23 ديسمبر، 2024 2:31 م

محنة عبد الاله الصائغ  ولعنة وطن

محنة عبد الاله الصائغ  ولعنة وطن

مؤسف ان تحتضن المنافي قامات كانت ولم تزل رموزا عراقية براقة  بينما يهملها الوطن وتتوارى من    الذاكرة  بدون استئذان   فتختزل اسماءهم ثم شخوصهم  بلا ضجيج  او عنوان  خاصة  حينما يخونها المرض او تلمها  الشيخوخة او يصيبها  العوزفتترجل مرغمة لاطواعية عن الاضواء   لتكتفي بسريرفي غرفة نصف معتمة تتوسطها نافذة بسعة الحلم  هي البوصلة ا والمشيمة ا والرئه  التي يطلون عليها نحو فضاء بدء يتصحر الا من القلة  من الاوفياء العابرين

اقول وبفم خجول, ان كل العشاق اللذين غادور العراق  قسرا  ومنهم البروفسور عبد الاله الصائغ هم اكثر المخبولين به لانهم انقياء  غير طامعين به, وعراة  مثلما ولدتهم السماء بدون اقنعه  , فهم لايجيدون فن الخربشة على جدران الابتذال السياسي.  في دواخلهم كان  النخل يكتب قصائده خفية  وعلى جباههم  رسمت ايقونات الفرات ملذاتها  , لذا لاغرابه ان يكون احتجاجهم على الوطن  دافىء كطيبتهم  وهمس كاخلاقهم  رغم قيح اجسادهم  المتأزم , فقط اقلامهم  المكهربة وحدها  ظلت تحكي وجعهم  وترسم صدى حبهم  للتربة  والناس   ولكن من  ياترى  يسمع عويل اقلام الرصاص في عالم  فوضوي كل  تفاصيله رصاص والوانه  رصاص و احاديثه رصاص

 هي الدنيا ايها الصائغ ويا عبد الاله  والغافي على وسادة (ظاهرة قتل المبدعين) 1 راقدا متوجعا تراقب القادمين من عشاقك  واللذين يهاتفونك عبر اسلاك المحبه  يرددون  كيف اصبحت؟؟؟ فترد بانكسار وتوجع  —

انا بخير لكني مخنوق بالعبره  فدفء العراق لم يصلني  بعد , وانا وحشة البرد تقتلني , وصرت كالطفل لااتحمل الثرثره ….    ثم تجهش بالبكاء وكنت انا على الجانب الاخر من التلفون  اسمع نحيبك يأتيني مدويا  فاصمت بكبرياء اجوف  لكن جسد ي مهزوز

 نعم  ياسيدي الصائغ ان الاصلاء قله لكنهم موجودين ودموع العمالقه امثالك  حبر التاريخ وبوصلة  المسافرين     وساشاطرك النوح وساتركك تغسل كل مدنك  الوهمية  وتلوح بعناوين كتبك والقاب تلاميذك وخيباتهم لعل القابعون على رفوف  بغداد وخلف اسوارها  يسمعون ان عزيزا يفترش  (الاثنان والعشرون)2  سرير  لتلميذا  يحمل نداء وعذابا   فيعيدون لقلبك الاخضر ايها المبدع   الق الجنون   ليس بالبرقيات او التمني   ف(الصبر في وقت البلوى عذاب)3 و لكن حتى لايصاب الوطن  بلوثة  اهمال مبدعيه  ويدخل في مصح اللعنة  انذاك لاتفيد قصاصات الورق او فضائيات الشتائم المجهولة الهويه

يرقد عبد الاله البروفسور في المستشفى متأملا يد حنونه  ان تمسح من وجهه غبار القلق بعد خدمة تجاوزت الخمسين عاما   قضاها متنقلا في عالم  مغلف بالشعارات  ومعباء بالتناقضات وفي حقيبتة  كان يحمل  عراقا  على مقاسات حبه للناس  والادب

اقول لدجلة وعيني على فراتها ان  لاتنسوا الصائغ فهو وجه العراق الاخر ويوم اخبرت الصائغ اني في طريقي لزيارة الشاعر المبد ع( زهير الدجيلي) الراقد ايضا  في المستشفى  قال لي بلغ تحياتي وقل له (ان زهير الدجيلي  نصف العراق ) . تذكرت   في حضرة الدجيلي  كلام الصائغ فجائتني دمعتان  تبكيان الكوكبين  ولسان حالي يقول للنواب في قصيدته الرائعه

حن وانه حن

وانحبس ونه وانمتحن

مرخوص بس كت الدمع شرط الدمع حد الجفن 

ديترويت [email protected]

1استعاره من احد مؤلفات الصائغ

(ظاهرة قتل المبدعين في الحضارة العباسية )دار النهي بيروت1996

2الاثنان والعشرون عدد مؤلفات الدكتور عبد الاله الصائغ

 3مقطع من قصيده  لااحمد فؤاد نجم