23 ديسمبر، 2024 7:09 م

مخاطر الإعلام المعولم !

مخاطر الإعلام المعولم !

الإعلام بمعنى أراه ؛ نقل معلومة من مكان في زمان إلى إنسان .
وأول إعلامي في الوجود ؛ هو الوحي الأمين (ع)، وأول إعلاميين في الدنيا هم الأنبياء (ع) . فقد أرسل الله سبحانه وتعالى تعاليمه السماوية إلى البشر بواسطة وسيلة الإعلام السماوية المتمثلة بجبرائيل (ع) .. فكان الإعلامي الرسالي الأمين للخالق تعالى ، بأن أوصل الكتب المقدسة إلى الأنبياء (ع) ، وقد استمر الدور الإعلامي الإلهي في تبليغ الخلق البشري على الأرض منذ أبينا آدم (ع) حتى الرسول المصطفى (ص) مروراً بأكثر من 24000 إعلامياً ربّانياً ، بلّغهم جميعاً الروحُ الإعلاميُّ الأمينُ (ع)، لكي يواصلوا رسالتهم الإعلامية المقدسة على الأرض ، من خلال التواصل الإعلامي بين الأرض السماء .
ولقد كانت تلك المدرسة الإعلامية الربانية تعبر عن روح الله في إعلام البشرية ماهية الكون والحياة .. فقهت الإنسان البدائي والجاهلي كيف يجب أن يعيش الإنسان الذي أراده الله أن يكون على الأرض .. إنسان َ فضيلة ٍ وإنسانَ سموٍّ أخلاقي .. إنساناً يحب ذاته ويحب الآخرين.. يعمر الأرض وعمّارها ، لا أن يعيث فيها فساداً وظلماً وجوراً وطغيان !!!
هذه هي الرسالة الإعلامية التي أرادها الله تعالى !
اليوم ؛ يتعرض الإعلام إلى أنواع من الإعلام ، لعلَّ أهمها ما يلي :
1ـ إعلام حكومي :
وهو الإعلام الذي يهدف إلى إظهار الوجه المشرق من السلطة الحاكمة ، دون أن يشير إلى ملامحها ونقاطها السوداء في الوجه الآخر، كما يهدف إلى إقصاء الآخر المختلف وتشويه صورته .. وإن كانت جميلة !
ويشمل هذا النوع من الإعلام ؛ الإعلام العسكري والتعبوي والحرب النفسية ، في ظروف الحروب والأزمات المعقدة .. الخارجية والداخلية ، والكوارث الطبيعية والظروف القاهرة، والصراعات الدولية ، والمصالح الخاصة والمزدوجة.
2ـ إعلام سياسي :
هذا النوع من الإعلام ؛ يهدف إلى إظهار الوجه الجميل لتوجهاته السياسية ، بما يخدم الحزب أو المنظمة السياسية ، دون مراعاة لعنصر المصداقية ، وقد لعبت الميكافيلية دوراً فاعلاً في هذا النوع من الإعلام .
3ـ إعلام ديني : الإعلام التبليغي الإسلامي ، الإعلام التبشيري المسيحي ، الإعلام اليهودي :
وهنالك تعقيدات أفرزتها الاختلافات الدينية والعقائدية والمذهبية ، جعلت هذا الإعلام إعلاماً يخص الجماعات دون المجموع ، كما سلك هذا النوع من الإعلام حالات من التنافس والتناحر الإعلامي ، كما سعت بعض التوجهات الدينية إلى تسخير قنواتها لأغراض تعزيز الفساد في المجتمع البشري ، وكذلك توطيد روح العداء بين الشعوب ، بينما سعت بعض التوجهات منه إلى تعزيز الفضيلة الإنسانية ، وتغذية النفس البشرية من معين الله ، حتى تلاطمت القنوات الفضائية وتصادمت ، بحيث دُفِعَتْ ملايين الدولارات لأجل إبقاء هذه وحجب تلك !!!
4ـ إعلام مستقل :
ويشمل إعلام منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإنسانية التي تهدف إلى التواصل الإنساني ، بعيداً عن أية توجهات سياسية أو دينية أو عرقية تعيق إنجاح هذا النوع من الإعلام وأهدافه .
5ـ إعلام اجتماعي :
ويشمل الإعلام الذي يهدف إلى إصلاح الفرد والمجتمع ، على ضوء الرؤية الاجتماعية التي تراها فلسفة ذلك الإعلام ، كما يتناول البرامج الإعلامية الصحية والتربوية والعلمية التي تخترق الأسرة وأفرادها، بلغة تحاكي الطفولة والشباب والشيخوخة ، توخياً لبناء مجتمع معيّن.
6ـ إعلام تجاري :
ويشمل الإعلام الذي يروّج للسلع والبضائع المحلية والمستوردة ، ويعرض كل ماهو جديد ومبهر وجذاب للذوق العام والخاص ، وما يخدم المؤسسات الحكومية والمستهلكين المحليين والإقليميين والعالميين.
أنواع وسائل الإعلام :

1ـ وسائل الإعلام المسموعة :
أـ الإذاعة ( بث محلي ، بث بعيد المدى ، بث فضائي)
ب ـ أجهزة التسجيل (الكاسيت ، الأقراص المدمجة وغيرها)
2ـ وسائل الإعلام المرئية المسموعة :
أ ـ تلفزيون ( بث محلي ، بث فضائي)
ب ـ سينما ( السينما الثابتة ، السينما المتنقلة)
ج ـ الفيديو تيب وغيرها
3ـ وسائل الإعلام المرئية المسموعة المقروءة : الإنترنت (بث فضائي معتمد)
4ـ وسائل الإعلام المرئية المقروءة : الملصقات ، الصحف ، المجلات ، الدوريات ، المطبوعات
فوائد الإعلام :
1ـ وسيلة حديثة ومتقدمة للتواصل بين الشعوب والأمم والمجتمعات
2ـ السرعة في تلقي المعلومات
3ـ تسهيل عملية تبادل المعلومات
4ـ توفير الجهد والوقت في نقل ووصول المعلومات
5ـ أغراض أخرى
في الدول الديمقراطية تؤول وظيفة إعلام الجمهور وتكوين الرأي العام إلى الصحافة بصفة رئيسية، وهي من خلال عملها تقوم أيضا بالنشاط النقدي والرقابة العامة. تلك الوظائف تختلف في مدى حيادها ومصداقيتها بحيث تنفع الجمهور. والعلم التخصصي الذي يهتم بدراسة تاريخ وفاعلية الإعلام يسمى “علم الإعلام”.، هذا العلم لم يولِ لفلسفة الإعلام الربانية أية رؤية علمية تحليلية ، تحفظ للإعلام هيبته وقدسيته التي أسسها الله تعالى له ، فالإعلام البشري الذي لا يخضع إلى المدرسة الربانية في الإعلام ، هو حتماً إعلامٌ شيطانيٌّ بالمعنى الديني المجرد،  وهذا ما جعل البحث العلمي والأكاديمي لا يلتفت إلى مناهل الإعلام المقدسة التي أسستها السماء،وحرصت على تواصلها الإعلامي بين المرسل والرسول والرسالة الإعلامية والمستلم الإعلامي..بين الله المصدر والوحي الواسطة والأنبياء وسيلة التلقي والبشر المتلقين.
أليست الرسالة الدينية .. القرآن .. الإنجيل .. التوراة .. الزبور ، كلها رسائل إعلامية من الخالق إلى المخلوق ؟!!
ألم يصف القرآن الكريم الرسالة المرسلة من الله على نبيه إبراهيم (ع) ونبيه موسى(ع) بالصحف { إنَّ هذا لفي الصُّحُفِ الأولى (18) صُحُف ِ إبراهيمَ وموسى (19)}ـ سورة الأعلى؟!
وإنَّ قوله تعالى : (صحف إبراهيم وموسى) إن المراد منها صحف جميع الأنبياء ، ومنها صحف إبراهيم وموسى (ع) . روي عن أبي ذر (رض) أنه سأل رسول الله محمد (ص) : كم أنزل الله من كتاب ؟ فقال (ص) : مائة وأربعة كتب على آدم(ع) وعلى نوح عشرة صحف ، وعلى شيت خمسين صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثين صحيفة ، وعلى إبراهيم عشر صحائف ، والتوراة والإنجيل والزبور والفرقان .
بمعنى ؛ إنَّ المصطلح الإعلامي المتداول حتى يومنا هذا ، هو مصطلح قرآني .. سماوي أيضاً ، فكلمة (صحيفة) .. (الصحيفة اليومية) ..(الجريدة) هي ليست وليدة التفكير الدنيوي الاصطلاحي الوضعي البشري ، بل هي وليدة التفكير الرباني ، الذي جاء على ألسنة التبليغ الإعلامي الرسالي .. الأنبياء والرسل (ع) .
إذن المهمة الإعلامية ؛ هي مهمة السماء ، قبل أن تكون مهمة الأرض .. هي مهمة الخالق ، قبل أن تكون مهمة المخلوق ، وهي مهمة الخالق والمخلوق معاً ، عندما تكون مشتركاً بين الخالق والمخلوق .. بين الله والبشر بواسطة الوحي الإعلامي والذين يصطفي الله معه من البشر الأنبياء والرسل .
فعندما تكون المهمة الإعلامية مهمة ربانية مقدسة ، يكون من المفترض أن تتأدب بآداب السماء ، وتتصف بصفات كمالها المطلق ، لأنها مهمة مقدسة ، تحمل الكلمة ، وعندما لا تكون الكلمة طيّبة ، حتماً سوف لن تكون المهمة الإعلامية نبيلة ، من هنا ؛ يصح أن يطلق على الإعلام المفرغ من الفضيلة إعلاماً شيطانياً .
إعلامنا اليوم ؛ إعلامُ مصالح الدول ،وإعلام مصالح الحكومات ، وإعلام مصالح السياسات ، وإعلام المصالح المتطرفة ، وإعلام المصالح التجارية . فهو لم يرتقِ إلى المستويات الفاضلة في الإعلام المقدس ، الإعلام المقدس ؛ هو الإعلام الذي يترفع على الزيف والكذب والخديعة والتضليل .. وهو الإعلام الذي يوصل الكلمة الإعلامية الحقّة إلى الجمهور ، صادقة ً نقيّة واضحة المعنى زاكية المضمون .
الإعلام اليوم ؛ إعلام عولمة .. إعلامٌ تطغى الرذيلة عليه دون الفضيلة ، فلم نرَ إعلاماً يهدف إلى الحقيقة ويتحرى عنها أينما تكون ، ولم نرَ إعلامياً لا يشتغل على مرضاة السلطة التي ترى نفسها هي السلطة الرابعة ، فتهمش الآخر المختلف ، وتخرجه من دائرة الأضواء ، وتخلع عنه أي جلباب من جلابيب السلطة الرابعة.
العولمة اليوم ؛ تحاول أن توظّف كلَّ شيء لأجل مصالحها .. توظف المصانع .. توظف المطامع .. توظف الفضائيات .. توظّف الإذاعات .. توظف الصُّحُف .. توظف المجلات .. توظف المطبوعات .. توظف الملصقات .. توظف كلَّ شيء في البر والبحر والجو لأجل مصالحها . فاحذروا مخاطر الإعلام المعولم !