دائما” ماكان صديقنا محيميد بعيدا” عن الصراعات الطائفية والميول السياسية والاتجاهات الدينية, وكان حريص كل الحرص على أداء واجباته بدقة تاركا”حقوقه وراء ظهره منتظرا” من الاخرين تقدير جهوده وتثمينها لانه يعتبر المطالبة بالحقوق هو نوع من انواع التوسل(وهذا خطأوه الاستراتيجي الكبير).
عندما دخل محيميد معترك الوظيفة راى العجب العجاب ،راى الطمع والجشع والمحسوبية والنفاق الوظيفي والنفاق الاجتماعي والمحابة والطائفية والمصلحية (أي المصالح المتبادلة المشتركة) وقد تجسدت كل تلك الافات المجتمعية الخطيرة والتي تصيبنا بمقتل في الدوائر الحكومية بالعصر الحالي، خصوصا” أذا كان في هذه الدائرة أو في تلك بعض الفائدة المادية (من ايفادات ومشاريع اخرى معينة).
محيميد هذا كان دائما” ما يبتعد عن المسؤولين المباشرين له ليس خوفا”منهم وانما حتى لايفسر أن تقربه منهم هو محاباه الى اشخاصهم وتملقلا” لهم،وهو يعمل بجد على جميع الاعمال التي يكلف بها من دون كلل او تذمر حتى ولو كان ذلك على حساب شخصه وتطلعاته وقناعته، والادهى والآمر عندما يقع محيميد فريسة لدى مسؤولين لايرحمون ولايقدرون قيمة ونوعية الافراد الذين يعملون بمعيتهم، ويفضلون بل ويرغبون بأشخاص يتملقون لهم وهم يعلمون ان هولاء يتملقون لهم من اجل أهداف وغايات هي معروفة لدى الجميع، وقد أصيبت دوائرنا الحكومية وخصوصا” بعد عام 2003 بمرض (التكتلات) وهذه بالطبع ليست (كتل سياسية أو كونكريتية) وانما هي مجموعة مصالح أو ما يعرف بالمنهج السياسي(لوبي ضغط) وهذه المجموعات هي التي تسير الامور ولو ابتعدت عنها في مكان ما فأن اكوام الغبار والاتربة سوف تتكدس فوق رأسك( اي بالعامية تركن على الرف) وتنسى الى ابد الابدين. وصديقنا محيميد ابتعد عن هذه التكتلات الوظيفية وفضل العمل بصمت( هذا اذا وجد عملا”ما يعمله) وقد صبر كثيرا” حتى لم يعد في صدره مجالا”الى صبرا”جديد ،وكل ذلك أدى الى أن تكون الوظيفة العمومية كابوسا” يجثم فوق صدره الصغير منتظرا” ساعة الخلاص.
أنني اعلم أن جميع الامور التي أصبحت في البلد هي فوضى عارمة خصوصا” الوظيفة المدنية والتي هي بحاجة الى أصلاح فوري كبير بل بحاجة الى قلع كامل وأنشاء هيكلة ادارية حديثة ومتطورة وعلمية تبنى عليها الامور بصورة صحيحة لالبس فيها. فكلنا يعلم أن الذي يحصل الان في بعض دوائر الدولة هو نوع من انواع الفساد الاداري والذي طالما ما سمعنا عنه ولكن من دون أيجاد الوسائل والسبل الصحيحة لمعالجته، بل لايوجد الاشخاص والذين لهم النية الصادقة والسليمة في مكافحته ، لكي تسير امور البلاد والعباد الى خير ما يرام.
أن مشكلة محيميد مع الوظيفة هي مشكلة عمومية تكاد تشمل جميع وزارات ودوائر الدولة، لذا فمن الضروري أن يبتعد المسؤول وخصوصا”(أذا كان يخاف الله) على محاباة طرف أو مجموعة عن اخرى أو فرد عن اخر تحت أي ظروف أو ضغوط. فيجب أن يكون الالتزام والكفاءة والخبرة والشهادة هي المقياس الغالب لديه، لان كل ذلك سيسئل عنه في يوم القيامة(يوم لاتترك شاردة أو واردة) وليتعض المسؤولين ممن سبقهم ، فأن الكراسي زائلة لامحالة أن عاجلا” أو أجلا” ،والباقي هو حسن التعامل والاخلاق والاحترام المتبادل، حيث عندما يترك شخص ما مسؤوليته تحت ظروف معينة عندها يعلم هل هو أحسن مع الاخرين أم أساء لهم؟ وهنا الاساءة لاتكون بالكلام فقط وانما بالافعال ومحاربة ارزاق الناس الشرعية والتي جعلنا الله سبحانه وتعالى أسباب فيها فائدين أو مستفادين.
ضرب اخونا محيميد بكلتا يديه وهو متعجب مما وصلت اليه الامور، لانه تذكر من الصعوبة بمكان أن تكون أرزاق الناس والتي قسمها الله بين البشر بالعدل بيد حفنة من هولاء البشر قد يكونوا في غفلة من امورهم حيث هم بحاجة الى مراجعة أفعالهم وتصرفاتهم وتصرفات الاشخاص المحيطين بهم وعليهم أن يتقوا الله تعالى بعباده المظلومين.