موجة المهاجرين تطرق ابواب الأمم المتحدة تستصرخ مجلس الأمن الدولي ودوله دائمة العضوية أن يعوا مسئولياتهم ويبحثوا موضوعهم الملح كقضية عاجلة لا تقبل التأجيل. الأمم المتحدة التي فشلت في منع الحروب على العراق وغيره في منطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا هي مسئولة عن نتائجها سياسيا وأخلاقيا. فعشرات الالاف من الرجال والنساء والأطفال يخاطرون بحياتهم للوصول الى ارض توفر لهم السلام والعمل والمأوى والحياة الكريمة التي فقدوها في بلدانهم. فبلدانهم التي تركوها وراءهم لم تعد صالحة للعيش والعمل والانتاج انها ببساطة قد تحولت الى ارض محروقة ، فالقنابل والصواريخ لم تجلب لتلك البلدان القمح والخضار والماء الصالح للشرب والدواء ، بل الموت واليتم والترمل والاعاقة. الناس الذين حولتهم المتفجرات الى معاقين يتمنون الموت على أن يبقوا عالة على أطفالهم في ظل الفقر والخوف وخراب البيوت وانعدام الكهرباء والعلاج والدواء . ان نظرة خاطفة الى جنسيات المهاجرين تأتي بالاجابة على سؤال رجال الحدود ، لماذا تطلبون اللجوء؟
والاجابة ببساطة : اننا الباقون على قيد الحياة الذين نجونا من القنابل والصواريخ أما غيرنا فقد سحقتهم أنقاض القصف والمتفجرات ، أننا وأطفالنا الناجون بالصدفة من الموت بالصواريخ وقطع الرؤوس والاغتصاب مهددون بالموت والخوف والاذلال في أي لحظة. نطالبكم بالمكوث ساعة في الموصل أو دير الزور أو عدن أو حلب أو هلمند أو وزيرستان أو الضفة الغربية أو غزة أو الصومال أو بنغازي وطرابلس لتلاحظوا بانفسكم كم هو مخيف العيش في ساحة القتال لا تدري من أي جهة تطالك الصواريخ والقنابل سواء كنت في مبنى أو كنت في العراء لا فرق فالجدران لاتحمي أحدا بل بالعكس فان ضحاياها يموتون بالجملة تحت الانقاض.
الولايات المتحدة التي تدعي محاربة الارهاب تدرب وتمول الارهابيين بالجملة للقيام باعمال قتالية في سوريا وهي تعرف انهم لن يستطيعوا الاطاحة بنظام الأسد بل ما أن ينهوا تدريباتهم على السلاح ويستلموا مكافئاتهم المالية يدخلوا الاراضي السورية ومن هناك يبيعون خدماتهم للمنظمات الارهابية مثل جبهة النصرة والقاعدة وداعش وغيرها ولن يطول بهم البقاء حتى ينتقلون الى دولة الدعارة الاسلامية في الموصل لمزاولة الجنس بالمجان على سنة الله ورسوله قبل أن يقوموا بذبح ضحاياهم من العراقيين ليستكملوا طريقهم الى جنة الخلد بمباركة خليفة المسلمين.
وعندما نشير هنا بأن الولايات المتحدة مسئولة عن الهجرة الجماعية من منطقة الشرق الاوسط لا نفتري ولا نبالغ. لنأخذ الحرب على اليمن المستمرة هناك من حوالي ثلاثة شهور انها حربا بالنيابة عنها ولو لم تكن كذلك لما قامت بها السعودية ، لأن هذه لا تتصرف دون أخذ الضوء الأخضر منها. ولولا موافقة الأمريكيين لما حدثت الحرب ولما هرب الآلاف من اليمنيين نحو أرجاء العالم بحثا عن الأمن والسلام والتعليم لابنائهم. ورغم فقرهم الشديد لم يعتادوا ولم يحبذوا ترك بلادهم والهجرة الى أطراف الدنيا كما يفعلون الآن. الولايات المتحدة مسئولة عن محنة االعراقيين فهي مطالبة بأن تقوم على الاقل بفتح مستشفياتها للعائلات العراقية السيئة الحظ التي تعاني من تبعات أسلحتها المشبعة باليورانيوم المنضب االتي استخدمتها في حروبها على العراق من عام 1990. اليورانيوم المنضب لوث تربة العراق ومياهه وهوائه وقد تسرب لاجساد العراقيين والعراقيات فنشر أمراض السرطان في مدنه وقراه مسببا التشوه الخلقي والاعاقة الدائمة حيث لا مجال في العراق لمعالجة المصابين. انها مسئولية أخلاقية وسياسية وقانونية تلاحق الأمم المتحدة أولا والولايات المتحدة ثانيا وتفترض الاعتراف بها وتحمل تبعاتها.
ان الهجرة الى دول العالم التي تجاوزت عشرات الآلاف لن يطول الوقت قبل أن تتجاوز مئات الآلاف وليس في هذا أية مبالغة ، لأنه ما دامت الحروب الأمريكية مستمرة فسيل المهاجرين سيستمر وعددهم سيتضاعف. فما دام تدمير البيوت السكنية والمدارس والمشاريع الصناعية والطرق والجسور وانتشار البطالة بين الشباب فطوابير المهاجرين ستطول على منافذ حدود دول الاتحاد الاوربي والناتو لأنهم المسئولين عن خراب بلدان الشرق الاوسط. المهاجرون لم يخاطروا بحياتهم الا لكونهم مضطرون لذلك لا طمعا بالمنافع الاجتماعية كما تفسر من قبل بعض مسئوليهم ، فليمنحوهم الفرصة للعمل والانتاج وعندها سيدركون كم كانوا على خطأ. فهؤلاء المهاجرون هم قوة العمل الحية لبلدانهم ومغادرتهم لها هي خسارة كبرى يصعب تعويضها بسهولة لذا فهم مكافئة للبلد الذي يستضيفهم لا عالة عليه كما يحاولون تصويرهم. ولو كانت لهم حكومات وطنية مستقرة لما احتاجوا لطلب اللجوء في البلدان الاجنبية. انهم سيحبون البلد الذي يستقبلهم كحبهم لوطنهم الذي يحملونه في طيات قلوبهم أينما حلوا وحتى آخر يوم لهم في الحياة.