لا يختلف أحد على أن الكتابة بكل أشكالها وتياراتها تعبر عن هوية وطن ، وثقافته ، ومدى فعاليتها في أحلك الظروف التي تمر بها الأوطان ، وتأخذ الكتابة مجالاً واسعة عندما يصاب المجتمع بالتخلف ليأخذ على كاهله تصحيح مساره مجددا والأخذ بيده من ناصية الكلمة ليعيد ترميم ما أصاب وجهه من خراب فكري وأخلاقي ، ونستطيع أن نتلمس مهمة الكتابة عندما نعيد قراءة تاريخ بعض الأوطان التي مرت بظروف صعبة ، وذلك من خلال بروز كتاب أخذوا على عاتقهم مهمة التصحيح والتغير الجذري ، ولملة الأشلاء ، وخلق مجتمع متقدم ، ومعافى من الفيروسات التي أصابته فيما مضى ، والأدلة كثيرة ، لا يسعفني الوقت للوقوف عليها بمقال بسيط ، ولكن عندما تصاب الكتابة بالمحنة ، والعجز عن أيجاد وسيلة حقيقة للتصحيح أو التغير هذا يعني أننا لا نمتلك كتاباً أخذوا على عاتقهم هذه المهمة الكبيرة والخطرة ، والتي تتطلب جرأة حقيقة في طرح الأفكار والسبل لتحقيقها بعد أن تتوفر لها الأرضية الخصبة ، وهنا يأتي السؤال المهم : في هذه الظروف الحرجة التي يمر بها العراق ، هل هنالك مصداقية أو وعي جمعي لدى المثقفين لتغير الواقع بالكتابة ؟ أم أن الكتابة سوف تستمر في محنها ، وعندها سيتمر الوطن بممارسة خرابه ؟ . الإجابة على هذين السؤالين تتطلب البحث عن جواب لسؤال أخر أكثر محنة من الكتابة نفسها / هل نمتلك كتابا من هذا النوع ، بعيداً عن جنس الكتابة ونوعها ؟! . شخصياً أنا لا أعتقد بوجود كتاب يمتعون بهذه القدرة لتحقيق الهدف الأسمى ، وهنالك أسباب عديدة تؤكد ذلك ، وأن حاول البعض للإجابة على هذا السؤال من منطلق أخر فأنه سيكون واضحا وخاطئ في ذات الوقت ، والسبب بسيط وهو أن أغلب من كتب في هذا الحقل اليوم – أن صحة التسمية – فأنهم لم يتطرقوا لمحنة الكتابة لأنهم لا يدركون ذلك ، بالإضافة إلى أنهم لم يتواصلوا بعد مع جوهر المشكلة رغم بساطتها ، وهو خلع رداء الخراب الماضي لأنه مضى وصار طي التاريخ رغم وجعه الكبير ، والبدء من نقطة الحاضر وتمحيصه بالدراسة والنقد لتأتي بعد ذلك مرحلة خلق جديدة تتطلب الانطلاق من الحاضر والارتكاز على الماضي بكل معطياته التي تمنح هذه المرحلة قوة وعزيمة في طريق المواصلة والتغير ، هذا ما نحتاجه ، محنة الكتابة مرتبطة بعدم مصداقية الكتاب ، وخلاصها بخلاصهم .