تشهد الساحة السياسة العراقية تشابك في المواقف, وتقاطع في الرؤى والتوجهات, وتداخل في الصلاحيات وتقاذف في الاتهامات وتصارع على الغنائم والمكتسبات, وما أن يهدأ الوضع قليلاً حتى تعصف به عاصفة جديدة وتعود الأمور إلى نقطة الصراع الأولى, والسياسيون كلهم ينادون بمصلحة العراق وما أن يتعرض العراق إلى اعتداء على سيادته من هذه الدولة أو تلك ينكشف الوجه الحقيقي لهذه الشخصيات أو الجهات المتباكية على العراق, بالأمس القريب فوجئ الجميع بالزيارة السرية لوزير الخارجية التركي احمد داود أوغلو إلى مدينة كركوك, هذه الزيارة التي أثارت جدلاً سياسياً كبيراً بين الفرقاء السياسيين المتخاصمين أصلاً والذين لم ولن يتفقوا ماداموا على هذا المستوى السطحي من التفكير السياسي الذي لا يعير أهمية لمصلحة العراق ومشاعر شعبه, أنقسم الوسط السياسي العراقي إلى آراء ومواقف متباينة ومتقاطعة وحسب القناعات الشخصية لتلك الكتل والشخصيات وليس القناعات الوطنية, لأنه لا خلاف على كل القناعات الوطنية التي تُغلب مصلحة العراق على المصالح الضيقة الفئوية والشخصية’ الذي يثير الاستغراب موقف القوى التي ترى بأن الزيارة هي زيارة طبيعية ولا تستحق كل هذا الاستنكار ولا أعلم ماهي المقاسات السياسية والدبلوماسية التي يقيس عليها هؤلاء السياسيون في توصيفهم للزيارة الرسمية وغير الرسمية, والبعض الآخر يتهم الحكومة أنها كانت على علم بهذه الزيارة كون التأشيرة مرت من الأبواب الرسمية للسفارة العراقية في تركيا, وإذا صدقت هذه الرواية فأن الحكومة العراقية مقصرة في هذا الجانب وليس من حقها أن تقول إن الزيارة بدون علمها باعتبار إن السفارة العراقية تمثل مؤسسة سياسية رسمية تابعة لوزارة الخارجية, وهناك من يقول إن الزيارة طبيعية كون الحكومة تتعامل بازدواجية في التعاطي مع زيارات سرية مماثلة لشخصيات تابعة لدول أخرى لم تسمها, وهنا بيت القصيد فإذا كانت هناك زيارات سرية فهي مرفوضة ومستهجنة من أي جهة كانت ومهما كانت تلك الشخصية, أما الجهات صاحبة هذا القول فهي مقصرة وتشترك مع الحكومة في الصمت عن تلك الزيارات أذا ثبت ذلك وعليها أن تكون شجاعة في تسمية الشخصيات والدول بأسمائها مادامت القضية تمس السيادة العراقية ومن واجبها الوطني أن تكون بمستوى المسؤولية الوطنية في كشف كل الأوراق , أما رمي التهم هكذا وبدون دليل لا يليق بتلك الجهات التي تملك مقاعد برلمانية ولها جماهيرها وهي ممثلة للشعب فلماذا هذا السكوت عن هذه التجاوزات التي يتحدثون عنها ألان, أليس من واجبهم حماية العراق والدفاع عن مصالحه, أما التعاطي مع القضية من منظار طائفي فلا يخدم العراق وإنما يوسع الفجوة بين المكونات السياسية, أما الأخوة الأكراد الذين دعموا ونسقوا ودافعوا عن هذه الزيارة بغضاً بالحكومة الاتحادية وهذا واضح للقاصي والداني فأنهم الخاسر الأكبر في هذه الزيارة لأعتبارت سياسية هم أكثر دراية بها لما تمثله كركوك لهم فهل يقبلون أن تزاحمهم تركيا على كركوك؟؟ يا سادتي الكرام كنا نأمل أن تكون زيارة اوغلو (الغير رسمية) فرصة لتلاحم الكتل السياسية, لكنهم للأسف الشديد لم يكونوا بمستوى الطموح والمسؤولية, فإذا كانت سيادة العراق واستقلاله لا توحدكم وهذه كارثة كبيرة وطامة كبرى فبماذا ستتوحدون؟؟؟؟؟ يبدو إن الكتل السياسية تتوحد فقط في إقرار الامتيازات والمكاسب الشخصية أما العراق فليس له إلا الله والشعب.