20 مايو، 2024 2:41 ص
Search
Close this search box.

مختار مدينة في خمسينات القرن الماضي .. 

Facebook
Twitter
LinkedIn

قد يبدو العنوان ( عادي جدا ) ، ولا يستحق أن يأخذ هذا الضوء ، ولكن عندما يُقرأ مضمونه يعطي صورة دقيقة عن وضع العراق ، والمقارنة بين حالتين ، أو مفهومين .. المواطنة والمحاصصة … فالمواطنة حالة أصيلة وفضاء أرحب ، يسع الجميع ، وتأخذ قيمتها من المنسوب اليه ، وهو الوطن الواحد .. بينما المحاصصة غريبة لأنها تضيّق حدود الانتماء اذا حصرته برافد واحد ، أو من حيث معناها المباشر..
لقد أكدت التجربة ، أنه ليس بإمكان العراقيين ( التأقلم ) مع المحاصصة ، لانها غريبة وطارئة عليهم ، وهم يرفضونها ، لانها كانت ، ولا تزال وراء الكثير من المشاكل والازمات التي تعاني منها بلادهم . ولكن مما يدعو الى العجب ، أن السياسيين يلعنون المحاصصة ، صباح مساء ، لكنهم لا يغادرونها .. وفيما ينتقد البعض تمسك الاخر بها ، يطالب هونفسه باستحقاقه بموجبها بحجة المكون أو ما شابه من التسميات التي تنتهي عندها ..فأين الحقيقة ..؟! واذا كان السياسيون والحكام يتغيرون لأي سبب من الاسباب ، فان الشعب ثابت ، وهو ركن السيادة الاساس وبدونه لا قيمة للارض ولا الدولة ولا العلم … فهذا الشعب لم يعرف عبر تاريخه الطويل المحاصصة التي تقسمه على اساس المكونات .. ويرى أن الانتماء للخيمة الاكبر ، لا يلغي الانتماء للدين ، أو المذهب ، أو القومية ، شرط عدم الانغلاق والتعصب ، والغاء الاخر . فعلى سبيل المثال تُعد ( ناحية كميت ) بمحافظة ميسان بمقاييس
المحاصصة المقيتة اليوم ( شيعية ) ، لأن سكانها جميعا من هذه الطائفة عدا مواطن واحد ( سني ) هو سيد ابراهيم رحمه الله ، لكنهم جميعا – برغبة منهم وجدارة منه – إختاروه أن يكون ( مختارا ) للناحية في الخمسينات أو الستينات ، كما اعتقد ، ولم يفكروا بطائفته ، وانما بمواطنته ، وهل هو جدير بتمثيل الناحية ، واعطاء صورة دقيقة ومشرفة عنها أم لا .. واستمر مختارا بدون منافس الى أن توفاه الله ، وجاء بعده المرحوم مجدي السلمان ، وهو احد شيوح الناحية المحترمين .. وبالتأكيد لم تكن ( كميت ) وحدها لا تعرف الطائفية ، بل كل العراقيين وقد إخترتها للاستدلال فقط ، وكمثال حي عن مفهوم المواطنة يومذاك ، وظل ماثلا في ذهني عن طبيعة النسيج الاجتماعي العراقي المتماسك ، لاني عشت هذه الحالة واتذكرها جيدا ، ويحضر أمامي عندما تتصاعد الدعوات بحق المكونات ، وينسى البعض حق الوطن الكبير الذي يحتضن كل تلك التفرعات …وتلك من الثوابت الوطنية .. وقد تدخل كميت ( بموسوعة غينيس ) للارقام القياسية بمقياس المحاصصة الاستثنائية .. لكنها بمقياس الوطنية حالة طبيعية جدا… فاين ( المحاصصيون ) اليوم من هذه الصورة المشرقة للعراقي الجميل الأصيل ….. ؟!..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب