23 ديسمبر، 2024 2:39 م

محو الأمية السياسية

محو الأمية السياسية

يبدو أن محو الأمية لكبار السن او الشباب ممن لم تتهيأ لهم الظروف في التعلم أكلت ثمارها ,وتعلم جزء كبير من الذين همشتهم الحياة وأخذتهم مشاغلها بعيدا عن تعلم القراءة والكتابة ,ولكن محوا الأمية السياسية  خيبة أمال الكثير, فمنذ عقد من الزمن وبعد سقوط النظام دخل الكثير في مدرسة السياسة وتوفرت لهم جميع  الإمكانيات المادية والمعنوية التي لم تتوفر في مدارس أبناء الملوك والأمراء  الا  أننا لم نسمع وعلى مدى أكثر من عقد من الزمن بان سياسي قد اجتاز الامتحان وبدا يعرف ( الف ــ باء) السياسة الا البعض وعلى عدد أصابع اليد,والفرق بين المدرستين ان  أبناء الأولى(فقراء الشعب) لم تتوفر لهم الإمكانيات المادية والمعنوية الا أنهم مصرين على التعلم و متحمسين  للدراسة  لغرض الدخول في المنظومة الاجتماعية ويحصلون على وظيفة “حارس او فراش او فلاح” او أي وظيفة شروطها يجيد القراءة والكتابة, ولكن أبناء المدرسة الثانية(السياسية) ورغم توفر كل الإمكانيات كما اشرنا غير متحمسين لتعلم السياسة, ويتمتعون بوظائف اقل ما فيها “مديرعام” في احد دوائر الدولة وحسب التقسيم  التوافقي او ما يسمى بالمحاصصة ويتمتع بامتيازات الحماية والسيارات المصفحة ام الايفادات والمنافع الاجتماعية فحدث ولا حرج , هذه التوليفة الوظيفية الغير ممنهجه, أدخلت البلد في فوضى وأجيج سياسي غير منظم,فكيف لسياسي أمي(لا يجيد ألف باء السياسة) ولا يمتلك مشروع بناء دولة مدنية ,ولا يفرق بين السلطة والمؤسسة, يقود كفاءات ومثقفين منهجيين وشعب,ويلتزم بتنفيذ مطالب الناس الذين انتخبوه, هؤلاء الراسبين بكل المقايس السياسية والمتأبطين بالخناجر المصنوعة في ورش دول الجوار “الشقيقة حد اللعنه” “كما يصفها الكاتب عبد الهادي فنجان الساعدي” ,أدخلونا  في أتون مشاكل كبيره  كأنما اتفقوا على ان لا يتفقوا, او استلموا التوجيهات بان لا يتفقوا,  فما عقد اجتماع الا و انقسموا على بعضهم البعض(كانقسام داحس والغبراء) مرسلين رسائل مفخخة بالطائفية ونظريات المؤامرة وطعن بخاصرة الشعب, وبتصريحات نارية تلهب الشارع, فبعد تعطيل او ترحيل قوانين مهمة تفيد الشعب مثل قانون التقاعد الموحد وقانون النفط والغاز وقانون تنظيم الأحزاب وزيادة مرتبات الرعاية الاجتماعية وغيرها ,نجدهم ابطال  في صناعة الأزمات و ادخال البلد في صراعات طائفية او عرقية, وغير قادرين على صرف الاموال المخصصة للمشاريع والخدمات او تحويل المشاريع الى اناس غير مختصين , كأصحاب “جنابر” او أقارب فلان وعلان,واليوم توجوها بتقديم البعض منهم استقالات, وغدا سوف نرى عودتهم, بطريقة (بوس عمك بوس خالك) و لا نعرف متى يتعلم الأخوة الأعداء (عبس و ذبيان) دروس السياسة وحل نزاعاتهم بطرق حضارية.