23 ديسمبر، 2024 7:40 ص

مخاوف كركوكية من الاستفتاء

مخاوف كركوكية من الاستفتاء

شغل الحديث عن الاستفتاء في اقليم كردستان والعراق هذه الايام مساحة واسعة من وسائل الاعلام الكردية والعراقية وانقسم الشارع الكردي الى قسمين، وتعاطى كلا الطرفين معها بطريقته فمنهم من يقول (نعم) ومنهم من يقول (لا) وبشكل غير متأني مع هذه القضية القومية الحساسة بحيث بات من الصعب على المواطن العادي اتخاذ القرار بخصوصها. السبب ان الطرفين زجا بالاقليم في مفترق طرق ضيق محفوف بالاتهامات للطرفين.
لا اخفي عليكم اني هنا اتحدث في هذا الامر بالكثير من التحفظ والحذر لانه في الحقيقة ومع كل الملاحظات والايضاحات فيما يخص شرعية المسألة من عدمها اومسألة كيفية اتخاذ القرار؟ ومن أتخذ القرار؟ وكيفية تنفيذه؟ ومتى ينفذ؟ ومن يقف معه؟ او يقف ضده؟.
لدي مواقف مختلفة ومخاوف مختلفة، كون المتحدث هو من مواطني المناطق الكردستانية المستقطعة لذا فاني اعتقد ان العراق ما بعد داعش لن يكون عراق ما قبل داعش.
في عام 2005 وفي الوقت الذي جرى فيه الاستفتاء على الدستور وقفت ضده وكرست صحيفة هوال(صحيفة اسبوعية تصدر باللغة الكردية ووالتي امتلكها) لايضاح مخاطر هذا الدستور فيما يتعلق بتضييع هذه الفرصة التأريخية المتمثلة بسقوط النظام البعثي وانهيار الدولة من اجل استعادة المناطق الكردستانية المستقطعة والتي منذ تأسيس الدولة لم نشهد غدرا وظلما كان أشد من ذلك ، لم اصوت لصالح الدستور شخصيا لاني كنت اعتقد ومازلت ان المادة 140 لن تستطيع حل مشكلة هذه المناطق فحسب بل انها ستزيدها تعقيدا، وهذا ما عرض حياتنا الى الخطر، لان الاحزاب كانت ترى اننا نقف ضد احد مشاريع الكرد الستراتيجية.
الان حل واقع جديد وفرصة مناسبة تمكننا اذا لم نستطيع ضمها الى اقليم كردستان فعلى الاقل ان تكون محايدة بين سلطتي الاقليم والاتحادية.
لا اريد هنا ان اتحدث بعاطفية او تحت تأثير الطرفين ب (نعم) او (لا). او من وجهت النظر الحزبية، بل اريد التحدث عن بعض الاسس فان هناك الان قرار باقامة استفتاء في الاقليم في الخامس والعشرين من ايلول المقبل ولم يجر بعد حسم ما اذا كان الاستفتاء سيشمل المناطق الكردستانية المستقطعة ام لا.
اذا كان الاستفتاء بالنسبة لاقليم كردستان مهما فان اهميته في المناطق المستقطعة او ما تسمى بالمتنازع عليها ليست اقل ، واذا كان سيشكل خطرا على الاقليم فان له مخاطر اكبر بكثير على هذه المناطق.
لذا فان من الضروري ان يكون القرار واضحا ومعلنا بشمول هذه المناطق بالاستفتاء اذا ما تم اجراؤه وعليه فان احد شروط الاتحاد الوطني الكردستاني لدعم الاستفتاء هو شمول هذه المناطق به لان اجراء الاستفتاء في الاقليم مع استبعاد هذه المناطق منه يعني الاقرار بالتخلي عن هذه المناطق الى الابد.
في حالة اشراك هذه المناطق فانه يجب ضمان نجاح الاستفتاء فيها وهذا ما لا يمكن ضمانه في الظروف الحالية بسهولة، لان اية تحضيرات لم تعتمد من اجله، ولذا فان الامر بهذا الشكل سيغلب عليه احتمال الفشل اذ ما اخذنا بنظر الاعتبار ان كركوك تعتبر كعاصمة لهذه المناطق فان هناك حقائق يجب ايضاحها منها:
1- من يصوت؟ هل هم الكرد وحدهم ام كل المكونات الموجودة في هذه المناطق؟.
2- اذ لم يشارك العرب والتركمان والمسيحيون في الاستفتاء فما الذي فعلناه وما هي نتائجه؟
بحسب احصاءات وزارة التجارة فان نسبة الكرد في كركوك تبلغ 52% اي ان بقية المكونات تشكل 48% واذا ما قاطعت المكونات الاخرى الاستفتاء وقاطعه 3% من الكرد او وقفوا ضده فان العملية ستفشل.
3- كيف يمكننا اقناع المكونات الاخرى بالمشاركة ولم يحصل لحد الان اي حوار؟
لا يملك الكرد مشروعا الى المكونات الاخرى في الوقت الحالي والذي لم يتبق وقت طويل امام الموعد المحدد للاستفتاء. هذا ما يخص كركوك.
اما في طوز خورماتو فان نسبة الكرد تراجعت الى 30% كما اخليت جلولاء والسعدية من الكرد، ولا تتحدثوا عن سنجار لان الوضع فيها كارثي.
ان الخطر الكبير هنا هو في خسارة هذه المناطق في حال الفشل في نتائج الاستفتاء، ولذا فاني اعتقد ان الوضع في هذه المناطق مختلف عن مناطق الاقليم ويجب التعامل معه بحكمة وروية.
على مدى سبعون عاما من تأريخ الحركة التحررية الكوردية برز ثلاث قادة كبار، وصار في غياب مام جلال مهمة السيدين مسعود بارزاني ونوشيروان مصطفى اثقل. وبعد رحيل نوشيروان مصطفى اصبحت مهمة البارزاني اصعب بكثير، لذا فانه على البارزاني في ظروف حساسة وخطيرة مثل ظروف اليوم ان يتعامل بمسوؤلية مع الامر وان يوحد كامل البيت الكردي لان هذه القضية التي اضطلع بها قضية ليست بالهينة، وبعكس ذلك فان المثل الكردي القائل ” رفع حجر كبير دليل على عدم النية في رميه” سينطبق عليه وان على بارزاني ان يدرك انه في حال الفشل فانه سيتحمل اعباء مسوؤلية تأريخية، وان على القوى والاحزاب السياسية الكردية التي تقف في جبهة الضد من الاستفتاء والتي تعتقد ان الاستفتاء لصالح بارزاني ان تدرك ان فشل الاستفتاء سوف لن يكون فشلا لبارزاني بل خسارة للامة الكردية ككل.
لذا اجد من الضروري التنويه الى ان الاستفتاء اذا ما جرى فانه يجب ان يشمل كركوك وبقية المناطق المستقطعة وان تجري ضمانة نجاحه فيها في الوقت نفسه، لان هذه الفرصة لحل مشكلة هذه المناطق مع بغداد قائمة الان وليس من السهولة ان تعود مرة اخرى, والا فاننا كما يقول المثل سـوف “نضيع المشيتين”.