في حوار حيوي وساخن ومثير للإنتباه ، أجرته قناة العراقية الفضائية ، قبل يومين، مع الدكتور هاشم حسن عميد كلية الإعلام في جامعة بغداد ، واللواء الدكتور سعد معن مدير العلاقات والإعلام في وزارة الداخلية والناطق بإسم الوزارة وقيادة عمليات بغداد ، والدكتور هاتف الركابي المستشار القانوني في مجلس النواب ، وكان موضوع الندوة الحوارية هو : (الإشاعات والتسقيط في مواقع التواصل الاجتماعي) .
والحوار بحد ذاته ، من وجهة نظري، كباحث اعلامي ، يشكل أحدى الموضوعات المهمة ، التي تشغل بال المهتمين بالشأن السياسي والإعلامي والأمني والاجتماعي والنفسي والقانوني ، أزاء مظاهر سلبية إنتشرت مؤخرا في مجتمعنا، من خلال قيام جهات وأفراد عبر منصات التواصل الإجتماعي، التي تحولت من محطات التقاء وتعارف الى محطات لنشر الإفتراءات والكراهية والتسقيط السياسي في العراق والمنطقة بشكل عام ، والبحث عن كيفية ضبط إيقاع تلك المنصات والضوابط القانونية الرادعة ، وسبل مواجهة الإشاعات وعمليات الفبركة والتلفيق لإيقاف تداعيات تلك المنصات ، وسبل ايقاف حملاتها الدعائية وترويجاتها وفبركاتها وتأثيرات تداعياتها على أوساط المجتمع والدولة عموما.
وقد أكد الدكتور هاشم حسن عميد كلية الإعلام في بداية الحوار على أن هناك مئات من قضايا القذف والتشهير ، ليس فقط في محطات التواصل الاجتماعي ، بل حتى في صحف ومواقع إعلامية ، دون ان تنفذ بحقها اجراءات قانونية ، مشيرا الى ان هناك مظلة أخلاقية تعطي الحق لشطب إسم أي صحفي أو يدعي أنه صحفي يمارس عملية التلفيق والتشهير وممارسة عمليات الابتزاز والتسقيط ضد شخصيات سياسية وفي قيادات الدولة، وينبغي وضع هؤلاء تحت القائمة السوداء ، داعيا وزارة الداخلية الى فتح ملفات قضائية عن هؤلاء وتقديمهم الى القضاء .
من جهته أشار اللواء الدكتور سعد معن بإعتباره مسؤولا عن القطاع الأمني وعلاقته بالإعلام الى أن هناك جهتين قطاعيتين مسؤولتين عن هكذا أنشطة ، وهما نقابة الصحفيين والقضاء ، إذ ان الاولى هي من تتابع ما ينشر من أعضائها والمنضوين تحت لوائها ، ومن ثم ترفع الى القضاء الذي يقوم بمهمة المتابعة ، ثم يأتي عمل وزارة الداخلية في مرحلة لاحقة ، إذ ان من مهام وزارة الداخلية تطبيق الأمن والحفاظ على النظام العام ، أما متابعة قضايا من هذا النوع فيتم بعد أن يأتيها الإشعار من القضاء ، بأن تقوم بتنفيذ ما يطلب منها من القاء القبض على المطلوبين والمتهمين وتقديمهم الى القضاء ، لافتا الى أن هناك جهات أخرى ، مهتمة بمتابعة حالات من هذا النوع وبخاصة وكالة الاستخبارات والأدلة الجنائية التي لديهما متابعات من هذا النوع، وهي من تقوم برصد كل تلك الأنشطة ضمن مجال عملها ، ورفعه الى الجهات المختصة، والقضية ايضا مرتبطة بالحق العام والحق الشخصي، إذ ان بعض من يتعرضون لعمليات الإبتزاز الالكتروني لايبلغون عن تلك الحالات، ولا يقدمون شكوى الى القضاء وبالتالي يتعذر محاسبتهم، أما الحديث عن الجماعات الارهابية فهذا أمر مختلف وهو من صميم عمل وزارة الداخلية ، وهي تتابع مثل تلك الانشطة وتقدم المطلوبين الى القضاء، من قبل تكنولوجيا المعلومات ، وهي مسؤولة عن قضية الحوكمة الالكترونية، ولدينا قسم مكافجة الجريمة الالكترونية في وكالة الإستخبارات، وهي متخصصة بهكذا أنشطة وفيها ضباط أكفاء يتابعون المواقع الارهابية ولديهم تجارب عمل كثيرة في هذا الميدان، ولدينا شعبة للجريمة الالكترونية وهي شعبة فنية تخصصية في مديرية الأدلة الجنائية وضمن الوزارة تابعة لوكالة الشرطة، اضافة الى شعب أخرى تتابع انشطة تقترب من هذا النوع ، لكن هذه هي المعالم الرئيسة لمتابعات تتعلق بأنشطة الجريمة الالكترونية وقضايا جرائم التواصل الالكتروني، وتقوم الشعبة الفنية في الادلة الجنائية بعملية التحليل لعمليات الفبركة والتلفيق وتحديد المواقع والكاميرات ، وهناك اجراءات أمنية سريعة وهناك اجراءات قضائية تتابع مثل هكذا أنشطة، ولدينا تنسيق حتى مع وزارة الإتصالات لهذا الغرض، وقد تناولنا هذا الموضوع قبل أيام في اجتماع مجلس الأمن الوطني وتم متابعة تلك الأنشطة.
من جانبه أشار المستشار القانوني في مجلس النواب الدكتور هاتف الركابي الى قصور التشريعات المتعلقة بجرائم من هذا النوع، لافتا الى انه لم تصلهم مشاريع قوانين ناضجة من الحكومة يمكن ان تعالج بطريقة شاملة موضوعات كهذه، ولم تحدد البدائل، والعراق لم يصادق حتى الان على اتفاقات دولية وعربية للجريمة الالكترونية، وقدمت الحكومة ثلاثة مشاريع قوانين عن الجرائم الالكترونية والاتصالات لكنها متداخلة ، وحتى قضايا الاتجار بالبشر لهذا نحتاج الى تشريعات متكاملة لمتابعة هكذا أنشطة، مشيرا الى انه سيتابع هذا الموضوع داخل اروقة البرلمان ومع الجهات المختصة لإصدار تشريع من هذا النوع.
ثم تطرق الدكتور هاشم حسن الى أن الإدلة الجنائية قامت بتوثيق عمليات من هذا النوع وأثبتت أن الجهة الفلانية قامت بعمل متعمد للتشهير باستخدام الفوتوشوب لتسقيط شخصيات معينة ، لكن بعض القوانين فيها تطبيقات مختلفة، ولننظر الى قانون حماية الصحفيين فيه مواد جيدة، تحمي الصحفيين لكن هل الصحفي فوق القانون عندما يرتكب جريمة ويمارس عمليات خارج اخلاقيات المهنة الصحفية، وعندما تصدر عمليات القبض ، يتم تسويف الموضوع ، كما يقول ، والضحايا من الصحفيين ، وأنا أولهم ، كما يشير الدكتور هاشم حسن ، لافتا الى أن هناك من يعمل ويسرح كما يقول الدكتور هاشم حسن فوق القانون ، وقد إمتلك ما أسماه بحصانة برغم كل الخروقات، مشيرا الى انه كسب شخصيا عدة قضايا تتعلق بالنشر ، وعندما تصل الى التطبيق يجري تقسيطها عشرة الاف دينار كل شهر،متسائلا : هل هذه عقوبة رادعة لإيقاف محاولات من هذا النوع؟؟
وعن عدد المواقع التي تم رصدها من تلك التي تمارس أنشطة محظورة وتختص بالجريمة الالكترونية وعمليات التسقيط والفبركة قال اللواء الدكتور سعد معن أن هناك عملا كبيرا من خلال وزارة الاتصالات تقوم بعمليات رصد ومراقبة ومتابعة مكثفة لانشطة مختلفة ، حيث نستطيع التعرف على من يقوم بتلفيق الصور المفبركة وعمليات الفوتو شوب ، عندها تسهل متابعة انشطة كهذه، وهناك عمل كبير في الامن الوطني وخطوط ساخنة في وزارة الداخلية وهناك تنسيق عال المستوى بمتابعات من هذا النوع بالتعاون مع وزارة الاتصالات، وهناك جهود كبيرة تبذل في هذا المجال لكننا بحاجة ماسة لتشريع قوانين تنظم العمل ، إذ ما زلنا نتعامل مع قضايا الابتزاز بقانون شرع منذ خمسين عاما، والمادة 430 و431 و432 ، كما ان وزارة الداخلية مستمرة بحملة توعوية ضد عمليات الابتزاز الالكتروني، داعيا مجلس النواب لتشريع قانون يعالج تلك الانشطة.
كما تحدث نقيب الصحفيين العراقيين الأستاذ مؤيد اللامي ضمن مداخلته عن هذا الموضوع ليؤكد أنه كانت هناك فوضى في مواقع التواصل الاجتماعي ، ونحن بدأنا بمتابعة المواقع الاكترونية من خلال تقديم طلبات للموافقة عليها ومعرفة الجهات التي تنظم عملها ، وهناك لجنة تكشف عن هذا الموقع وعدد العاملين فيه ، ووضعنا عقوبات انضباطية لأي موقع يخالف هذه المعايير ، لكن هناك مشكلة المواقع الوهمية لصحفيين او أناس آخرين ، ولا ننسى أننا في بلد ديمقراطي يؤمن بحرية التعبير، شرط أن لاتخرج تلك الحرية عن أخلاقيات المجتمع وتتعارض مع قوانينه، ولدينا في نقابة الصحفيين متابعات وضوابط عمل للصحف والمجلات التي تصدر وعندما تصلنا أية ملاحظة تظهر فيها مخالفة لقانون حماية الصحفيين او للتشريعات النافذة فإننا نسائل الجهة التي تخرج عن تلك الحدود ونحيلها الى القضاء العراقي، وقد أحلنا ملفات كثيرة قبل فترة الى القضاء، ولن نسمح في النقابة وللمنضوين تحت لوائها أن يساء لأي مواطن بسيط وليس لمسؤول بدون وجه حق ، وللمواطن وللمسؤول حق الرد عن أية محاولة للإساءة اليه من أية جهة.
ثم تحدث الدكتور هاشم حسن مجددا عن الإجراءات القانونية المعقدة والشائكة كي يتمكن المواطن او المسؤول من ضمان حقوقه عندما يتعرض للابتزاز ، وتحديد من يعمل بالصحافة وليس أي انسان بمقدوره أن يعمل صحفيا مثلما ليس بمقدور أي إنسان آخر أن يعمل طبيبا او مهندسا، وهنا يتطلب العمل وضع معايير لممارسة مهنة الصحافة والمهن الأخرىن وحرية التعبير لاتعفي هكذا انشطة من المساءلة.
وعقب اللواء الدكتور سعد معن في نهاية مداخلته على الاجراءات السريعة المطلوبة من وزارة الداخلية ، مشيرا الى أن المشكلة هي أن اغلب من يتعرضون للابتزاز لايقدمون شكاوهم، للمطالبة بالحق الشخصي، وهناك جهات مكافحة إجرام في كل منطقة يمكن الابلاغ عنها وهناك هاتف مخصص لهذا الغرض للابلاغ عن هكذا حالات ، ونحن مستعدون لمعالجة شكاوى من هذا النوع واتخاذ الاجراءات المناسبة بمن يسيء للآخرين، ولكن من خلال القضاء العراقي.