23 ديسمبر، 2024 12:50 م

محنة العرب والخلاص خيمة فوق كل الخيم

محنة العرب والخلاص خيمة فوق كل الخيم

ما حدث ويحدث في اليمن هو النتيجة قبل النهائية للصورة التي ستكون عليها المنطقة العربية . اميركا في بداية امرها معروف عنها كونها وريثة للأستعمار البريطاني والفرنسي والايطالي في المنطقة العربية والعالم , داعمة لأسرائيل الكيان المسخ والعنصري اليهودي المتطرف داعمة له بشكل مطلق وكأنه جزء اساسي من الولايات المتحدة الاميركية , هذا ما عشناه ونعيشه حالياً مع خلق حالة من التوازن القلق من قبل الولايات المتحدة الاميركية في علاقتها مع الدول العربية الغنية بالبترول والتي تتمتع بمناطق استراتيجية جيوبولوتيكية يقابلها الضعف العام في الجانب العسكري لهذه الدول كصفة اساسية لها مع ضعف تفاعلها السياسي والاقتصادي مع بقية الدول العربية غير الخليجية منعكساً كحال تعيشه وتتعامل معه بما يحافض على مصالحها الذاتية كأنظمة مما يغري ويسهل على اميركا واسرائيل على بسط نفوذها وسيطرتها الا مشروعة الابتزازية والقهرية . هذا الحال ادخل دول المنطقة العربية في دوامة من القلق والصراع مع بعضها احياناً ومع اسرائيل واميركا احياناً اخرى على مدى عقود , والنتائج كما هي معروفة خسارة متوالية في الجوانب الاقتصادية والبشرية والجغرافية . طرحت حلول عديدة وافكار وآراء دينية وقومية وعلمانية لمواجهة هذه المسألة بشكل جدي وفاعل مثل موضوع الوحدة على الصعيد السياسي والعسكري والتكامل الاقتصادي , لكن ذلك لم يتحقق نتيجة ضغوط اميركية واسرائيلية وانانية بعض حكام دول المنطقة وارتباطهم بهاتين الدولتين , معتقدين بأنهما ضمانة أساسية لأستمرار وجودهم في سدة الحكم , الدول الاستعمارية لا تريد ولا تحبذ وتمنع كل تقدم وَتَحضّر خاصة في المجال العلمي والصناعي , والتاريخ شاهدعلى ذلك  وهذه بديهية منطقية لأنها تشكل خطراً على دول الاستعمار المعتدية وكذلك تخلق حالة من الاكتفاء الذاتي في مجال الصناعة بشكل عام العسكرية والمدنية تنافس هذه الدول , ومن الممكن حصول بعض الدول والحركات على صناعاتها العسكرية التي تناوء دول الاستعمار . يذكرنا التاريخ بهذا المنطق منذ الحرب الفرنسية البريطانية على مصر ايام حكم محمد علي باشا  فرض عليه الفرنسيون الامتناع عن العمل في مجال الصناعة , والى يومنا هذا بالرغم من حدوث تطور بسيط في مجال الصناعات الخفيفة المحدودة لبعض الدول العربية .

اميركا رفعت شعارمحاربة دول الشر الثلاث كما تدعي ( العراق وايران وكوريا الشمالية ) لم تحارب كوريا لأنها قوية في تسليحها واختبرتها مراراً من خلال كوريا الجنوبية وتدرك اميركا ان دعم الصين وفيتنام وغيرها من الدول يشكل عائقاً حقيقياً تجاه اميركا فيما اذا ما فكّرت في غزوها , وايران ايضاً لا تحبذ اميركا في دخول حرب معها لأسباب كثيرة , ليس منها قوتها العسكرية فالاسلحة الايرانية تعتبر لعب اطفال قياساً للأسلحة الاميركية , السبب الرئيس هوموقع ايران الجغرافي قريب على روسيا وهذا مهم جداً تحاول الدولتان اميركا وروسيا استغلالها واحدة ضد الاخرى كانت في زمن الشاه من اخطر القواعد ضد الاتحاد السوفيتي في حينه , واليوم تسعى اميركا لكسب ودها بعد ان تطورت علاقاتها مع روسيا بشكل يثير قلق اميركا , روسيا ساعية بجد لتطوير هذه العلاقة وهذا واضح من مواقفها تجاه ايران ودعمها لها لأسباب كثيرة منها عدم تدخلها في الشيشان عند الثورة الاسلامية فيها  ولا في آسيا وافريقيا والصين والهند . بينما دستور ايران يذكر ان ايران تساعد المستضعفين في العالم والضاهر المستضعفين فقط في العراق والبحرين ولبنان واليمن , وايضا اعتبار ايران سوق جيدة للسلاح الروسي وموقع ايران على الخليج العربي ومضيق هرمز والتأثير الديني الايراني على شيعة العالم العربي والعمل بهم وابعاد خطر ايران كقاعدة ضد روسيا ممكن استخدامها من قبل حلف شمال الاطلسي وتمتع ايران بمخزون كبير من النفط والغاز المادة الحيوية والمؤثرة في العالم , أرتأت اميركا ضرب العراق واحتلاله وتدميره بشكل كامل شعباً وارضاً فكان لها ذلك . ضامنة امور كثيرة في العراق والمنطقة , ما دفعهم لذلك عوامل غاية في الاهمية هددت وتهدد مصالح الدول الاستعمارية في المنطقة اميركا واسرائيل , ومن المعروف للجميع ان المستعمر ليس له صديق دائم بل مصلحة دائمة .

ضرف استثنائي حدث في المنطقة العربية والعراق أحدث شرخاً عميقاً وكبيراً في المنطقة العربية والطبيعة التي تسودها من نواحي مختلفة العسكرية والسياسية والاجتماعية وغيرها .

حرب 1973 احدثت زلزال رهيب لأسرائيل واميركا بالرغم من انها لم تأخذ مداها بشكله الكامل المعوّل عليه . مساهمة العراق والمشاركة في هذه الحرب على الجبهتين المصرية والسورية من خلال فعلها المؤثر بأستخدامها كافة صنوف واسلحة جيشها بالرغم من خلافها السياسي مع النظام السوري بقيادة حافظ الاسد . كذلك موضوع الحرب العراقية الايرانية التي قلبت المعادلة التي أُريدَ ترسيخها بأن العرب غير قادرين على خوض حرب واسعة وشاملة وعاجزين عن الاستمرار فيها فكان انتصار العراق بعد حرب دامت ثمان سنوات مع دولة تسليحها وعقيدتها العسكرية مشابه لأسرائيل وتفوقها بالمساحة والسكان أكثر من ثلاثة اضعاف , وأيضاً التطور الصناعي وخاصة في المجال العسكري وكذلك العلمي وهذا مهم للغاية آخر احصائية عن عدد العلماء في العراق بلغ 450 ألف عالم من حملة شهادات الماجستير والدكتوراه قياساً الى عدد نفوس العراق البالغة انذاك 30 مليون نسمة , فهذه النسبة والتناسب تشكل ضاهرة خطرة مستقبلاً تلوح بأخطار كبيرة على الدول المستعمرة اميركا واسرائيل .

اميركا ارتأت ان الحليف المجدي لها في المنطقة وفي هذه المرحلة الحرجة لها ولحليفتها اسرائيل هو التعاون مع ايران والتفاهم معها لأسباب عدة منها ضمان مصالحها وضرب وتدمير الحالة الايجابية التي بدأت تتبلور في المنطقة العربية من نواحي كثيرة منها الفعل العسكري الفاعل الذي شكل ويشكل خطراً على دولتي الاستعمار اميركا واسرائيل , وكذلك العمل على استنزاف وتدمير اقتصاد هذه الدول وتخريب نسيجها الاجتماعي وبنيتها التحتية وتعطيل مواردها البشرية بين القتل والتهجير والاستحواذ وخاصة نخبها الاجتماعية .

اميركا واسرائيل والمتحالفين معهما عملوا بجد وحرص على ذلك ولأستكمال هذا الموضوع والايغال فيه أطلقوا يد ايران في ذلك , مستغلين عداء الفرس للعرب منذ القديم . بعد الحرب العالمية الثانية اتفقت ايران مع بريطانيا على قتل الشيخ خزعل والاستيلاء على منطقة عرب ستان مقابل خضوع ايران لبريطانيا واعتبارها قاعدة رئيسية من قواعدها واليوم التاريخ يعيد نفسه ( خضوع ايران لأميركا وحماية مصالحها مقابل اطلاق يدها في المنطقة العربية وخاصة لبنان والعراق وسوريا واليمن ) وكذلك التقاء مصالح اميركا واسرائيل وايران في الانتقام من العراق والهيمنة عليه وسرقة ثرواته وتعطيل التنمية فيه ومنع تقدمه العلمي  وانعكاس ذلك على محيط الدول العربية وخصوصاً دول المواجهة أو المؤثرة  في مجال الصراع العربي الاسرائيلي .

تقرر تدميره بهذه الطريقة البشعة , فكانت ايران بعد اميركا مستغلة الطائفية والمذهب الذي غذته بحقدها وما بنت عليه منذ منتصف القرن الرابع الهجري بداية ضعف وانهيار الدولة العباسية خارجة عن الاسلام واهدافه ومراميه وما جاء من اجله بغية تخريبه وتدمير من ينتسب له بذرائع وحجج ما انزل الله بها من سلطان مستغلة جهالة من يهرولون ورائها من اجل المال والوجاهة والسلطة تاريخياً وحاضراً . وهذا ما اكدته الظاهرة الخمينية في كتابات الخميني وشريعة مداري ورفسنجاني وغيرهم من منظري الحركة . فحواها يلخصها الدستور الايراني مفادها ( ايران دولة اسلامية تتخذ من المذهب الشيعي الاثني عشري منهجاً لها ) فكان لها شأن في لبنان حزب الله بقيادة حسن نصر الله يسمح لنفسه بالتدخل في سوريا والعراق ولبنان ويستنكر على الدول التي تحافض على سيادتها تجاه من يريد بعثرة امنها واستقرارها من مواطنيها الشيعة المحرضين من ايران , وكذلك استخدام الاحزاب الشيعية والكيانات والمنظمات التي بنتها و طورتها ايران مثل ما موجود في العراق والبحرين والسعودية ولبنان وسوريا واليمن وغيرها من الدول . اليمن حالة من الحالات المخطط لها في هذا البرنامج الاجرامي المراد به واقع خطير مخيف يهدد دول المنطقة والعالم بالسيطرة على مناطق المياه الاستراجية موانئ وممرات وتهديد لأستقرار السعودية بأعتبارها المركز الديني الاسلامي السني الذي يقابل المركز الديني الشيعي الايراني تسعى ايران لتطوير التمرد الشيعي فيها واستخدامهم كجسر وذريعة لتدخلها في الشأن السعودي نفس نهج واسلوب القرامطة . ومن الامور المهمة التعتيم على ما يجري في العراق وسوريا من مذابح مروعة بحق السكان المدنين التي يقوم بها النظامين السوري والعراقي وبحجج واهية كاذبة ومصنوعة من قبل الاميركان والاسرائيلين وايران واتباعهم نظامي العراق وسوريا وحزب الله البناني والحوثين مستمرين في برنامجهم الاجرامي فكان لهم ما ارادوا من تدمير وسرقة وابتزاز وهيمنة مطلقة على كل ما يريدونه ونفذوا برنامجهم بكامل اهدافه وما رسموا له بل اكثر من ذلك ,

ماذا على الدول العربية ان تقوم به بعد تعرضها للتهديد الجماعي الخطر والذي لم ولن يستثني دولة من دولها . تحاول هذه الدول وعلى رئسها الدول الخليجية وخاصة السعودية والكويت المستشعرة للخطر القائم الذي يحدث في المنطقة الذي تديره ايران وتباركه اميركا واسرائيل , تحاول العمل على ايجاد وسيلة رادعة تحميها مما يجري وتسعى حالياً لخلق تشكيل عسكري موحد يحمي مصالحها ويدافع عنها ويكون بمثابة قوة ردع لمن يريد التجاوز والاعتداء , والمقصود الاول بهذه القوة هي ايران واذنابها في المنطقة العربية من التنظيمات الشيعية المرتبطة بها . .كل الدول العربية لديها جيوش ومن البديهي قيام رؤساء اركان جيوشها بوضع قائمة بالتهديدات والاخطار التي تحيق بالدول العربية صاحبة العلاقة وهذه الاخطار لها اسبقيات واحتمالات وكيفية التعامل معها ووضع ااساليب للقيادة والسيطرة وتوحيد الدفاع الجوي وطريقة حماية السواحل وعمل منضومات الصواريخ والقوات الجوية واماكن تواجدها , هذه من البديهيات المسلم بها , لكن اهم من ذلك  كله ضرورة وحدة القرار السياسيي ومركزيته وسرعة اتخاذ الاجراء لمواجهة الخطر المحتمل , وهذا الامر بالغ الصعوبة بين الدول العربية لأختلاف توجهاتها ونظرتها المختلفة للأمور واختلافها في تحديد أولويات المخاطر التي تحيق بالأمة وعدم الاتفاق على اساليب الصراع وادامته , وان حدث مثل هذا الاتفاق فسيكون آني ولفترة محدودة .

العرب بحاجة ماسة الى وحدة حقيقية تشمل كل جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والاتفاق على تحديد المخاطر وكيفية التعامل معها والعمل على تأسيس وانشاء خيمة فوق كل الخيم . غير هذا مستقبلهم مهدد ودولهم غير آمنة.