تعرض ويتعرض المثقف العراقي على امتداد حقب تأريخ العراق الحديث و طيلة مساره الملغوم المحفوف بالاسلاك الشائكة المدجج بقوانين التحريم والتجريم ، المحكوم بالتهم والشكوك والظنون للدرجة التي عد فيها سكوته جريمة ، تعرض الى محنة حقيقية بل وضع في ورطة لامناص له فيها ولا انفكاك له منها .فاذا كان لهروبه اوسكوته ايام التسلط الدكتاتوري عذرا لدى الجماهير والرأي العام العربي والعالمي فهروبه وسكوته صار جريمة لا تغتفر في ظل الديمقراطية وفسحة حرية الرأي والتعبير بكل الوسائل المتاحة ، فهو مطالب من قبل ناسه ومجتمعه بموقف واضح وصريح تجاه ما يجري من احداث سياسية واقتصادية واجتماعية ، وما يدور من اضطراب امني وصراع احزاب وكتل ،وغياب الخدمات وابسط مقومات الحياة . ومن هنا تتشكل اولى خطوط لوحة الحيرة، وترسم ملامح الورطة ،وتدون حروف الادانة !.فلو التزم جانب الحياد لابد له ان يشخص وينتقد نقاط ضعف وخلل وفشل اداء نشاط معين، او ادارة مسؤولة من خلال مقالة او لوحة او قصيدة او فلم او مسرحية ، عندها ستثور ثائرة الجهة السياسية التي تقف وراء تلك الوزارة او ذلك المشروع وتبدأ حملات التسقيط والتهديد والشتم بحقه من قبل المنتمين الى ذلك التيار او الحزب !. اما اذا اشاد بمشروع او نشاط واعد فستثور عليه الجهات المخالفة للحركة او الحزب الذي نفذ المشروع الناجح وسيتهم بانه ذيل او تابع او مرتشي !. والويل كل الويل له اذا ادان سلوك جهات تعرقل سير العملية الديمقراطية فتهمة الطائفية المقيتة جاهزة ومعدة سلفا !. والويل كل الويل له اذا ادان الفوضى، وتقديس غير المقدس، والنعيق خلف كل ناعق ،والسير معصوبي العيون فسيرمى بالكفر والزندقة والالحاد !.واما اذا ترك الحياد وانتمى الى جهة اقتنع باخلاصها وادائها فليستعد لحرب شعواء مع مثقفي وجهلة الجهات الاخرى حتى وان كان على الحق والشرعة السمحاء !!.يقول سارتر / على المثقف ان يقف على جانب الطريق حاملا قنديله ليضيئ الطريق للسياسي . فهل سينتفع سياسيو العراق من قنديل المثقف العراقي ؟ وهل ستجدي المثقف العراقي هذه الحكمة نفعا ؟!!.