19 ديسمبر، 2024 12:44 ص

مخرجات للتعليم لسد الحاجات التنموية

مخرجات للتعليم لسد الحاجات التنموية

مرة اخرى نعود الى الحديث عن القبول في الجامعات الوطنية وضرورة ان يستوعب اعداد خريجي الدراسة الاعدادية الذين يزداد عددهم من عام الى عام, ولكن نريد قبولاً ليس بأي ثمن ولا انه مجرد استيعاب للطلبة من دون ان تتوفر الى غالبية منتجات الكليات فرص عمل.

لقد ناقشت وزارة التعليم العالي هذه المسألة المعقدة وخلص المجتمعون الى “اهمية مراعاة احتياجات سوق العمل واعادة قراءة بعض الاختصاصات في ضوء التطورات العلمية الحاصلة” لا شك ان هذا الاستنتاج الذي توصلت اليه وزارة التعليم العالي جاء متأخراً بعدما اغرقت سوق العمل بمخرجات لا يمكن استيعابها وتفوق حاجات التنمية لعقود وليس لأعوام.. على اية حال افضل مما تبقى الأمور على وضعها ولا يأتي التشخيص اطلاقاً, ومع ذلك نقول انه لا يكفي لا بد من ان تعمل الوزارة على تطبيق استنتاجها وتسرع في انجازه برغم ضيق الوقت, فلم يتبق على فتح باب القبول سوى ثلاثة اشهر وربما اقل. وتشخص الوزارة ان قنوات قبول بحاجة الى “تحديث بما ينسجم والمتغيرات التي قد تطرأ”.

ان الأساليب والأشكال والأنواع ينبغي ان تتطابق مع الاستراتيجية التي ستضعها الوزارة, والأهم من ذلك ان تكون معلومة لطلبتنا وذويهم كي يعرفوا الى اين يتوجهوا, ويختاروا سبيلهم الى الحياة بآفاقها الرحبة.

مثل هذا التوجه اذا ما وضع موضع التطبيق لا يقتصر على وزارة التعليم العالي, وانما تسهم فيه كل الجهات المسؤولة في الحكومة, بل ان القطاع الخاص الذي يتوسع في عمله واستثماره بالتعليم, هو الآخر مدعو الى الاسهام وانجاح هكذا خطط بتكامله مع التعليم الحكومي.. على كل منافذ التعليم ان تسهم بدورها في ربط التعليم بالحاجات الاساسية للمجتمع والاقتصاد الوطني.

للأسف الان سياسة القبول هي عبارة عن مجرد ان يحصل اغلب الطلبة على كلية من خلال التعليم المجاني او المدفوع الثمن بغض النظر عن امكانية ان تولد الشهادة فرصة عمل حقيقية بالاختصاص الذي تمت دراسته. انها عملية عد سنوات الدراسة والحصول على البكالوريوس الذي اصبح لدى اغلب الخريجين وجاهة اجتماعية, وان يحسب على فئة اجتماعية معينة وليس من باب العمل, وانما على اساس انه تعلم وحصل على ما يؤهله لدخول هذا “النادي” ان صح التعبير.

نقول ان الجميع مسؤول عن الاسهام في هذه الستراتيجية من خلال التخطيط والمعرفة بالاعداد التي يحتاجها والممكن استقبالها في خططه التطويرية والتوسعية لنشاطه على مختلف الصعد.

اليوم, منتجات كليات محدودة تضمن فرص عمل بعد التخرج.. واكثر من ذلك بعض الفروع الانسانية غير المحدثة لن يجد خريجوها الحاليين مجالاً لاستيعابهم حتى بعد عقد او اكثر, اذا اغلقت هذه الكليات ابوابها من الآن.

لذلك نلحظ ان بعض الخريجين اتجه نحو الدراسات العليا لعله يحظى بفرصة عمل, والعودة الى الاحصاءات نلاحظ ايضاً برغم التوسع في القبول الا ان اعداداً غفيرة لا تجد لها مقاعد دراسية.

ان الحل يكمن في مواكبة التطورات العلمية والتخصصات الجديدة فيها, الى جانب نمو الاقتصاد الوطني وتمكين القطاع الخاص من اداء دوره, واحياء التقديم الى الدراسات في المعاهد لاعداد عمالة ذات مواصفات فنية يمكن ان تقيم مشاريعها الخاصة.

مع تغيير الستراتيجية في القبول ومراعاة احتياجات سوق العمل, لا بد من حملة توعوية واسعة بين الطلبة والناس لتغيير نمط التفكير والنظرة الى المهن والتركيز على المنتج التعليمي ذي المردود الموفر للعمل.

هناك ضرورة لمغادرة الثقافة السائدة في المجتمع عن منتجات الجامعات والمعاهد بما يحقق اقصى منفعة للمتعلم