19 ديسمبر، 2024 12:46 ص

مخاطر وتأثيرات الإشاعات والاخبار المسربة خلال فترة انتخابات عام 2018

مخاطر وتأثيرات الإشاعات والاخبار المسربة خلال فترة انتخابات عام 2018

تعد الفترة التي سبقت إجراء الإنتخابات البرلمانية الحالية لعام 2018 ، والفترات التي تزامنت مع إجرائها ، وما تلاها، المثال المفضل والقريب الى الاذهان والساحة الرحبة ، لمن يريد أن يخوض غمار تجارب تلك (الفترة الذهبية) من حملات الحرب النفسية والاشاعات التي رافقتها، وما تم استخدامه من أساليب من مختلف وسائل الحرب النفسية وحملات صخب وتسقيط وتشويه ، كانت لكثير منها تأثيرات لايستهان بها ، إن لم تكن لها تأثيرات بالغة الخطورة على مستقبل مرشحين، عرضت سمعتهم لمخاطر كبيرة، أدت الى خروجهم خاسرين ليس من السباق الانتخابي فحسب، بل لوثت تاريخ (البعض) من المرشحين ، واوصلت بعضهم الى الحضيض.

ولو طالعنا حجم الإشاعات والأخبار المسربة والصور التي تم تسريبها ، خلال فترة التصويت وما قبلها أو تلاها بقليل ، وأجرينا عملية مسح وتحليل مضمون لمضامينها واهدافها، لتوصلنا الى نتائج كبيرة ، يمكن أن ندرس تاثيراتها الخطيرة على من إستهدفتهم من المرشحين وقادة كياناتهم السياسية ، اضطرت وسائل اعلام كثيرة للاعلان عن تصريحات لأؤلئك المرشحين ، وهم ينفون ما تعرضوا له من إشاعات وفبركات اعلامية استهدفتهم، لكن آثار تلك الحملات لم يكن محوها بسهولة، إن لم يدخل (نفي) الإشاعة احيانا في باب (الترويج الدعائي) لها او انتشار صداها بين الاوساط الجماهيرية، وأثرت على سمعة مرشحين وأسقطت البعض منهم في مهاوي الخروج من السباق الانتخابي ، بعد ان حطمتهم أخلاقيا واجتماعيا ونفسيا، ولم يكن بالامكان تدارك وقع تلك الاشاعات التي تفوق (وقع الصاعقة) من حيث قدرتها على التأثير والانتشار وخلق الاقناع لدى الآلاف ممن استقبلوا تلك الصور وبخاصة (الإباحية) منها ضد مرشحات كانت الأخطر، والأكثر انتشارا وتأثيرا والأكثر سرعة في إستهداف الخصوم .

وبالرغم من أن وسائل التسقيط التي أستخدمت في تلك الحملات الدعائية الصاخبة تعد وسائل غير أخلاقية للتشهير ضد الآخرين، الا أن من يريد الانغماس في تلك اللعبة لا يهمه سوى (تسقيط المستهدف) بأية وسيلة ، حتى وان كانت وسائله غير أخلاقية، فالمهم بالنسبة له ان يتم الإيقاع بـ (الضحية) و(الإطاحة) بها ، وكان وسائل التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والواتس آب والفايبر ، من أكثر الوسائل التي تم عرض تلك النماذج من التسريب، تلتها بعض المواقع الاخبارية الالكترونية التي أسهمت في ترويج الشائعات والاخبار المسربة وما يطلق عليه (فن الفبركة) و(الاختلاق) وبعضها أستخدم عمليات (الدبلجة) على نطاق واسع ، لإحداث التأثير المطلوب في (تسقيط) المرشحين، او استهداف كياناتهم السياسية، لكن التوجهات الكبيرة كانت تنحصر في استهدف مرشحين اكثر من كونهم ينتمون الى أحزاب أو قوى سياسية.

شخصيات رفيعة استهدفتها حملة الحرب النفسية
وكانت الشائعات الوسيلة الاكثر ترويجا للتسقيط او الاستهداف السريع ، فقد جرى بث شائعة خلال فترة اجراء الانتخابات وفي يوم التصويت بالتحديد ، أن رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي إنسحب من الترشيح للانتخابات ، اضطر على أثرها ائتلاف دولة القانون لنفي الشائعة فورا ، والتأكيد عبر وسائل الاعلام، على أن المالكي لم يسحب ترشيحه، بالرغم من أنها فترة (صمت انتخابي) حرجة ، لكن ليس بمقدور المالكي إلا ان يرد بسرعة لايقاف تأثيرها البالغ عليه وعلى أئتلافه، وبخاصة أنه يدرك أن هناك قوى تحاول اخراجه من السباق الانتخابي أو التأثير على مرشحيه لكي لاينتخبونه ، وكانت الاشاعة لها وقع الصدمة وسحر التأثير ، ولابد من أن هناك أطرافا تستهدف المالكي هي من كانت وراء بث إشاعة قوية في فترة حرجة ، هو يوم الانتخابات، ولا بد ان تركت لها (تأثيرا) حتى ولو جرى نفيها فورا، لكن اشاعات من هذا التوع يصعب مواجهتها احيانا، ان لم تهدف الى الترويج لخروج المالكي بأية طريقة ، أو الحد من حصوله على أعلى الاصوات في السباق الانتخابي ، حتى ان ائتلافه جاء في المرتبة الرابعة ، بعد النصر، وهذا لايعني ان الشائعة لوحدها أثرت عليه ، بل أن هناك جملة تراكمات سابقة كان خصومه يوجهون له مختلف التهم التي أدت الى الحد من حصوله على أصوات تؤهله لأن يكون في المقدمة .

وهناك مرشحون آخرون ، بعضهم سابقون وآخرون جدد ، قد تم استهدافهم بحملة تسقيط منظمة ، أدت الى حرمانهم من الحصول الى أصوات تؤهلهم للفوز ، وهذا المثال شمل أغلب القوائم او الكتل السياسية او المرشحين من كل القوائم ، وفعلا أحدث البعض تأثيراته على بعض المرشحين، وحرمهم من فرصة أن تظهر أسماءهم، يضاف لهذا حملات سابقة مستمرة ضدهم منذ أشهر طويلة، كانت عاملا أججج حملات الصخب الانتخابي لتفعل فعلها المدوي في إحداث التأثير المطلوب وتستهدف من إستهدفتهم في الصميم.

مفوضية الانتخابات..حملات حرب نفسية ضدها
وكانت مفوضية الانتخابات هي الاخرى قد واجهت حملة إستهداف قوية ، وشنت ضدها حملات حرب نفسية تمثلت بإشاعات واخبار عبر مختلف وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، بشأن صناديق الاقتراع واحاديث كثيرة عن عمليات تزوير شابت العملية الانتخابية وتعطل أجهزتها في أكثر من محطة ومركز انتخابي، واشاعات عن تخليها عن الفرز الالكتروني واستخدام الفرز اليدوي ، ونفي مفوضية الانتخابات لخطوة من هذا النوع ، إضافة الى اعلان كتل فوزها قبل منذ الساعات الاولى لبدء العملية الانتخابية واعلان احزاب عن تقدمها في مناطق كثيرة من بغداد ومحافظات اخرى ، في اطار حملاتها الدعائية للتأثير في معنويات الخصوم والمنافسين، ووجهت ضد مفوضية الانتخابات اتهامات كثيرة وضعتها في دائرة الاتهام، حتى ان رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي قد دعا هيئة النزاهة للتحقيق في الخروقات التي شابت الانتخابات وكانت المفوضية محل اتهامات كثيرة من جهات مختلفة.

من خلال هذا العرض توصلنا الى مخاطر توجهات لحملات دعائية من هذا النوع وكيف تسري آثار تلك الحملات كالنار في الهشيم كما يقال ، لكي تحدث تأثيراتها البالغة على شخوصها المستهدفة وعلى الرأي العام الذي تلقف تلك الشائعات وراء إحداث حالة التأثير المطلوب وبسرعة مذهلة ، ادت الى تعريض سمعة مرشحين الى مخاطر كبيرة ، بل و( قصمت ظهر البعض) من شدة ضرباتها التدميرية التي تفوق تاثيرات صواريخ أرض أرض بعيدة المدى في بعض الاحيأن، وما كان للاشاعة وحملات التسريب للصور والاخبار المفبركة او المدبلجة وما يمتلك بعضها من جوانب صحة ولو كان قليلا، في ان يتم اقصاء مرشحين او تشويه سمعتهم، ليس في فترة الإنتخابات فحسب، بل تدمير مستقبل حياتهم لأعوام قادمة، كما جرى مع من تم فبركة صور (خلاعية) لبعض المرشحات او المرشحين ، وادت الى تسقيطهم بالكامل، ولم يعد يجدي (النفي) النفع في أشكال تسريب خطيرة من هذا النوع، ويبقى وقعها وتأثيرها التسقيطي لفترات طويلة، وهو التسقيط الاخطر الذي رافق حملات الصخب الدعائي خلال فترة الانتخابات البرلمانية ، وأدى الى نتائج كارثية على مستقبل كثيرين.