخبار والتسريبات الاعلامية مجرد نوع من اثار تعاطف الشعب من اعضاء البرلمان المهددين من قبل القاعدة حالهم حال من قتل او جرح في التفجيرات المتوالية لجرائم هذا التنظيم الارهابي ، لعل وعسى يبرئ الشعب ذمة البرلمانيين وهم على اعتاب انتخابات تشريعية مقبلة .
واعتقاد ثالث بان لعبة الاوتار الخشنة ، التي تتقاذفها الخلافات السياسية ارادت قذف البرلمان بآثام فضائح عدم قدرة الحكومة على ادارة الملف الامني مما يجعلها غير قادرة على الرد المناسب والصحيح امام البرلمان، فلم يكن امامها غير تنويع التهديدات لتشمل المنطقة الخضراء، بما تجعل من تصريحات رئيس الحكومة نوري المالكي وقادته الامنيين، بان ثمة حربا مفتوحة مع الارهاب لها دلالاتها، ومنها هذا الذعر منقطع النظير ما بين اعضاء الكتل البرلمانية وهم يتتبعون لافتات ” مخرج طوارئ” .
كل ذلك لا يعفي النواب بمختلف كتلهم ، وكذلك الحكومة من استحقاقات الاخفافات المتلاحقة في الملف الامني ، الذي اضحت علامة فارقة في التحالفات السياسية المستعجلة لانتخابات عام 2014 ، لعل وعسى ان يبقى هذا التحالف في قيادته للعملية السياسية كما هو حال التحالف الوطني المتهالك ، واتئلاف العراقية المنصهر داخليا في خلافات تبدو اقرب ما تكون الى انعدام الوزن السياسي ، كذلك حال التحالف الكردستاني المختلف ما بين حركة التغيير “كوران” وبين الحزبين الكرديين الكبيرين ، بزعامة جلال طالباني ، الرجل المريض ، ومسعود برزاني الساعي للقفز على الاتفاقية الاستراتيجية مع حليفه الكبير لتقسام السلطة ، بانتظار نتائج انتخابات برلمان كردستان المقبلة .
والفارق الاساسي في كل هذه المتناقضات ان التحالفات تمضي وهي تحث الخطى للامساك بزمام السلطة من على مقاعد البرلمان الجديد في بغداد ، ومن بعدها يأتي المخاض الكبير لفي تشكيل الحكومة ، ما بين توافقات سياسية لأنماط الديمقراطية التوافقية، او تلك التي يدعو لها تحالف المالكي ، بان تكون حكومة اغلبية سياسية ، فهل سيوافق عليها هذا التحالف ان لم تكن بقيادته ؟؟
سؤال تبدو الاجابة عليه ، سهلة جدا بمدخلات التحرك السياسي والقانوني الذي يجري على ارض المشهد العراقي في تحريك دعوة قضائية لنقض قانون تحديد ولاية الرئاسات الثلاث بولايتين فقط ، ونمط المباحثات التي تجري بين وفود المالكي بالاتجاهات الاربعة ، لتوصيف حكمه بانه سفينة نوح للعراق الجديد، فمن ركب فيها فهو امن، في قوت تحاول الاحزاب الكردية العمل على تأسيس برلمان ثلاثي المكونات ، يمكن ان ينتهي عمليا الى تقسيم العراق الى 3 فيدراليات ، كردية – موجودة- وشيعية وسنية مفترضة ، يتم من خلال اعادة تكوين النظام السياسي من فيدرالي الى كونفدرالي ، يعلن عن تأسيس الجمهورية الكردية، الحلم الاقرب للبرزاني مع امواج اللاجئين الكرد من سورية .
هذا النمط من التأسيس للمستقبل القريب ، له مناصرون كثر ومعارضون اقل ،لكن الخلافات تظهر في نوع الفدراليات الشيعية والسنية، ما بين راي المجلس الاعلى بفيدرالية شيعية من جنوب بغداد حتى الفاو ، وبين من يؤسس لفيدراليات محافظات متحدة واخرون يريدون كل محافظة فيدرالية بحد ذاتها ، وهو ما ينعكس ايضا على المشهد السني ، ما سيظهر من نتائج في صناديق الاقتراع ، هي التي ستنهي هذه اللعبة البرلمانية ما بين مشروع طائفي بات العراقي اقرب الى الاقرار به وسط تفجيرات القاعدة وشكاوى رد الفعل الحكومي عليها لمواجهة حواضنها السنية ، واغلاق منافذ ابي غريب وعلميات ثار الشهداء اقرب نماذج لها ، فانتهى الامر الذي فيه يستفتى العراقي امام صناديق الاقتراع من تراكم صناعة هذا المستقبل وهو صناعة ((اسرائيلية – اسلاموية)) على حد سواء .
اما كيف ؟؟ جواب ذلك تحديد مصلحة(( الجهة المستفيدة )) كل هذا الدمار الحاصل في المشهد العراقي ويلحقه ما تخلف عن نتائج الربيع العربي .