18 ديسمبر، 2024 10:54 م

محور المقاومة لا يقاوم

محور المقاومة لا يقاوم

قال تعالى في سورة فاطر/43(( ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله)).
عندما يقطع الزعيم عهدا على نفسه، فلابد أن يلتزم به، سيما عندما يتعلق العهد بمحور استراتيجي خطير تُبنى عليه زعامته، وسمعته بين أنصاره على أقل تقدير، وعندما ينفض الزعيم يده من تعهده، عندها يمكن ان نطلق عليه صفات بأنه كاذب، او متحايل، او منافق، او متخاذل، وجميعها صفات مسيئة، تدفع سمعة الزعيم الى الحضيض، سيما عندما يكون هو من صاغ التعهد، ولم يفرض عليه من قبل جهة داخلية أو خارجية.
قبل الهجوم على غزة الأخير بعدة سنوات كنا نستمع الى الكثير من الشعارات التي يطلقها ما يسمى بمحور المقاومة، وفيلق القدس الايراني حول إزالة إسرائيل من الخارطة خلال سبع دقائق، ويوم القدس السنوي سبق الهجوم على غزة بإيام، بمعنى ان الشعارات لا تزال تنبض في الشارع العربي بإكتساح اسرائيل، ونصرة المقاومة، وتحرير فلسطين من أيدي الغزاة. وكان هجوم محور المقاومة على دول التطبيع شرسا للغاية، على إعتبار ان فلسطين هي محور المقاومة، وقضية العرب المركزية، والتطبيع هو خيانة لقضية العرب الرئيسة.
حدث الإنفجار، وكُشفت حقيقة محور العار.
ما تزال كلمات السيد حسن نصر ترنٌ في مسامعنا حول جهوزيته وبقية الأطرا في محور المقاومة للحرب ضد الكيان الصهيوني وعلى عدة جبهات ومنها قوله” حينما تأتي الشروط المناسبة واللازمة للمنازلة الكبرى، ستجدون كل شعوب منطقتنا، على إمتداد هذه المنطقة، من اليمن الى ايران، الى العراق، الى سوريا، الى فلسطين، الى لبنان، والى من سينظم الى محور المقاومة في الآتي من الأيام، ستجدوننا جميعا ضربة واحدة، ومحور واحدا في مواجهة العدو لإزالته، وهذا سيتحقق بإذن الله تعالى”.
جاءت معارك غزة وتوفرت بذلك الشروط المناسبة واللازمة للمنازلة الكبرى يا حسن نصر الله، فأين أنت بالذات من معارك غزة، ومن ثم محور المقاومة؟ لقد تبرأت من ثلاثة صواريخ ضالة انطلقت من جنوب لبنان وقعت في البحر، ما أخزاك يا رجل! هل ستبقى ميليشيا حزب الله في استنفار دائم، بدلا من موقف رادع وحازم؟
هل تتذكروا زيارة (قيس الخزعلي) زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق الى جنوب لبنان، وهو يستطلع الجبهة اللبنانية الإسرائيلية بمنظور، واستعداد ميليشيته للحرب ضد الكيان الصهيوني؟ تبين انها سفرة سياحية وليس جهادية.
هل تتذكروا قول زعماء فيلق القدس الايراني، فقد هدد قائد عسكري إيراني بارز(عزيز نصير) في 21/1/2019 بـإزالة إسرائيل، نقلت وسائل إعلام إيرانية عن قائد القوات الجوية الإيرانية نصير قوله إن قوات بلاده على استعداد لخوض المعركة مع إسرائيل وإزالتها من الوجود”. وأضاف أن إيران “مستعدة لحرب ساحقة مع إسرائيل وقواتنا المسلحة مستعدة لليوم الذي نرى فيه تدمير إسرائيل”.
وأكّد المستشار العسكري لقائد فيلق قدس التّابع للحرس الثّوري الإيراني ( أحمد كريم بور) في2/3/2017 إستعداد بلاده للردّ على أيّ اعتداء عسكري عليها بنفس القوّة وان جميع المراكز المهمّة في إسرائيل، جرى تحديدها وإيران قادرة على تسوية تل أبيب وحيفا مع الأرض في غضون 7 دقائق، في حال تعرّضت ايران الى إعتداء، وجميع مدننا جاهزة لمثل هذه العمليّات، ولتعلم اسرائيل وحلفاؤها بذلك”.
وقال (مجتبى زونور) المستشار السابق لقائد ما تسمى بالثورة الايرانية والعضو السابق في الحرس الثوري الايراني في 7/2/2027″ ان ايران لا تحتاج أكثر من 7 دقائق لتقصف اسرائيل وان لديها تخويل الهي لهذا الفعل”؟ مضيفا” إيران لديها إذن إلهي بتدمير إسرائيل حتى لو تخلت إيران عن برنامجها النووي، فإن ذلك لن يضعف قدرتها على اتخاذ قرار بتدمير إسرائيل”.(موقع وورلد إسرائيل نيوز).
وقال (العميد حسين دقيقي) كبير مستشاري قائد الحرس الثوري الايراني في تصريح له بتأريخ 27/10/2016 إن هنالك (8000) صاروخ جاهزة للاطلاق في البلاد وسيواجه اي معتدي تسول له نفسه التطاول ردا مزلزلا. أن اعداء الاسلام والثورة يحاولون اليوم التشبث باي وسيلة وفكر لحرف شبابنا واخراجهم عن جادة الصواب، لذا فان الاستراتيجية الرئيسية اليوم هي تعزيز جبهة المقاومة امام الاستكبار، وان تقوية محور المقاومة في بلدان المنطقة ستقود الى القضاء على الكيان الصهيوني المغتصب. كما ان اتحاد الدول الاسلامية سيقود الكيان الصهيوني الى خسارة مكانته في المنطقة”. وخلال المناورات الصاروخية المسماة (إقتدار الولاية) التي جرت في 9/3/2016 استخدمت صواريخ تحمل عبارة باللغة العبرية ” يجب إزالة إسرائيل من الوجود”، وقد أطلق الحرس الثوري صاروخي (قدر أج) من مرتفعات البرز الشرقية نحو أهداف في سواحل مكران على بعد 1400 كيلومتر في إطار المناورات الصاروخية التي ينفذها الحرس الثوري. كما نشرت صفحة تابعة للحرس الثوري الإيراني على موقع فيسبوك في 25/7/2014 تصريحا للجنرال (محمد علي جعفري) القائد العام للحرس، تحدث فيها عن ” تدمير إسرائيل عن بكرة أبيها؛ شريطة أن يفتي المرشد الأعلى للنظام الإيراني آية الله علي خامنئي بالجهاد”.
وقبل يومين وجه (إسماعيل هنية) رئيس المكتب السياسي لحركة حماس رسالة الى الخامنئي مطالبا أياه بدور فاعل لوقت الجرائم التي يمارسها الكيان الصهيوني ضد أهالي غزة وعرب فلسطين داخل الكيان، بعد تصاعد الهجمات ضد المدنيين الأبرياء واستهداف المنشئات المدنية. فهل سيحول المرشد نظره من فيينا الى غزة؟ كل المؤشرات تقول كلا.
لكن اين الحقيقة من الموقف الإيراني من الكيان الصهيوني؟
هذا ما وضحه الكاتب الإسرائيلي (أمنون لورد)، في مقال تحليلي له نشرته صحيفة (مكور ريشون) الإسرائيلية الصادرة باللغة العبرية في 28/3/2016 أن” العداء الذي تظهره إيران تجاه بلاده لا وجود له، بل على العكس فإن هناك تعاوناً بين الطرفين لمواجهة المحور العربي السني في إيران. فرغم خطابات العداء الإيرانية ضد اسرائيل، الا انه يمكن القول عن ذلك باللغة العبرية الحديثة إنه هراء”. بدلالة تصريحات خبراء ومسؤولين إسرائيليين كبار في الشأن الإيراني مثل (أوري لوبراني) و (تسوري ساجيه) لأن هناك مصالح مشتركة بين تل أبيب وطهران.
لنستذكر ايضا، تعرض فيلق القدس الايراني في سوريا الى مئات الغارات الاسرائيلية على معسكراته، وعلى مواقع الميليشيات التابعة له، العراقية، والأفغانية والباكستانية، وكانت المنازلة الأحادية الجانب (الإسرائيلي)، تُجابه بقول مكرر لمحور المقاومة” سنرد في الوقت والمكان المناسب”. وجاء الوقت المناسب، لكن بلا رد فعلي!
سوريا الأسد صدعت رؤوسنا بالرد على الغارات الإسرائيلية التي إستباحت كل المدن السورية، وكانت نفس الإسطوانة ترددها الحكومة السورية ” سنرد في الوقت والمكان المناسب”. ولا نظن ان هناك وقت مناسب أفضل من هذا الوقت، فالنار مشتعلة في غزة، وسوريا الأسد بمعزل عن الرد المناسب في الوقت المناسب!
في العراق قام التيار الصدري وبعض الميليشيات بتظاهرة في بغداد دعما لغزة، واغرب ما فيها ان الصدر ظهر بلباس صلاح الدين الأيوبي، كأن الحرب بالسيوف وليس بالصواريخ، اليس من الأجدى ارسال سرايا السلام المرابضة في ثغور محافظة صلاح الدين الى ثغور غزة لمحاربة الكيان المسخ؟ الأغرب منه ظهور وزير الداخلية السابق (باقر صولاغي) وهو بين المتظاهرين يحمل بندقية ويهتف لغزة، وهذا المجرم في عهده الأغبر قام بقتل العشرات من الفلسطينيين المقيمين في العراق (شارع حيفا ومجمع البلديات)، وقام مع ميليشيات مقتدى الصدر (جيش المهدي) بتهجير الفلسطينيين المقيمين في العراق الى مخيمات على الحدود العراقية الأردنية.
الطرف الآخر من محور المقاومة هم حوثيو اليمن، الذين ما دأبوا يتشدقون بشعار (الموت لأمريكا واسرائيل)، مع ان الطائرات المسيرة والصواريخ يوجهها الحوثيون الى المملكة العربية السعودية، وليس للكيان الصهيوني. وهم يزعموا ان لديهم صواريخ تصل الى عمق اسرائيل.
هذا هو محور المقاومة، فقد وضع كل أوراقه على الطاولة، لم تعد الاعيبه تنطلي علينا، فمعارك غزة كشفت حقيقة هذا المحور الكاذب، الذي عجز ان يحول كلامه الى فعل يتوافق مع شعاراته المعلنة. غزة نقاتل العدو الصهيوني بشراسة، ومحور المقاومة يتفرج على المعارك.
لا أقول أكثبر مما قاله الشاعر العراقي مظفر النواب في رائعته (القدس عروس عروبتكم)، لقد وصفكم بأقبح وصف، ولكنه كان محقا في وصفه. هذا ما بينته الظروف سابقا وحاليا.