23 ديسمبر، 2024 11:52 ص

محو الاثار… قربة الى الله تعالى

محو الاثار… قربة الى الله تعالى

دائما ما يقترن وصول التيارات الدينية المتشددة الى سدة الحكم والامساك بمقاليد الامور مع البدء بسلسلة اجراءات يأتي في مقدمتها محو الاثار وتخريب التراث تحت عناوين ازالة الاصنام والتماثيل وهدم القبور والاضرحة ، بالامس لم يسلم البوذا من معاول الطالبان واليوم يبتلع الحوت الداعشي النبي يونس ، وفي طريقه لابتلاع بقية الانبياء والصالحين . والسؤال : هل هي اعمال بربرية وهمجية كتلك التي حدثت لبغداد اثناء الغزو المغولي ، فهو عداء لكل ما يمت الى الحضارة بصلة ؟

 اوهي الخصومة السياسية المبطنة ببطانة الدين ؟

او هي اوامر دينية لابد لولاة الامر من اتباعها لتطبيق شرع الله عند التمكن من الحاكمية ؟

والجواب يتضمن كل الاحتمالات المتقدم ذكرها ، مع ديناميكية محركة للقيام بتلك الاعمال تمثلها الاوامر الدينية المستندة الى النصوص والفتاوى الاسلامية ، فتعطي الغطاء الشرعي لما يختلج في النفوس المريضة من الضغينة والحقد الاسود على المخالف في الرأي والاتجاه فتنسف كل امتداده التاريخي قربة الى الله تعالى ، ولا تبالي بما ستأول اليه الامور لانها تمثل الارادة الالهية ولابد من اجرائها .

انه التوحيد الخالص الذي دعا اليه ابن تيمية الحراني ومحمد بن عبد الوهاب لانقاذ المسلمين من الشرك وليذهب التاريخ ومعالمه واثاره الى الجحيم لانها ضرب من الشرك ، وقد لعن اليهود والنصارى على لسان النبي لانهم ” اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ” كما رواه في الصحيح البخاري ومسلم في باب النهي عن بناء المسجد على القبور واتخاذ الصور فيها .

وفي تفسير ابن كثير عند تفسير الاية { قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدً} قال : ” وقد روينا عن عمر بن الخطاب  أنه لما وجد قبر دانيال في زمانه بالعراق، أمر أن يخفى عن الناس، وأن تدفن تلك الرقعة التي وجدوها عنده، فيها شيء من الملاحم وغيرها”

اذن ما الفرق بين قبر دانيال وقبر النبي يونس ؟

ولماذا نقر بهدم قبر الاول ولا نقر بالثاني !!

” وكذلك القباب التي على القبور يحب هدمها كلها لأنها أسست على معصية الرسول لأنه قد نهى عن البناء على القبور كما تقدم، فبناء أسس على معصيته ومخافته بناء غير محرم وهو أولى بالهدم من بناء الغاصب قطعًا “

هذه الفتوى للامام ابن قيم الجوزية في كتابه اغاثة اللهفان من مصائد الشيطان .

 

حتى الشجرة التي شهدت صلح الحديبية او بيعة الرضوان والتي وردت في القرأن ايضا في الاية 18 من سورة الفتح { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَة }هذه الشجرة المسكينة لم تسلم من الاجتثاث لانها من بواعث الشرك فأمر الخليفة عمر فقطعت وسويت بالارض كما رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرنا عبد الله بن عون عن نافع قال: كان الناس يأتون الشجرة التي يقال لها شجرة الرضوان فيصلون عندها قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فأوعدهم فيها وأمر بها فقطعت.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف قال حدثنا معاذ بن معاذ قال: بلغ عمر بن الخطاب أن ناسًا يأتون الشجرة التي بويع تحتها قال فأمر بها فقطعت، ورجاله رجال الصحيح  .

اذن سند هذه الحادثة صحيح بلا شك كما فصله صاحب فتح الباري في شرح البخاري وابن ابي شيبة هذا .

هذا غيض من فيض ،وقطرة في بحر متلاطم من الاخبار والروايات ، وقد اتعب العلماء انفسهم في تأليف المطولات والمجاميع الحديثية في نقل سيرة الخلفاء الراشدين والسلف الصالح في الحفاظ على عقائد العوام من الناس من ان تشوبها شائبة الشرك حتى لو اقتضى الامر ازالة المساجد والمعالم الاثرية كلها ومسحها من خارطة العالم اجمع .

اذن لماذا كل هذا اللوم للدواعش او للثوار اوالمطالبين بالاقليم السني ما دامت نصوص دينهم وفتاوى علمائهم تأمرهم بذلك .

ترى اين بواطن الخلل وكيف يمكن التغلب عليه !!